�ند انطلاق الشرارة الأولى لثورة الشباب السلمية في فبراير من العام 2011م وبدأت الاعتصامات السلمية والمسيرات الاحتجاجية انخرط العديد من أنصار الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية في صفوف الثوار ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وكان العديد من العقلاء والكتاب يدعون إلى الانخراط في الثورة بشكل كامل لتوحيد الجهود لإسقاط النظام الذي تسبب في ظهور القضية الجنوبية بسبب سياساته الفاشلة والممارسات الإقصائية التي أعقبت حرب صيف 94م. أمين عام الحراك الجنوبي العميد عبدالله الناخبي كان أبرز قيادات الحراك التي طالبت بالانضمام لثورة الشباب في أكثر من مناسبة وحضر العديد من فعاليات الثورة وساحاتها في عدن وصنعاء وإب وتعز وغيرها من المحافظات ممثلا عن الحراك الجنوبي، لكن الافتراق الأول حدث عند الإعلان عن مبادرة تقدمت بها دول الخليج العربي في الثاني من إبريل وقبلت بها أحزاب المعارضة وهو ما اتخذه الحراك ذريعة لاستئناف فعالياته المطالبة بالتحرير واستعادة الدولة بمسيرة اسبوعية كل يوم خميس تحت مسمى يوم الأسير الجنوبي. كانت الفعاليات والمسيرات لكل من ثوار فبراير وأنصار الحراك تنظم بالتنسيق بين الجهتين لكن غالبا ما كانت فعاليات الحراك تخرج عن السيطرة وتطورت لاحقا إلى اعتداءات مستمرة لساحات ثورة الشباب وعلى الثوار أنفسهم في أكثر من مناسبة واتهم الثوار بأنهم ضد القضية الجنوبية واستجر الحراك خطاب المرحلة السابقة المعادي لحزب الإصلاح و التخلي عن مهاجمة نظام "صالح". في هذه المرحلة بالذات ظهر التيار المدعوم من إيران بشكل جلي وواضح من خلال الدعم الإعلامي لقناة (عدن لايف) والتي كانت تبث من الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، واتخذ علي سالم البيض من بيروت مقرا لمكتبه وتم من خلاله التنسيق لزيارة المئات من نشطاء الحراك الذي تم إخضاعهم لدورات إعلامية وأخرى في التوظيف السياسي عبر مؤسسات تابعة لحزب الله اللبناني كما زار آخرون العاصمة الإيرانية طهران لحضور مؤتمرات شبابية تنظمها طهران، إضافة إلى إخضاع البعض الآخر لدورات عسكرية من قبل خبراء في حزب الله اللبناني. ركز هذا الفصيل في أدائه الإعلامي على مهاجمة المبادرة الخليجية باعتبارها مبادرة سعودية، ومهاجمة حزب الإصلاح باعتباره جزء من منظومة الحكم واحد حلفاء السعودية في اليمن إضافة الى التماهي الكبير مع خطاب جماعة الحوثي وبرز ذلك جليا في حضور العديد من رموز الحراك لتشييع مؤسس الحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي في محافظة صعدة في العام 2013م، وقاد هذا الفصيل حملة إفشال انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي في محافظة عدن والمحافظات الجنوبية واقتحم انصاره العديد من المراكز الانتخابية و أغلقوها ومنعوا الناخبين من الادلاء بأصواتهم بالقوة. ربما كان الفصيل المدعوم من إيران هو الأبرز لكنه لم يكن كل الحراك حيث كانت هناك فصائل معارضة لهذا التوجه المعادي للمحيط العربي والخليجي تحديداً وبرزت أصوات إلى تغليب العقل والمصلحة، واتهم هذا الفصيل بإقصاء كافة الرموز المؤسسة للحراك الجنوبي مثل العميد ناصر النوبة وعبده المعطري وقاسم الداعري وعقد حسن باعوم أولى مؤتمرات تياره المعارض لتيار البيض وذلك في العام 2012م، كما شهدت هذه المرحلة انعقاد مؤتمر القاهرة الاول والثاني واللذي ترأسه علي ناصر محمد وحيدر العطاس والذي خلص في رؤيته إلى فيدرالية بإقليمين وهي ذات الرؤية التي تقدم بها الحزب الاشتراكي لاحقا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل. في حين ان نشاط الحراك تركز في مدينة عدن فقد شهدت محافظة حضرموت كبرى مدن الجنوب حراكا من نوع آخر يهدف إلى وضع خاص للمحافظة في اي شكل لأي نظام سياسي قادم وبرزت (العصبة الحضرمية) كمكون حضرمي و تم إقرار ورقة (حضرموت .. الرؤية والمسار) وتداعت كافة القوى فيها إلى ما سمي حينها بـ(الهبة الحضرمية) في ديسمبر من العام 2013م احتجاجا على مقتل أحد شيوخ القبائل الكبرى في حضرموت وهي قبيلة الحموم إضافة إلى بروز العديد ممن ينادي بـ(الإقليم الشرقي) ضمن الدولة الاتحادية، كل ذلك الحراك كان يلفت النظر إلى أن حضرموت كانت خارج المزاج و الحراك الشعبي اللذي كان يحدث في مدينة عدن. كما شهدت محافظة المهرة حراكا شعبيا ينادي بإعلان المهرة وسقطرى إقليما مستقلا ضمن الدولة الاتحادية وتزعم السلطان عبدالله بن عفرار المجلس الأعلى لأبناء المهرة وسقطرى. ومع انطلاق مؤتمر الحوار الوطني شارك الحراك بمكون كبير ترأسه الشيخ أحمد بن فريد الصريمة و محمد علي أحمد و ياسين مكاوي وغيرهم من رموز الحراك المعتدلة، بينما ظل الفصيل الإيراني رافضا للانخراط في الحوار بشكل مبدئي. وقدمت حكومة باسندوة في أغسطس من العام 2013م اعتذارا رسميا باسم الشعب اليمني للجنوب على كل المآسي والأضرار التي حلت به بعد حرب صيف 94م، وشكل رئيس الجمهورية لجنتين قضائيتين لتلقي الشكاوى في قضيتي المبعدين من وظائفهم و نهب الأراضي في المحافظات الجنوبية على ان تصدر تلك اللجان أحكاما قضائية تعتبر نهائية وهو ما يعني حل الشق الحقوقي للقضية الجنوبية، وتكفلت الدول الشقيقة بتمويل صندوق تعويضات الجنوب. ظل التحريض على مكونات الثورة الشبابية هو القاسم المشترك بين التيار الإيراني داخل الحراك وجماعة الحوثي وبقايا نظام "صالح" واستهدف الفريق علي محسن صالح والشهيد حميد القشيبي من قبل وسائل إعلامهما والذي ربما قد يكون شكل غطاء لإسقاط صنعاء لاحقا تحت قبضة الحوثيين في الـ21 من سبتمبر 2014م.