في البداية رحم الله جدنا المتنبي الذي عبّر عن مكامن نفوسنا في مناسبات كثيرة رغم بُعد الشّقة بيننا وبينه، ليصدح بصوته على لسان كل عربي حزين بأبيات متناثرة تعبر عن نفسيتنا وأستأذنه هنا بتحريف ابياته الشعرية كون الوضع الآن اختلف تماما يا جدنا الحبيب:
عيدٌ بأيّ (ذنبٍ) عدتَ يا عيــــــــــــــــــدُ بما مضى أم بأمر فيك (تنكيلُ(
نعم، بأي ذنبٍ عدت ياعيد ؟! ووطني الحبيب اليمن مترامي الأطراف ومتناثر الأركان فقد سلبوا ارادته وعزيمته لقد سرقوا ارضه والسماء نعم فعيدنا أصبح ملطخ بالدماء من عدو الداخل والخارج فالطائرات بدون طيار انتهكت سيادة اليمن واصبحت تغزوا كل منزل أي سيادة تلك التي يتحدثون عنها ويتشدقون بها،
نعم، بأي ذنبٍ عدت ياعيد ؟! وحوارنا لم يحقق أي نتيجة بل كاد يزيد الطين بله ، حوارنا أصبح لعبة خارجية بأيادي داخلية نعم فهو في الواقع مجرد مسرحية هزلية وفي الكتمان طبخة جاهزة لتحقيق مصالح شخصية داخليا وخارجيا
نعم، بأي ذنبٍ عدت ياعيد ؟! وأنات الفقراء في تزايد وصرخات الثكالى وعويل المساكين في تصاعد أي عيد انت والابتسامة غائبة عن وطني الضرير.
نعم، بأي ذنبٍ عدت ياعيد ؟! وفلسطين الغالية قد ضيعوها، وعراق الرشيد جرحنا الثاني النازف، الملايين من شعبه مشردة، وبنية تحتية مدمرة، ونهب وسلب لمقدراته، وفساد بالمليارات.... وسوريا يا حبيبة : ماذا حلّ بك وبشعبك العظيم؟!
وغزة ما زال أطفالها يعيشون الخوف والحرمان يوما بعد يوم، وما زالت محاصرة منذ سنين ممنوع عنها الدواء والغذاء! ودماء أبنائها يتجدد نزفها في كل رمضان وغير رمضان.
نعم بأي حال عدت ياعيد؟! والشعوب العربية تقتل مثل النعاج من قبل رعاتها، وحرائر تنتهك أعراضها، وجثث أبناء الأمة ملقاة في الشوارع تنهشها الكلاب، ومستشفيات تغلق في وجه المحتاجين من أبنائها، وشباب الأمة يحرقون أنفسهم قهرا وغضبا، وإلا تُمرّغ كرامتهم ويعذّبوا ويقتلوا...
بأي حال عدت يا عيد؟! والمساجد تنزف دما، والعروبة ثكلى، والعربي يتيم.... ودبابات الأمة التي كدنا ننسى وجودها في عالمنا العربي؛ لتمترسها على الحدود لا لحماية الشعوب من الأعداء، ولكن لحماية الأعداء من الشعوب!
بأي حال عدت يا عيد؟! وحكام الأمة مصرون على جعل شعوبهم تتمنى الاحتلال الصهيوني على احتلال الحاكم العربي وأسرته لهم، فقد أثبت أنه الأكثر فسادا وقتلا ووحشية وتدميرا.....
بأي حال عدت يا عيد؟! وزعماء الأمة أذلوها مرارا وتكرارا: حاكم تونس المخلوع يحاكم ب93 تهمة، وزعيم أكبر دولة عربية المخلوع أيضا في القفص
وزعيم محروق الوجه، وأجزاء من جسده مقطعة بعدما اغتاله شعبه لظلمه وخيانته وفساده.... مُصرّ على العودة إلى بلده لا حبا واشتياقا للوطن والأهل، ولكن للكرسي، لم يكفه أن شعبه لفظه وغنى له صباح مساء: ارحل...امش..! بل هو مصرّ على إيصال شعبه إلى الهلاك، فكرسيه يساوي شعبا كاملا!
وحاكم آخر شعبه يموت جوعا، وأكاد أجزم بأن ما يرمى من موائد رمضان وحده كفيل بأن ينقذ مئات، بل آلاف الأطفال الصوماليين! وهو ووفئات أخرى ما زالوا يتصارعون على السلطة! بل إنهم يسرقون ما يرسل للمتضورين جوعا من مساعدات قبل أن تصل لأفواه الجياع من أطفالهم!
نعم، بأي ذنبٍ عدت ياعيد ؟! وشعوب الأمة العربية قابضة على الجمر، كرامتها نازفة، وجيوب أكثرها فارغة، وفساد يحيط بها من كل حدب وصوب، وهي تدفع الثمن من قوت أطفالها، وظلمة حاضرها، وضبابية مستقبلها.....
أما المسلسلات الأكثر مشاهدة في رمضان هذا العام يا عيد: فصمتكم يقتلنا، وزعيم عربي في القفص، والزعيم تاجر المخدرات، والرئيس المحروق، زنقة زنقة، والكازينو الأردني..... والفساد في العالم العربي.. أما البرنامج الأكثر مشاهدة فكان: العربي المهان!
هذا هو حال عيد الفطر عند الأمة العربية يا متنبي لهذا العام، فكيف ستكون أعيادنا القادمة؟! ادعُ معنا لعل الله يرحمنا، وتعود علينا وقد تخلّصت الأمة من كل أشكال القتل والتعذيب والاحتلال والفساد.