دون شك أن لازمة بين الشمال والجنوب هي أزمة شراكة وبالتالي أصبحت الوحدة في خطر وفي صورتها القائمة لا تلبي طموحات وأمال الشعب في الشطرين شمالا وجنوبا بل تخدم القوى المهيمنة والاستبدادية المتنفذة . كان لابد أن يصحح الحوار مسار هذه الوحدة وبصورة ترضي الجميع وتوافق الجميع على الفيدرالية وهي صيغة وحدوية جديدة بديلا من الصيغة التي كانت قائمه وهي الوحدة الاندماجية التي أفشلها النظام السابق و انقلب عليها في 1994م وحولها إلى وحدة ضم وإلحاق . بما أن جذر المشكلة هي صيغة الوحدة بين الشمال والجنوب كان لابد أن يكون الحل يتناسب مع هذا الجذر ويرسم صيغة للوحدة بين الشطرين الشمال والجنوب كإقليمين شمالي وجنوبي يحافظ على الشمال موحدا والجنوب موحدا ويربط الشمال والجنوب بصيغة فيدرالية تحافظ على وحدته وأمنه واستقراره . غير ذلك هو تحايل وتهرب من المشكلة القائمة بإنتاج مشاكل فرعية جذورها يهدف للتتويه وحماية المتسببين ومنتجي معضلات الماضي أي تهرب من حل المشكلة الحقيقية إلى جانب حماية مصالحهم وتقسيم مراكز نفوذ لهذه القوى . من العيب استغفال عقول الجماهير التي عاشت وعانت الماضي وماسية والتنكر لما حدث وأوصل البلد لما نحن فيه . تقارير القوى السياسية حول جذور وتداعيات المشكلة كانت واضحة واليوم يتنكرون لها هذه مفارقة عجيبة من عجائبهم التي ملينها وعانينا منها كثيرا في ما مضى أن ما يحدث يبرهن من دون شك أن النمو والتطور والنهوض لا يمكن أن يتم وهذه القوى قوى الماضي في سدة القرار والشراكة لأنها المعيق الأساسي لذلك عليها أن تترك المجال لقوى الحداثة والبناء تسير بعملية التغيير والبناء للأمام ليس من العدل أن تعيق مستقبلنا كما أعاقت ماضينا . والواضح أن هذه الإعاقة تأخذ أشكالا مختلفة أصبح المواطن المستوعب والمستذكر جيدا أحداث الماضي يوجه أصبع الاتهام لما يحدث للوطن والمواطن لهذه القوى لأنها أثبتت أنها صاحبة المصلحة الحقيقة في إعاقة التغيير والبناء . وليعلم الجميع أن تحالفات الماضي للانقلاب على الحاضر والمستقبل لم تعد مجدية فالشعب قد اكتوى بنارها التي أشعلتها هذه التحالفات وأنتجت معضلات ومشاكل عدة ومتشعبة ولم تنتج حل يذكر وهو ألان أكثر حرصا من ما مضى وأكثر إصرارا على المضي للغد المشرق الوضاء . هل تعي هذه القوى أنها لم تعد قادرة على أدارت البلد في المرحلة القادمة بعقولها المغلقة والهيمنة والاستبداد وان الشعب قد تحرر من التسلط ولم يعد يقبل ذلك وان المرحلة القادمة بحاجة إلى عقول متفتحة ونفوس طاهرة وصافية من صراعات الماضي ولكل مرحلة رجالها وانتم مرحلتكم ولت ولم تعد تنفع أساليبكم وممارساتكم التي ستا ؤول للفشل بإذن الله تعالى كما يقول المثل اللبناني من يريد أن يجرب المجرب عقلة مخرب . المرحلة القادمة هي مرحلة الشباب ومستقبلهم الذي ينتظرونه وهم عماده هل نترك الفرصة لهذه الشريحة الكبيرة في الوطن أن تكون أساس وحجر الزاوية في عملية البناء ورسم ملامح المستقبل أما الحرس القديم الذي لم يعد أمامه سوى عشر سنوات كحد أدنى للحياة أن يكون مستشارا وموجها دون أن يكون واصياً عليهم وفارضاً عليهم حلولا جاهزة أو قناعات غير مرغوبة . وعلى الشباب أن يتحرر من تسلط قوى الماضي ويستقل عنها وان لا يضع نفسه تحت خدمتها أو منفذا أجندتها أو يكون جزا من صراعاتها المدمرة وان لا يرى سوى مستقبلة ومصالح الوطن العلياء وان يكون القوة الدافعة للبناء والنهوض والتطور نحو المستقبل المنشود وكان الله في عونهم في مواجهة غول الجهل والتطرف .