محمد علي محسن
لا أخشى على السوريين وثورتهم من تركيا ، او إيران ، أو روسيا ، أو أمريكا ، او حتى إسرائيل ، فهؤلاء واضحون وأمام الوجه وأن تعددت أو اختلفت اجندتهم ووسائلهم أو مصالحهم .
خشيتي من طعنات الإخوة الأشقاء العرب، وتحديدا ( الاشقياء )الأغنياء المعروفين ماضيا وحاضرًا بدعم الحكام الديكتاتورين الفاسدين ، فطعنات الشقيق غادرة وقاتلة .
وعندما اقول اشقائنا الاشقياء ، فذاك أنهم امتلكوا المال والسلاح والإعلام والحياة والتأثير ، لكنهم بالمقابل فقراء ، ويا للأسف .
وفقرهم للنموذج الحضاري الديمقراطي الإنساني أفضى بهم إلى قمع الأفكار الثورية ، وتوجيه أدواتهم ومقدراتهم لبقاء الجمهوريات متخلفة وتحت السيطرة ، بحيث لا يكون لهذه الأنظمة الجمهورية تأثيرًا نوعيا على مستوى الداخل أو الجوار والخارج .
الذي لا يقرأ التاريخ ، سيجد ذاته اسيرًا لتكرار تجارب خاطئة ، فمن يظن أن ثورات ما سمي بالربيع العربي خطيئة ، فلا شك أنه لم يتعلم من دروس التاريخ ، وما أكثرها ، أنه هنا يسير في ركب العبيد ولا يعلم .
يكفي أن نشير إلى أن ما حدث للجمهوريات العربية في الخمسينات والستينات ، يعاد إنتاجه وإن بصورة مغايرة.
الذين جهلوا أو أنهم لم يدركوا بعد حجم المال المُهدر لإسقاط هذا التغيير السياسي ، ينبغي لهم الان مشاهدة ما تواجهه الثورة السورية ، فبرغم مقاطعة أغلب الدول العربية لنظام الأسد طوال الفترة المنصرمة ، إلَّا أن الشقيق الغني لن يقدم دولار واحد ، نجدة ومساعدة للشعب السوري في ظروفه الراهنة .
وعلى العكس من ذلك ، لن يترك الشعب السوري يواجه تحديات ما بعد الثورة والسقوط ، سيخذله الأشقاء وسيذهب المال والسلاح إلى بقايا نظام طالما وصفوه بالشقيق العاق والجار الخائن لجيرانه وقومه .
هنالك ثمة عداء ما بين طرفين ، طرف ثائر حامل لمفاهيم ثورية داعية للتغيير وبقيم حداثية تحررية ديمقراطية ، وطرف مناهض رافض لا يستطيع التعايش مع مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة وحكم الشعب .
ويقينًا أن سوريا ستواجه ثورات مضادة مسنودة بالمال والسلاح والإعلام الشقيق ، ولا أظن اليمن وليبيا وتونس ومصر والسودان عنا ببعيد .
الأشقاء اعتادوا الوقوف في الناحية المناهضة لكل حركة أو ثورة أو دعوة لتغيير أو إصلاح لواقع الحال. تأملوا جيدا بما يقدمه الشقيق لهذه المجتمعات الثائرة على الظلم والطغيان .
ليتهم تعلموا من دولة الكويت معنى أن تساعد شعبا دونما تفرض عليه وصاية أو تذُله ، أو أنهم استفادوا من اوروبا وامريكا واليابان معنى أن يكون الإنسان حرًا في وطنه . أو أنَّ المجتمعات الثائرة استفادت من تجاربها الماضية ، على ما فيها من دروس وفوائد لمن يفهم ويتعلم .