الرياض ـ «القدس العربي»: يعد نائب الرئيس، والقائد العسكري اليمني الفريق علي محسن الأحمر صاحب تجربة طويلة في العمل الرسمي، منذ بدايات عمله المشترك مع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، ومروراً بالأحداث الجسيمة التي مرت بها البلاد إبان حكم صالح الذي انتهى مع توقيعه على اتفاق تسليم السلطة في البلاد نهاية عام 2011، ليواصل الأحمر العمل مع الرئيس الحالي المنتخب عبدربه منصور هادي، وليشهد فترة الصراعات التي تفجرت مع غزو ميليشيات الحوثيين للعاصمة صنعاء، واضطراره تحت وقع تقدم ميليشياتهم نحو العاصمة إلى مغادرة البلاد إلى العاصمة السعودية الرياض، التي تلاه إليها الرئيس هادي نفسه مطلع العام 2015، بعد أن أفلت من قبضة الحوثيين مرتين: الأولى في صنعاء، والثانية في عدن.
يتحدث الفريق الأحمر لـ«القدس العربي» عن «قهوة سكبها الحوثي للكل»، وأنه لم يبق أحد في اليمن لم يشرب من قهوة الحوثي، وأن الدور الآن جاء على الحوثي نفسه، ليشرب القهوة التي عليه أن يختارها بالنكهة التي يريد، حسب تعبيره.
ويتحدث الأحمر عن الانتصارات التي تحققت مؤخراً، والثقة الكاملة في النصر، و هدف استعادة الدولة بشكل كامل، والخطط المعدة لذلك. ويلمح إلى مفاجآت ستشهدها المعارك قريباً.
وبخصوص ما جرى في صنعاء مطلع شهر كانون أول/ديسمبر الماضي من أحداث دامية انتهت بقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد حلفائه الحوثيين، يؤكد إدانتهم لما قام به الحوثيون إزاء «الشهيد» علي عبدالله صالح، ويدعو إلى توحيد المؤتمر الشعبي العام تحت قيادة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، ويؤكد أن الأبواب مفتوحة للمؤتمريين المضطهدين الذين يفرون من بطش الحوثيين بعد مقتل صالح.
وفي مكتبه في العاصمة السعودية الرياض كان هذا الحوار:
? الأخ نائب الرئيس الهدف المعلن لكم في الشرعية والتحالف العربي يتمثل في استعادة الشرعية والتخلص من الانقلاب، ويبدو أنكم حتى هذه اللحظة لم تحققوا هذا الهدف. أين أنتم اليوم من هذا الهدف؟
? الحقيقة أننا قطعنا شوطاً كبيراً في سبيل استعادة الدولة، واستعادة الشرعية، ولعلك ترى أنه لا مجال للمقارنة بين وضع الشرعية اليوم ووضعها قبل حوالي ثلاث سنوات، وقد حققنا بفضل الله، ثم بدعم أشقائنا في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية انتصارات كبيرة أدت إلى تراجع الانقلابيين من سواحل عدن إلى أن أصبحت قوات الشرعية اليوم تفصلها عن العاصمة صنعاء كيلومترات معدودة، ومؤخراً حدثت انهيارات كبيرة في صفوف الحوثيين الذين يعيشون في حالة انكسار تام على كل الجبهات، وما حالة بيحان في محافظة شبوة، وما حدث للميليشيات فيها من هزائم إلا واحدة من حالات الانهيار التي تلاحق الحوثيين على يد أبطال الجيش الوطني والمقاومة، ولعلك لاحظت كيف سلم الحوثيون أنفسهم وأسلحتهم للجيش في بيحان، وانهزموا إلى محافظة البيضاء وتابعتهم قوات الجيش والمقاومة والمعارك اليوم في البيضاء، وتم تطهير بعض مديرياتها.
وما حدث في بيحان حدث كذلك في محافظة الجوف التي تعرض الحوثيون فيها لهزائم قاسية بخسارتهم عددا كبيرا من قياداتهم ومقاتليهم هناك، وأخيراً تم تطهير مديرية «خب والشعف»، وهي أكبر مديرية في الجمهورية وتشكل 82? من مساحة محافظة الجوف، بعد أن تكبدت فيها الميليشيات خسائر كبيرة في الأرواح، وتم أسر أعداد منهم، وغنيمة الكثير من العتاد العسكري، وتم ما هو أهم من ذلك، وهو السيطرة على خطوط تهريب الحوثيين للسلاح براً من السواحل الجنوبية الشرقية لليمن، وعبر الصحراء وصولاً إلى صعدة عبر مديرية خب والشعف في الجوف.
طرد الحوثيين من مناطق استراتيجية
? ولكن ما هو مردود هذه الانتصارات التي تحققت في الميدان على وضع الشرعية سياسياً؟
? دعني أكمل لك في ما يتعلق بالتقدم الميداني الحالي، حيث تم مؤخراً في محافظة صعدة تطهير سلسلة جبلية استراتيجية هي سلسلة جبال أم العظم القريبة من الخط الدولي الرابط بين البقع في صعدة ومركز المحافظة في مدينة صعدة، وبين البقع واليتمة في الجوف، بحيث أصبح الخط الدولي اليوم بين اليمن والسعودية بعيداً عن سيطرة الحوثيين، وكنت قد ذكرت لك أن قواتنا تقدمت بعد تحرير بيحان في محافظة شبوة إلى محافظة البيضاء، وتم طرد الميليشيات من عدد من المديريات، وفي جبهة الساحل الغربي تقدمت قوات الجيش والمقاومة بعد تحرير مديرية الخوخة في محافظة الحديدة باتجاه مديرية حيس، حيث تمت السيطرة على أجزاء واسعة من المديرية في طريق السيطرة على ميناء الحديدة، وأما في جبهة نهم في محافظة صنعاء، فقد تمكنت قواتنا من السيطرة على جبل القناصين، وتعد السيطرة عليه تقدما استراتيجياً، لأن الطريق الآن أكثر سهولة باتجاه نقيل (جبل) ابن غيلان الذي بالسيطرة عليه نكون قد سيطرنا نارياً على جميع مواقع الحوثيين في صنعاء، وفوق ذلك فإن أغلب الجبال الاستراتيجية في نهم تمت استعادتها من يد المليشات، وبالمجمل فإن قواتنا في تقدم وقوات الانقلابيين في انكسار.
? ولكن الملحوظ أن عملية التقدم الميداني تسير بوتيرة بطيئة حسبما يرى مراقبون، ما هي الأسباب؟
? ليس هناك أي تباطؤ في سير العمليات الميدانية، نحن نسير وفق خطط عسكرية دقيقة ومزمّنة مراعين تحقيق الانجازات بأقل قدر من الخسائر، مع مراعاة الحفاظ على أرواح المدنيين، ولعلك كذلك لاحظت أن الحوثيين زرعوا عشرات الآلاف من الألغام التي يعد زرعها جريمة حرب، خاصة الألغام الموجهة ضد الأفراد، وهذه تعيق عمليات التقدم حرصاً منا على تطهير حقول الألغام قبل التوغل في مناطق سيطرة الميليشيات.
بشرى قريبة لأهل تعز
? ماذا عن تعز التي باتت تحت الحصار والنار لمدة تزيد على ثلاث سنوات؟
? سيسمع المواطنون اليمنيون في تعز ما يسرهم قريباً.
? هل لك ان تفصل في ذلك؟
? لن نخوض في التفاصيل، ولكني اطمئن المواطنين الذين يعانون في تعز بأن مفاجآت قريبة تنتظر الحوثيين الذين يحاصرون المدينة.
? هل تسعون إلى استعادة العاصمة صنعاء بالحرب؟
? لدينا خطط لاستعادة الدولة كاملة من يد الميليشيات، ولدينا مرجعيات وطنية وعربية ودولية تدعم موقفنا في استعادة الدولة، وهي مرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والحوار الوطني ومخرجاته، والقرارات الدولية، ومشكلتنا مع الحوثي أنه لا يلتزم بتلك المرجعيات الثابتة، وهو الذي يدفعنا إلى اعتماد الحل العسكري، ويفرض علينا وعلى قوات التحالف العربي الخيارات العسكرية التي لا نميل إليها لكلفتها الباهظة على اليمن واليمنيين وعلى الأشقاء في التحالف، ولكن الحوثي سد كل أبواب الحلول السلمية، بعد استنفاد كافة الحلول والوسائل لجلبه إلى الحوار.
? هل يعني هذا أن باب الحوار أصبح مسدوداً؟
? للأسف الشديد، تلك الميليشيات المدعومة من إيران أغلقت كل أبواب الحوار.
? على ذكر إيران. تتحدثون دائماً عن الدور الإيراني، في حين ينفي خصومكم أي دور لإيران في دعمهم، ما هي حقيقة الدور الإيراني في دعم الحوثيين؟
? (ضاحكاً) الانقلابيون ينفون أصلاً أنهم قاموا بانقلاب على الرغم من أنهم وضعوا الرئيس الشرعي المنتخب تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يحاولوا اغتياله في عدن بالطائرات، ولذا لم يعد أحد يصدق ما يقوله الحوثيون لكثرة ما اعتمدوا على أساليب الكذب والمراوغة، أما الدعم الإيراني فلم يعد أحد ينكره، وإلا قل لي من أين حصل الحوثيون على الصواريخ البالستية التي أطلقوا الكثير منها على المدن اليمنية، وعلى الاراضي السعودية إلى درجة أن بعضها أسقط فوق العاصمة الرياض. العالم كله وخبراء الأسلحة يعرفون أن الصواريخ البالستية التي لدى الحوثيين زودتهم بها إيران، والإيرانيون أنفسهم تفاخروا عندما دخل الحوثيون صنعاء بأن رابع عاصمة عربية قد سقطت في أيديهم، فكيف يتفاخرون بذلك ما لم يكونوا هم من يمول ويدرب ويسلح الحوثيين في الداخل، وفوق هذا فقد تم ضبط شحنات كثيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية القادمة من إيران في طريقها إلى الحوثيين على الأراضي اليمنية، وفي الممرات والطرق المائية.
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
? هل لا يزال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يشكل تهديداً، وما هي خططكم لمواجهة الإرهاب؟
? نحن ـ في الشرعية ـ منذ اليوم الأول أعلناها واضحة أن هدفنا يتمثل في «محاربة الإرهاب وإسقاط الانقلاب»، ونحن نسير على هذا الأساس لمواجهة الحوثيين والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى، وكما تم تطهير أجزاء واسعة من البلاد من سيطرة الإرهابيين الانقلابيين، تم كذلك وبدعم من التحالف العربي دحر الإرهابيين من القاعدة من أماكن تواجدهم في أبين وحضرموت ولحج وشبوة، وتمت ملاحقة عناصرهم في مأرب والبيضاء، ولن نتوقف عن ملاحقة الإرهابيين بالوتيرة ذاتها التي نلاحق بها الانقلابيين، بالتعاون مع الأشقاء في التحالف، ومع الأصدقاء في المجتمع الدولي.
? أحدثت الحرب في اليمن دماراً كبيراً في البلاد يحتاج إلى إمكانات هائلة بعد الحرب، هل لديكم خطط محددة بهذا الصدد؟
? لدى الحكومة خطط طموحة لإعادة الإعمار، وقد تقدمت الحكومة بها للأشقاء في دول التحالف، وهناك استجابة من الأشقاء، وسيكون هناك عمل على حشد الدعم الدولي لإعادة الإعمار في إطار مجموعة أصدقاء اليمن.
أحداث صنعاء ومقتل صالح
? ما هو موقفكم كسلطة شرعية من الأحداث التي شهدتها صنعاء مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي والتي انتهت بإعدام الرئس السابق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين؟
? نحن واضحون منذ اليوم الأول في هذا الخصوص، وقد أدنّا ما قام به الحوثيون، من عمل أدى إلى استشهاد الرئيس السابق رحمه الله على أيديهم، وقد نعاه فخامة الرئيس هادي ونعيناه للشعب اليمني، ونحن نعتبر أن موقف الرئيس السابق الأخير، وخطابه الذي دعا فيه إلى مواجهة الميليشيات يجب أن يكون برنامج عمل المؤتمر الشعبي العام بعده، ونفتح صدورنا في الشرعية للإخوة في المؤتمر وغيرهم ممن نالهم بطش الحوثي، وقد لجأ إلى الشرعية الكثير من القيادات المدنية والعسكرية خلال الأيام الماضية، واستقبلناهم بترحاب وعلى أساس أنهم إخوتنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ولن نكف عن فتح الأبواب لكل مضطهدي الحوثي، والدعوة للحفاظ على وحدة المؤتمر تحت قيادة الرئيس هادي، وكذا الدعوة لاصطفاف وطني كبير تحت راية الشرعية، الذي أعد قهوة سكبها للكل في اليمن، بحيث لم يبق أحد لم يشرب من قهوة الحوثي في البلاد، ولكن الدور جاء الآن على الحوثي نفسه، ليشرب القهوة التي عليه أن يختارها بالنكهة التي يريد، أما هو فسيشرب من الكأس ذاتها التي سقاها للكل في اليمن.
? هذا تهديد واضح؟
? هذا هو الواقع. الحوثي لم يسلم منه أحد في اليمن، ولم يعد أحد يصدقه أو يثق به أو يأمن شره، واليمنيون بكل فئاتهم يتمنون اليوم الذي ينعتقون فيه من قبضة تلك الميليشيات، ولدينا تواصلنا مع قطاعات مختلفة في المناطق التي لا يزال يسيطر عليها، والكل ينتظر قدوم الشرعية للثورة على الحوثيين والتخلص منهم، وهذا ما سيكون إن شاء الله.
وأنا اليوم متفائل جداً إزاء مستقبل اليمن، وواثق من النصر بإذن الله، ونحن في نهاية السبع العجاف، وسيكون اليمن في خير وعافية بعدها بفضل الله، ثم بجهود اليمنيين مدعومين من أشقائهم العرب، وأصدقائهم حول العالم.