مضى ما يقارب الشهر واكثر على المعارك الدامية في دماج محافظة صعدة بين وحشية الحوثيين "الشيعة" والسلفيين "السنة" ولا يزال الصراع قائم حتى الان.
ذلك المستنقع الدموي والتعصب الطائفي الذي تولى زمامها جماعة الحوثي بمختلف الاسلحة والآلات العسكرية الخفيفة منها والثقيلة ادت الى سقوط المئات ما بين قتيل وجريح.
لا احد بمقدرته تصور الاحداث التي تجري على الساحة اليمنية ما بين تكرار مسلسل الاغتيالات المتخلفة لقيادات سياسية وعسكرية ومدنيين وما بين التشاحن والتصارع الذي يحدث في دماج ضد ابناءها،، وبين ما تقوم به بعض من الجماعات المسلحة المتطرفة في كل مدن اليمن بأعمال اجرامية بمختلف انواعها في ضل غياب الامن يليها غياب الدولة كما هو واقع بالفعل.
رئاسة الجمهورية وحكومة الوفاق قامت بدورها في ذلك الوقت بشأن حديث دماج لكنه وللأسف الشديد ليس بالشكل التي يتطلب صعوبة الامر الواقع وكان هناك نوع من تقاعس الدور الحكومي في ذلك الامر،، حيث قامت بإرسال لجنة رئاسية الى منطقة دماج لتقوم بالتوصل الى حل ووقف اطلاق النار وانهاء الصراع الذي ادى الى سفك دماء المواطنين وتشريد الاهالي وإطالة الامر وامتداد الاحداث الى المناطق المجاورة حتى اصبحت ساحة قتال مسلح وبؤرة حرب طائفية..
فدماج ليست امريكا او اسرائيل كما يقول المواطن اليمني بل والعربي ايضاً وكاتب هذه السطور احدهم وهي تحت نار ملتهبة قادتها واشعلتها جماعة الحوثي بل لا اُبالغ ان قُلت بان دماج اعتلت مشنقة هذه الجماعة واصبحت على شفا جُرفاً هار والسلفيون هناك وبمساندة بعض القبائل المجاورة تتصدى قدر الامكان لتلك الغارات والقتل الوحشي.. وما قد يُغضب البعض وربما قد يصل الى مرحلة التشكيك وعدم الثقة بالروح الوطنية لأعضاء مؤتمر الحوار المتواجدون في قاعة موفمبيك الغير مهتمون بذلك وبما قد يلحق الضرر بالمدينة وباليمن ككل ان ازداد الامر سوءاً وتعقيداً وخصوصاً عندما يدركون بحتاً ان ايران وبجانب جماعات داخلية وبدعم حكومات خارجية متعددة الجنسيات هي وراء تفتيت النسيج اليمني وتشتيت شملهم وهي وراء تلك المعارك وبهذا الانتهاك الانساني والحقوقي فإنه ولا بد من القول والاشارة هنا بان سيادة الدولة قد حُرم وانتُهك وبطريقة مُباغته دون ادوات مُسبقة ومُعلنة وثارات قديمة ناهيك عن النزاع والتعصب المذهبي بين مختلف الطوائف والاحزاب الذي كان السبب في ذلك ويعتبر الجزء الفعَّال في هذا الصراع ولذا لا داعي لكل هذا التماطل والالاعيب التي تجري في مؤتمر الحوار الذي اهدر معظم الوقت واضاع فرصة تكوين قواعد واسس بناء الدولة واستنزف ملايين الدولارات ومع ذلك لم يخرج حتى الان بالشكل الطلوب منذُ الثامن عشر من مارس الماضي.
ومشكلة العنف في دماج تهم هي ايضاً القيادات السياسية بمختلف الحقب الوزارية والبرلمانية دون استثناء كونها تحضا بالسلطة المطلقة والصلاحيات الكاملة واصدار القرارات وهذا يؤكد بأن هناك خلخلة توازنات داخل حكومة الوفاق بين مختلف الاحزاب والمكونات السياسية والذي لم يستطع المجلس بتكرار واستمرار اجتماعاته الاسبوعية او الطارئة ان يتخذ أي قرار صارم اتجاه جماعة الحوثي الذي قامت بتحويل دماج الى بحويرة دم،، ولذا فإن اطالة هذا الامر وعدم النظر من طرف الرئيس هادي وحكومة الوفاق والضرب بيد من حديد قد يصعب مسألة مأساة الاهالي وتضليل مساحة الحل دام الصراع في دماج لا زال قائم وهو سيد الموقف والمتحكم بمطرقة الاجرام.
ثم وهو الاهم مما سبق ذكره قبول بل ومواصلة مُمثلي تلك الجماعة الذي تلطخت اياديها بدماء اخواننا في دماج بمواصلة مشوارهم العملي ومتابعة نشاطاتهم في مؤتمر الحوار وبصورة كبيرة دون تعليق مشاركتهم وفي الوقت ذاته دون الوقوف يد واحدة وبعزيمة وثبات انساني واخواني قبل ان يكون سياسي ضد ما يحدث في دماج،، وان حدث ذلك بالفعل وكان هناك نوع من الحزن والغضب في وجوه بعض الاعضاء في مؤتمر الحوار فإنهم قلة قليلة لكنه ليس بالشكل المطلوب الذي يفرض نفسه كنقطة تحول لتضميد الجرح الملتهب في جسم دماج وانهاء الصراع كونه يهدد خطر اكبر في اليمن وهو سفك دم المواطن دون أي مبرر وانتهاك حقوقه التي لا زال متمسك بها ونهب ممتلكاته التي كانت فريسة سهلة لأسود الغابة بتهديد السلاح.
اخيراً: ادعوا فخامة الرئيس هادي وحكومة الوفاق ومؤتمر الحوار الى سرعة وقف نزيف الدم الذي سيري في عروق دماج وفعل حد لتلك الانتهاكات المتكررة وقطع شريط التهاون والتقاعس الحكومي في امر جماعة الحوثي والجماعات المسلحة الأخرى الخارجة عن القانون وأيضاً وقف مطرقة الصراع وساعة الدوران العكسي وبوصلة التوازنات في ارجاء اليمن بما في ذلك المحافظات الجنوبية ومدينة صعدة لا سيما محافظة تعز الذي تزداد خطورتها الامني مع انتشار التقطعات القبلية وحمل السلاح يوماً بعد آخر دون تريك ساكناً في ذلك الامر من المعنيين والمكلفين بذلك وخصوصاً في الوقت الذي يتزامن معه اعلان واشهار تعز عاصمة للثقافة اليمنية لكنه وللأسف ربما تنقلب البوصلة الزمنية ويحدث العكس وتصبح تعز ساحة للصراع القبلي ولحمل السلاح وانا على توقع بل وتأكيد حازم انه مهما يتم تغييرات وقرارات وخطوات اتجاه تعز فالخطر لا يزال قائم والجماعات المسلحة لاتزال هي المتمسكة بعجلة القيادة والمواطن هو من يدفع ثمن ذلك،، إلا في حال كان هناك حد لضبط وشحط الامن وربط عقدة تلك الجماعات المسلحة والتقطعات القبلية وكسر شوكتهم حينها يمكننا القول بأن تعز ليست مستعدة انما تتأهل لتكن عاصمة للثقافة اليمنية.
بقلم/ راكان عبدالباسط الجُـــبيحي