رجل الأعمال والاقتصاد خالد عبد الواحد يقدم وجهة نظر شخصية حول التطورات المحتملة في حرب أسعار النفط
2016/01/21
الساعة 04:12 صباحاً
(هنا عدن -خاص)
20 يناير 2016م
اعداد : م / خالد عبد الواحد محمد نعمان
أعزائي في الديوان الإقتصادي والمالي المحترمون
أطلعنا على العديد من المقالات والتحليلات في هذا الديوان ، حول تطورات أسعار النفط وإحتمالاتها المستقبلية ، والتي ذهب البعض منها إلى إستنتاج بأنها يمكن أن تتطور إلى حرب كونية ، والبعض الآخر ،قال أنها يمكن أن تتحول إلى حرب اقتصادية نفطية مستعرة قد تؤدي الى ان تفلس فيها بعض الدول ، والبعض قال أنها زلزال إقتصادي وسياسي من العيار الثقيل ، قد يصيب العالم بأزمات إقتصادية وإجتماعية حادة ، وغيرها من التوقعات والإحتمالات التي ناقشت هذه القضية من زوايا مختلفة .
لذا قررت ، أن أخوض في غمار هذا الموضوع ، إستنادا الى خبرتي المتواضعه في هذا المجال ، وسأحاول أن أفند بعض القضايا المرتبطة بهذا الموضوع ، إستنادا إلى المعطيات التي أعتقد بصحتها في هذاالجانب .
ولأبداء بمناقشة موضوع :
1 ) الحرب الكونية العسكرية بسبب النفط :
لأ أعتقد مطلقا بإمكانية حدوث حرب عسكرية كونية ، بسبب النفط وأنتاجه وأسعاره وتسويقه ، وأوكد أنها مستحيله للأسباب التالية : -
أ- لم يعد قرارا الحرب العسكرية الكونية بيد أي ديكتاتور يمكن أن ينطلق من أي من البدان الكبرى أو المتوسط ، أو أن تهدد بها أي دولة من دول العالم ، لأن قرارت الحرب وتحريك القوات المسلحة في البلدان الكبرى ، أصبحت بيد الشعوب من خلال برلماناتها ومنظمات الضغط المجتمعي . وكلنا يعرف بأن بعض البرلمانات الأوربية وفي أمريكا منعت االحكومات حتى إرسال قوات إلى بعض المناطق الملتهبه ، وبالتالي فلا يمكن أن يتخذ أي ديكتاتور مجنون أي قرار بالدخول في حرب كونية مهماكانت الأسباب
ب- إن التطور التكنلوجي الرهيب والمستمر على مدار الساعة وبالذات في المجال العسكري وتوفر السلاح النووي لدى العديد من الدول الكبرى وحتى وصل إلى الدول الصغري ( مثل كوريا الشمالية ) من قنابل ذرية وهيدروجينية وصواريخ بالستية تنقل وتستخدم هذا السلاح عبر القارات عن بعد ، بواسطة التحكم بها عبر الإقمار الصناعية والتكنلوجيا الرقمية المتطورة ، قد خلق حالة من التوازن العسكري بين القوى الكبرى في العالم ، تجعل من أي تفكير بالحرب الكونية عبارة عن دمار شامل لكل العالم ، اكان علئ المعتدي اوعلئ المعتدي عليه. ولا يعقل ان تقدم عليه اي جهة في العالم ولو بالصدفه ، لان التحكم بهذه الاسلحة قد قيدت بمنظومات رقابه وتحكم معقده لا تخضع لمزاج او قرار شخص واحد بمفرده
ت- إن الإدعاءات التي كان ومازال يروجها الإشتراكيون واليسار عموما بأن مايحرك سياسيات الدول الكبرى ويزجها في الحروب هي نفوذ تكتلات الصناعات العسكرية الكبرى ، ونفوذ اللوبي اليهودي / الصهيوني المسيطر على منظومة البنوك والتمويل الدولية ، والمسيطر على منظومة الأعلام الدولية ، فهذا إلى حد ما صحيح ، ولكن لأغراض زيادة في مخصصات وموازنات الدفاع العسكرية أو السيطرة على الفائض النقدي العالمي أو التحكم في عقول الناس ، ولكنها كل ذلك في إطار تحقيق المصالح بمفهومها الشامل أكان المالية أو المادية أو المعنوية ولكن في إطار مفهوم الBusiness والعائد ، ولكن ليس إلى درجة إستحثاث إشعال حرب كونية . وليس بمقدور هذا النفوذ ان يحفز او يدعوا الى دمار شامل للعالم
ث- لم ينزل الله بأي أيات صريحة في ألقرآن بان الحياة البشرية ، ستنتهي بحرب كونية ، بل أنبأنا الله في كتابة العزيز في سورة " الزمر" السيناريو الواضح والصريح لنهاية العالم في الدنيا ، وهي النفخة الأولى ، والتي سيصعق فيها كل من في السموات والأرض الأّ من شاء الله ، ثم في النفخة الثانية يقوم من في السموات والأرض ، لتشرق الأرض بنور ربها ويوضع الكتاب ، ليقضي الله بينهم بالحق بدء بالنبيين والشهداء وإنتهاء بجميع من في الأرض والسماء. لذلك ليس من بين هذا السيناريو أن ينتهي العالم بأي حرب كونية من صنع البشر . وأي تأويلات أخرى عن التنبؤ او العلم بقيام الساعة هي من صنع البشر ، ولايعتد بها .
2 ) الحرب الإقتصادية بسبب النفط ومآلاتها :
لاشك بأن الحرب الإقتصادية بسبب النفط إنتاجا وأسعارا وإستهلاكا ، ستستعر بين الدول المنتجة ذاتها وبين المنتجين والمستهلكين وبين الشركات الكبري المنتجة والمسوقة للنفط بينها البعض وبين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط . وكل ذلك يمكن أن يحدث ولكن في إطار ثوابت أساسية لعل أهمها العرض والطلب . وقد تؤثر عوامل الإختلافات الجيوسياسية ، وتباين المصالح والمنافسات المشروعة وغير المشروعة بين المنتجين أنفسهم ، والمستهلكين والمنتجين ، وبين الشركات الكبرى المنتجة والمسوقة للنفط بين بعضها البعض أوبينها وبين الدول المنتجة أو المستلهلكة . لذلك دعونا ننظر للمعطيات التالية ، لنصل بالإخير إلى الاستنتاج الي أي مٱل ستؤول إليه هذ الحرب الإقتصادية : -
· هناك خلافات جيوسياسية عميقة بين منتجى النفط الكبار وبالذات بين مجموعة أوبك ( السعودية والخليج والجزائر ونيجيريا وأندنوسيا ,إيران وغيرها من دول أوبك ) وبين مجموعة الدول خارج منظمة الاوبك وبالذات روسيا وفنزويلا . بل وقد دبت خلافات عميقه مؤخرا بين دول اوبك ذاتها حول حجم الانتاج والاسعار . وترك الحبر علئ الغارب لكل دولة ان تحدد حجم انناجها كيفما شاءت .
* هناك خلافات سياسيه وحرب اقتصادية عميقه وحادة ، وصلت الى حد كسر العظم بين السعوديه وايران ، واستخدم فيها انتاج واسعار النفط سلاحا مباشرا في هذه الحرب . ولاشك ان هناك حربا عسكريه ضروس بين البلدين ، تدار بالنيابه عن هذه البلدان في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن . ولكن هذه الحرب العسكريه لسنا بصدد تناولها في هذا الحيز . وسنعود لها في مقال اخر . اذا لزم الامر وبالدات التي تدور رحاها في اليمن ، وهي لاشك حربا شرعيه بالنسبه للسعوديه وحلفاؤها . ونعود الئ الحرب الاقتصادية بين البلدبن في مجال النفط ، حيث يبدوا ان السعودية قد تفوقت في حربها مع ايران وكسرت عظمها حتئ الان ، وتحكمت بالاسعار والانتاج بما يحقق ضررا كبيرا علئ ايران واقتصادها . ولكن في ظل المعطيات الجديدة المتمثله في رفع الحظر عن ايران بموجب الاتفاق النووي مع الغرب وامريكا فان ايران قد تستطيع رفع انتاجها وبالتالي قد تتمكن من الخروج من الحصار السعودي وخاصة اذا استعادت ايضا اموالها المحتجزة المقدره ب150 مليار دولار واكثر . ولا نستطيع ان نتوقع السيناريو القادم لهذه الحرب الاقتصادية بين البلدين ولكن يمكن التنبؤ بما يستطيع البلدان من قدرة علئ المساهمة في الانتاج العالمي للنفط من كل منهما
* ان اللاعبين الاساسيين في مجال انتاج وتسويق واستهلاك النفط وتحديد اسعاره ، هم ثلاثة لاعبون ، وهم :
الدول الكبري المنتجة للنفظ والتي لديها معظم الاحتياطي النفطي العالمي ( وهي تحديدا السعودية والعراق وايران والكويت والامارات وليبيا والجزائر وروسيا وامريكا وكندا وفنزويلا والنرويج ونيجيريا والمكسيك وانجولا ، وغيرها
والشركات الكبرئ المنتجة للنفط والمسوقه له ونذكر بعضها وهي ارامكو واكسن وموبيل وبي بي وشل وبروم وروسنفنت و لوك اويل والشركة الايرانيه للنفط وغيرها
والدول المستهلك الكبري وفي مقدمتها امريكا والدول الاوربيه والصين واليابان وكوريا ودول شرق اسيا . كل هذه الجهات الثلات ليست موحده فيما بينها علئ الاقل ، فيما يتعلق بالتنسيق فيما بينها في مجالات انتاج وتسويق واستهلاك النفط وتسعيره ، وكل يستخدم ميزاته النسبيه للتفوق علئ الاخر والمنافسة بينها لمصالحها الخاصة وليس لاستقرار سوق النفط انتاجا واسعارا . بل عائ العكس فان الولايات المتحده الامريكيه واوربا تلعب دورا كبيرا في التحكم بالاسعار من خلال زيادة مخزوناتها الاحتياطيه للتحكم بالاسعار ، بينما في المقابل تقوم بعض الدول العربية بزيادة الانتاج لكسر دول اخرئ كايران وروسيا اقتصاديا والنتيجه انهيار كبير في الاسعار من 110 دولار في عام 2014م الئ ان وصل الئ اقل من حاجز ال 30 دولار بنهايه عام 2015 .
* ان هذا التنافس في زيادة الانتاج قد يؤدي الئ ازديادة حدة الهبوط في الاسعار وخاصة فان ايران بعد تحررها من الحظر اادولي قد تتمكن من زيادة انناجها بنهاية هذا الشهر الئ 3.8 مليون برميل يوميا ويمكن ان يصل انتاجها ال 7.8 مليون برميل في نهاية هذا العام ، بينما روسيا قد وصل انتاجها الئ 16 مليون برميل يوميا وهي اذا ما تحالفت مع ايران ( روسيا وايران ) فقد يصل مجموع انتاجها الئ 24 مليون برميل يوميا ، بينما السعودية تنتج حاليا حوالي 10.8 مليون برميل وقادره لزيادته الئ حوالي 12.0 مليون برميل يوميا وتشكل مع دول الخليج مجتمعه انتاج حوالي 20 مليون برميل يوميا مقابل 24 مليون برميل لتحالف روسيا وايران . وكل هذاالحجم الكبير من الانتاج سيؤثر حتما علئ الدول المنتجه ذاتها من خلال الاستمرار في انخفاض الاسعار ، وستتاثر كل هذه الدول اقتصاديا ، بهذا الانخفاض بدرجات متفاوته ولكنها ستكون كبيره وخاصة وان كل اقتصاديات هذه البلدان تعتمد علئ مداخيل النفط بنسب مابين 75 % الئ 90 % من صادراتها ومن ايراداتها . وسيكون الضرر اكبر علئ كل من ايران وروسيا ، باعتبار ان تكلفة انتاج النفط فيها ارفع من تكلفة الانتاج في الدول الخليجيه . علما بان حوالي اكثر من 12 دولة من الدول الكبرئ المنتجة للنفط قد اضحت الاسعار الراهنة اقل من تكلفة انتاجها ، وقد لاتستطيع الاستمرار في الانتاج بهذه الخسارة الكبيرة المتوقعه . وقد بدات الجزائر بالتوقف عن الانتاج حسب افضل علمنا
* لقد حفزت الارتفاع في اسعار النفط خلال الاعوام الماضيه الئ لجؤ العديد من الدول وفي مقدمتها الو لايات المتحده الامريكيه الئ التنقيب عن النفط الاحفوري ( الزيت الصخري ) وقد حققت نجاحا كبيرا حيث ارتفع انناجها من 5.5 برميل يوميا الئ 9.6 برميل يوميا وبالتالي كانت ستبداء الاستغناء عن النفط العربي ، كما تبعتها دول اخري كفنزويلا في استخراج الزيت الثقيل والنرويج وبريطانيا للاستكشافات في اعالي البحار وكندا للاستخراج الزيت الرملي ، والصين باستخدام الحفر النظيف بضخ البلازما . ولكن كل هذه التقنيات الحديثه مازالت كلفتها عاليه جدا وتتجاوز ال 50 دولار للبرميل وقد حفر تطوير التكنلوجيا في هذه العمليات الئ امكانيه تخفيض الكلفه بنسبة 30 % . ولكن هبوط الاسعار الئ المستوي الذي وصلت اليه قد يؤدي الئ توقف هذه العمليات او بعضها من وجهة نظر الكلفة الراسماليه الكبيرة لتنفيذ هذه المشروعات ناهيك عن ان كل هذه الاستثمارات المنفذه نفذت عبر تمويلات ائتمانيه مكلفه . عموما هذه المشروعات الجديدة في هذه البلدان قد تضع تحديا جديدا علئ الدول الكيرئ المنتجة للنفط بالطرق التقليديه . ولذلك ستحاول البحث عن مجال للبقاء
لذلك امام كل هذه المعطيات التي ذكرناها ، لا يمكن ان تستمر الحرب الاقتصادية وحرب اسعار النفط ، الئ ما لانهايه . بل ان عامل العرض والطلب سيفرض نفسه علئ الجميع وسيؤدي الئ ان يتوصل الجميع وبالذات اللاعبين الكبار الئ الوصول الئ تسويه جبريه في منتصف الطريق للوصول الئ سعر لا يتجاوز ال 50 دولار ولا يبنخفض عن 30 دولار . وبالتالي فلن تستمر هذه الحرب اكثر من عامين علئ اعلئ تقدير وسيستقر السعر والانتاج الئ حدود معقوله مقبوله لجميع اللاعبين .
اما التاثيرات لهذه الحرب الاقتصاديه علئ اايمن فسنتناولها في مقال اخر ،
وارجوا ان اسمع منكم تعليقات او مداخلات عن القضايا المعروضه ، لاني لا ادعي امتلاك الحقيقه كلها ولكن هذا اجتهاد قد يصح فلي اجري وان لم يصح فلي ثواب الاجتهاد . وشكرا
م/ خالد عبد الواحد مجمد نعمان : مشرف الموقع