*خطر النفاق الذي تجاهله تراثنا الاسلامي.!!*

2024/07/30 الساعة 08:53 صباحاً

 

*منصور بلعيدي*

ورد وصف المنافقين في قوله تعالى :(اتخذوا إيمانهم جنةً فصدوا عن سبيل الله) سورة المنافقون. 
وهدا الخطاب الرباني يشير الئ ان المنافقين لهم عمل افساد ثقافي وسياسي كبير وكانوا يحلفون بالكذب ليصدقهم الناس ( ذلك بانهم آمنوا ثم كفروا) وهذا هو نوع جديد من النفاق لم يتطرق اليه تراثنا الاسلامي ليكشف حقيقته للناس بل تجاهله تماماً. 

فمافي تراثنا الاسلامي ان المنافق هو من يظهر الاسلام ويبطن الكفر مثل عبدالله بن ابي بن سلول وليس ( يؤمن ثم يكفر) كما جاء في الآية. 

ولانعلم لماذا اغفل تراثنا الاسلامي ذكر هذه الصفة ( آمنوا ثم كفروا) وهي اساسية في سورة المنافقين تجعل هدا النوع من النفاق هو الاخطر ( ذلك بانهم آمنوا ثم كفروا).
ثم يصفهم الله بانهم كانوا قيادات وليسوا كما صورته لنا الثقافة الروائية في التراث بانهم معزولون وخائفون ويظهرون ما لايبطنون. 

ومن مفهوم الآية بانهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويفسدون في الارض:
( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) التوبة 67
( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون).البقرة11

وانهم كانوا مؤمنين ثم كفروا فطُبِعَ على قلوبهم ، لان من راى النور ثم ذهب الى الظلام يستحق ان يطبع الله على قلبه .

فحينما يذكر الله انه يضل أناس او يطبع على قلوبهم اويختم على سمعهم وابصارهم انما هي عقوبات على خير فرطوا فيه وهداية أعرضوا عنها
( ذلك بانهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم)
 وهنا جاء الطبع كعقوبة فالله يعاقب على الافعال ولايضل الناس ابتداء. 

كما ان قوله ( فطبع) جاءت بالفعل المبني للمجهول وكأن اعمالهم هي التي طبعت على قلوبهم كما بينه الله في آية اخرى فقال( كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون) وهنا السبب ماكانوا يكسبون. 
ثم يقول: 
( واذا رايتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كانهم خشب مسندة).
وهده صورة موحية توحي بانهم ذوو سمت حسن ومن قادة الراي والمسموع لهم وان لهم حيثية وحضور اجتماعي كبير وليس كما قالت كتب التراث انهم معزولون وخائفون. 
وانك ( اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم) كانهم وجهاء او حكام او اغنياء ذوو بسطة ونعمة ولباسهم يدل على  ثرائهم ( شياكة) بتعبير عصرنا. 
( وان يقولوا تسمع لقولهم).
 اي انهم اصحاب حجج تضليلية قوية وظاهر قولهم منطق.

تماماً كما هو عليه الحال في الوطن العربي والاسلامي اليوم.. 
حكام ونخب ثقافية وسياسية واعلامية يتحدثون بملئ اشداقهم عن الدين وهم يهدمون بناءه حجراً حجراً ويطبعون مع الصهاينة ويخونون الشعوب ويبيعون الاوطان.

والويل لمن يحاول كشفهم فلديهم اذرع متعددة للحرب.. 
- اعلامية: من الابواق الرخيصة والاقلام المأجورة. 
- وسياسية: يحرفون الكلم عن مواضعه لخدمة اسيادهم. 
- ثقافية: من المثقفين المأجورين الذين يزينون للحكام باطلهم .
- اجهزة امنية فتاكة لحماية سلطانهم . 
- دينية: من مشائخ ذيل بغلة السلطان الذين يفترون على الاسلام الكذب لارضاء اسيادهم ، وهم اصحاب فتوى:( لا يجوز ان ننتقد الحاكم وان زنا اوشرب الخمر على الهواء مباشرة) 

هؤلاء المنافقون يجسدون ( واقعاً) قول الله تعالى (واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كانهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم) 
يجسدونه بوضوح تام وكأن الاية تصفهم لاسواهم. 

طبعاً الخطاب الرباني التحذيري في سورة المنافقين لايحذر الرسول فقط ولكنه خطاب عام لكل المسلمين لتحذيرهم من المنافقين. 

والخطير في الامر ان الايات تؤكد ان للمنافقين امتداداً في الوسط المؤمن وحضوراً قوياً بوجاهاتهم ومكانتهم الاجتماعية والنخبوية لقوله تعالى: ( وفيكم سماعون لهم) وهنا الخطورة 
تكمن في خلخلة الجماعة المؤمنة عن طريق استغفال بادي الراي. 

ان وصف الله لهم بالخشب المسندة هو تشبيه بليغ يطابق حالهم ويوحي بانهم ميتون {معنوياً} فالخشب اليابسة لا تستقيم الا اذا اسندت الى جدار لانها ميتة والمنافقون كأنهم يستندون الى غيرهم لانهم اموات معنوياً. 
( واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون) فهم مع مظهرهم المبهر واكتمال اجسامهم  وحسن لباسهم وجمال منطقهم الظاهري الا انهم منافقون يقفون مع شياطينهم وقد يغتر بمظهريتهم بعض الصالحين فيكونوا من السماعين لهم وقد يصلون الى الاقتناع باطروحاتهم فيكفرون فيصبح المنافقون حينئذ فئة. 

اذا كان المنافقون كانوا بهذا الحضور القوي رغم وجود الرسول ونزول الوحي الذي يكشف ألاعيبهم فكيف سيكونون بعد موته.؟!

وهم اليوم قد كثروا وتوسعت دائرة انتشارهم افقياً ورأسياً في المجتمعات الاسلامية.. 
وهدا المنحى اغفله كاتبوا التراث الاسلامي والوعاظ والمحدثون وكأن النفاق انتهئ بموت الرسول وهو في الواقع ازداد وتنوع.. وهدا الربط غير سليم. 
(هم العدو فاحذرهم)  توجيه تحذيري من خطر المنافقين في كل زمان ومكان وانهم هم العدو ويجب الحذر منهم. 
 
2024/07/30 م