كم هو مُحزن ومُؤلم حينما تُشاهد قادة وزعماء ورجال هذه الامة تتساقط على الارض وعلى ايادي ومخابرات اجنبية متعددة الجنسيات وتجمعها المصالح المشتركة لا داعي لذكرها.
في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2004 اُغتيل الرئيس الفلسطيني/ ياسر عرفات بمادة سامة في العاصمة الفرنسية باريس وعلى احد المستشفيات الفرنسية بعد عدة محاولات اغتيال كانت تقودها السلطات الاسرائيلية بمختلف الوسائل والامكانيات حتى اتخذ بعد ذلك جميع الاحتياطات اللازمة في حدود امكانياته البسيطة لإفشال عملية اغتياله في مقره المحاصر فيه من قبل القوات الإسرائيلية حيث لا ماء ولا كهرباء ولا زوار عرب رسميين.
عرفات كان على توقع بأنه سوف يتم تسميمه او اغتياله بأي وسيلة كانت وهو ما ابرم كما قال الاستاذ عبدالباري عطوان في مقال سابق على وضع قبضان حديد فوق سطح مقره لمنع هبوط طائرات عمودية للقيام باختطافه او التسلل على مقره واغتياله والذي حدث عدة مرات وايضاً اُغلق ثلاجته الذي تتغذى على تيار كهربائي من محرك صغير بقفل لا يحمل مفتاحه احد غيره،، وكانت تلك الثلاجة ملينة بالمعلبات الذي لا يأكل غيرها خوفاً من دس السم في الطعام وهو ما حدث بالفعل وكانت حالته الصحة تدهور وتتصارع مع الألم حينها شكك في الامر وادرك بأنه تم فعل ما كان يخشاه وهو السم، حيث كان وداعه لمحبيه عند وصوله مطار عمان الدولي كوداع الرجل الذي يعرف جيداً انه لن يعود حياً.
بعد وفاته في باريس ونقله على متن طائرة عمودية الى القاهرة في اليوم التالي ومن ثم الى رام الله في اليوم نفسه وسط حضور غفير من الشعب الفلسطيني يتراوح عددهم كما ذُكر آنذاك الى حوالي نصف مليون مواطن،، قام الفلسطينيون بتناقل الاخبار بوفاته مسموماً وهو ما جاء في التقرير الذي اعده مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس الذي كان محطته الاخيرة في الحياة ولكن لم يتم تحديد نوعيته وتم التغاضي عن ذلك الامر من قبل السلطات الفلسطينية في ذلك الوقت.
قبل ايام سمع العالم بأكمله خبر عبر محطات التلفزة يؤكد فيه عن وجود تقرير واضح من احد المراكز السويسرية يؤكد بان الرئيس الفلسطيني الراحل/ ياسر عرفات مات مسموماً بالبولونيوم النووي واشعته القاتلة.
ليس امراً سهل كهذا يُقال على هامش الاحداث المتدهورة في المنطقة ووسط فوضى عارمة في الشارع الفلسطيني ما بين التفاوض بين السلطات الفلسطينية وسلطات الاحتلال وبناء مستوطنات في الضفة الغربية.
هكذا تقرير يشير بأن اسرائيل هي وراء عملية اغتيال عرفات لكننا غير واثقين بما يؤكد ذلك كون الامر وملف الاغتيال قيد البحث والادلة الملموسة لكنه حتماً ما سيؤكد بأن اسرائيل وراء ذلك.
السلطات الفلسطينية التي على تمسك بإتمام عملية التفاوض مع الاحتلال تحت بند عملية السلام والتنازل عن المستوطنات وإخلاء سبيل الاسرى الفلسطينيين المتواجدين في السجون الاسرائيلية قد ربما تكون على حافة الانهيار سواء اذا تم الموافقة على ذلك او الانسحاب عن ما اذا صح الخبر عن قيام اسرائيل باغتيال عرفات من خلال البحث الجاري عن ملابسات الحادث. لأنه لا يوجد أي دولة متهمة بفعل ذلك واصابع الاتهام تشير الى ان اسرائيل هي وراء تلك العملية كون رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ارييل شارون الذي يقبع حالياً في احد المستشفيات في حالة غيوبة هدد اكثر من مرة باغتيال الرئيس الفلسطيني علانية لأنه رفض الاستسلام في منتج كامب ديفيد سنة 2000 والتخلي عن القدس المحتلة.
ثم نتساءل مرة اخرى من الذي قتل ياسر عرفات؟!
هذا ما سنعرفه وما سيؤكد لنا ويثبت لنا افكارنا وتوقعتنا من خلال البحث الجاري بملابسات الحادث من قبل اللجنة المكلفة بذلك الذي تتبناه السلطات الفلسطينية ومجموعة من الدول العربية والدولية.
اخيراً: اخشى على الفلسطينيين التدهور الانساني الكامل والاحتلال النصفي الآخر ونزع الحرية والكرامة المتبقية في قلوب الفلسطينيين من بعد ما تم التوصل الى بداية المطاف والجلوس على طاولة واحدة وتحت سقف واحد يتضمن عملية الدمار والتضرع والاحتلال الكامل لفلسطين وللفلسطينيين وليس عملية السلام والعيش الكريم الذي لم تتم فرصة لفلسطين نيلها كوسام الاستقلال والحرية الكاملة فكيف تتقلد الوسام الان وسط فوضى عارمة في تناقل الاخبار بشان اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
بقلم/ راكان عبدالباسط الجُــبيحي
كاتب صُحفي- يمني
[email protected]