نازحو كرش: 3 أعوام من التشرد والحرمان
لحج - عبد الله مجيد
أدت تداعيات الحرب، التي شارفت على دخول عامها الثالث، إلى تشريد معظم سكان مديرية كرش، شمال محافظة لحج، وانتشارهم في عدد من مديريات المحافظة ومدينة عدن. موجات النزوح بدأت في اليوم الأول من المواجهات التي اندلعت، في 23 مارس 2015م، بين القوات الموالية للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وبين «أنصار الله» والقوات المتحالفة معها. ومنذ ذلك التاريخ، نزح ما يزيد عن 3000 أسرة، لاسيما من مناطق الجريبة، حدابة، الحدب، حرذ، السفيلى، حبيل الأحناش، قرنة، الحويمي، والسوق العام في كرش، إلى المديريات المجاورة كالقبيطة، والمسيمير، والحوطة، وتبن، وصبر، ويافع، فيما نزحت أسر أخرى إلى مدينة عدن، هي مِن مَن مكنتها ظروفهم المادية من العيش في المدن، أما الباقون فقد اضطروا إلى العيش في مبان قديمة وسط الجبال، كان يستخدمها الرعاة لإيواء مواشيهم في فصل تساقط الأمطار، أو تحت الأشجار بالقرب من مجاري السيول.الأمطار تفاقم المعاناةيقول المواطن، نجيب عبادة، بينما يشير بيده إلى صدر جبل الجدر في منطقة حدابة: «اضطررت أنا وأسرتي إلى السكن في ذلك البيت، الذي كان يستخدمه الرعاة في الماضي لإيواء مواشيهم، واليوم أصبح سكناً لي ولعائلتي». ويضيف، أثناء حديثه إلى «العربي»، أن «المكان مليء بالثعابين والعقارب، وقد تعرض ابني محمد (7 أعوام) الشهر الماضي إلى لدغة ثعبان، وتم إسعافه حينها إلى مستوصف الربوع وتعافى ولله الحمد».ويتابع: «برغم ما نعانيه هنا، نجد أنفسنا أفضل من الآخرين بكثير إذا ما تمت المقارنة، فهناك كثير من الأسر خصوصاً ممن تأخروا بالنزوح لم يجدوا لهم مساكن فاضطروا إلى العيش في بيت واحد، بما يتجاوز في بعض الأحيان الثلاث أسر في البيت الواحد، وهو ما يشكل عبئاً وازدحاماً كبيراً عليهم، وآخرون حولوا مدارس وبعض مساجد المنطقة إلى سكن بعدما لم يتمكنوا من الحصول على منازل فارغة».وتشهد مناطق المديرية هذه الأيام تساقطاً للأمطار بغزارة، وهو ما يفاقم من معاناة معظم الأسر؛ كون بيوتها مهدمة الأسقف ولا تحتوي نوافذ أو أبواباً محكمة، كما يقول المواطن، فيصل شاهر الصبيحي. ويشير الصبيحي إلى «(أنني) أسكن أنا واثنين من أبنائي وزوجتيها وأفراد العائلة في بيت بمحاذاة وادي الربوع، فأثناء تساقط الأمطار نجد أنفسنا وكأننا في العراء، فسقف البيت قديم ومن تراب لا يقينا من المطر، وكذا النوافذ، الأمر الذي يتسبب بتلف ما في البيت من دقيق وسكر، وما إلى ذلك من مواد غذائية واستهلاكية». ويضيف شاهر، لـ«العربي»، أن «هذه المعاناة باتت ملازمة لنا لما يزيد عن العامين ونصف العام، ولا أمل بانفراجها على المدى القريب».تشريد لا «تحرير»منذ أسبوعين، تقدمت قوة عسكرية تابعة للرئيس هادي إلى مناطق شمال كرش بهدف «تحريرها» من قوات «أنصار الله»، غير أنها لم تحرز أي تقدم يذكر، وتسببت بتشريد الأهالي منها، وتعريضها لقصف عشوائي وتلغيم طرقها من قبل «أنصار الله» لمنع أي تقدم لقوات «الشرعية».وأفاد مواطنون نازحون من قرى الضاحي، لـ«العربي»، بأن مناطقهم «باتت تستقبل قذائق الهاون والهوزي بشكل يومي، مُعرِّضة الكثير من المنازل للهدم بعد أن شرد أهلها»، مطالبين السلطة المحلية في المديرية بـ«الإسراع في إنقاذهم بتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من معاناتهم». كما ذكر مواطنون، لـ«العربي»، أن «ما يزيد عن 350 أسرة نزحت خلال الأسبوعين الماضيين إلى المناطق المجاورة كحقب، ومحصوص، وزيق الأسفل والأعلى، فيما لا تزال موجة النزوح مستمرة نتيجة لاستمرار القصف المتبادل».وتعد مناطق الضاحي، قداش، حقب، حبيل الأسود، حبيل معجم، النويشع، اللصب، محولي، والشرجة، أكثر المناطق التي تشهد نزوحاً للأهالي لوقوعها في خط التماس بين طرفي القتال.وشدد مدير عام المديرية، عماد أحمد غانم، على «ضرورة التواصل مع المنظمات المعنية، وفي مقدمتها الهلال الأحمر الإماراتي، للتحرك الإنساني العاجل لتقديم الخيام والمساعدات الغذائية والإيوائية لإنقاذ الأسر النازحة والتخفيف مما تعانيه».إتهاماتواتهم نازحو كرش قيادة «المنطقة الرابعة» و«التحالف العربي» بعدم الجدية في «تحرير» مناطقهم لتمكينهم من العودة إلى منازلهم، وتحويل الجبهة إلى «ارتزاق للمقاولين»، مهددين في الوقت ذاته باللجوء إلى الاحتشاد والاعتصام أمام مقر «التحالف»في عدن في أقرب وقت في حال عدم التجاوب مع مطالبهم.
