الجند + | استطلاع
الخميس 8 فبراير 2018
تساءلت الناشطة ريهام البدر في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "كيف ستأتي ذكرى ثورة فبراير، بدون محمد القدسي وأسامة سلام"، دون أن تعلم بأنها ستكون الثالثة التي تلحق بهم بعد أيام قليلة، وكيف سيغيبهم الموت جميعا عن الاحتفال بالذكرى السابعة لثورة الشباب التي ستحل بعد أيام.
رحلت ريهام فجأة، برصاص قناص حوثي، أثناء قيامها بتنفيذ أنشطة إنسانية وحقوقية لها شرق مدينة تعز، و بعد مرور قرابة عام على مقتل أخيها أحمد بنيران مليشيات الحوثي في حي العسكري.
ليست هذه المرة الأولى، التي يخطف فيها الموت القادم من فوهات بنادق المليشيات الحوثية الانقلابية أحد أبناء تعز، لكنها واحدة من مشاهد الحزن الأقسى، على الوسط الحقوقي والإعلامي، نتيجة لتوالي حالات القتل التي راح ضحيتها الكثير منهم.
خلفت ريهام وراءها رفاقها في ثورة فبراير/شباط 2011 الموجوعين لرحيلها، وأمها التي لم تكن قد اندملت جراح قلبها بعد، حزنا على فراق ولدها أحمد، حتى لحقت به ريهام.
* الإنسانية وقتلها
مع معرفته لخبر مقتل ريهام، كتب الشاعر عامر السعيدي في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك "يا قهراه عليك يا رهام البدر، لقد أوقف الأوغاد قلب الإنسانية، وأطفأوا أرواح ثورتنا، وقطفوا زهرة ربيعنا".
وتابع بحزن "قلت لك في آخر حدث أنك لست صديقتي، بل قصيدتي التي تمشي في الأرض على قدمين من نور.. أنا اليوم بلا قصيدة، واليمن بلا رهام البدر، وتعز بلا يد حانية تلمس جراحها وحاجتها".
وأضاف "رحمة الله على روحك أيتها المناضلة البطلة، واللعنة والعار على مليشيات السلالة القذرة، التي أطلقت الرصاص على قلبك".
تقاسم معه ذات الوجع الصحفي محمد أمين الشرعبي، الذي قال في صفحته بموقع الفيسبوك: "غادرت ريهام بعد أن استنفذت آخر دمعة ذرفتها على تعز، ووجع المنكسرين والمتعبين والصامتين، والصابرين من ملاحقة الموت والبارود والفاقة، ووجوم الوجود المسورة باللعنات من ساسة هذا البلد، وبعد أن أكملت آخر بوحها المكلوم على الحالمة، وآخر الأسئلة القلقة على واقع بلا أفق يتناسل بالجنون".
ولم يغب كذلك عنه الإعلاميين والنشطاء والحقوقيين الذين قتلوا طوال فترة الحرب، فأردف "سلام تعز الأرض والبحر والغيمة والقضية يا ريهام، أبلغيه لمحمد القدسي، وأسامة سلام، ومحمد اليمني، ومحمد الشيباني، وأواب الزبيري، وتقي الحذيفي، ووائل العبسي، وكل عنقود الكلمة والصورة الباذخ بالضوء في تاريخ تعز، وكل شهداء الحبيبة الحالمة".
* امراة بحجم مدينة
رئيس إعلامية حزب الإصلاح بتعز أحمد عثمان، وصف ريهام بأنها "امرأة بمدينة ومدينة بحجم وطن"، وهي على حد تعبيره "مثال للشجاعة، لا تهاب الموت، تجدها يوميا على بوابة الموت وفوهة النار، لتموت واقفة كشجرة باسقة مثمرة من أجل حياة كريمة".
وأشار في صفحته على موقع التواصل إلى أن ريهام تعرفها الجبهات، بل هي من مفردات معركة المجد في تعز، مضيفا "لم تكن رهام وزميلتها نسيم ثنائي يوزعن الغذاء والماء والكساء فقط، بل يمنحن الروح المعنوية ويقدمن المثال للفتاة التعزية المجاهدة من أجل حياة كريمة .. رهام أبت إلا ترتقي في ذكرى هذه الثورة المجيدة لتعطي رسالة لمن يريدون إفراغ فبراير من أهدافها، بأن ??فبراير منتصرة بالدم الغالي و لن تموت وفيها أمثال مانرى من شباب وفيها أمثال رهام".
أما النائب البرلماني على محمد المعمري ومحافظ تعز السابق، فكتب عن ريهام قائلا، "ريهام البدر، روح متوقدة كفاحا، شابة هي سليلة الجيل النادر في تعز، الجيل المفتون بالنضال والمعجون بالشجاعة، فلا برهان أكبر من أن تدخل الحرب عامها الرابع، وهذه الشابة إلى جانب رفاقها المناضلين يتنقلون بين الجبهات لرصد الانتهاكات، وإمداد رجال الجيش بقوافل الغذاء والدواء، رغم كل المخاطر.
واستأنف حديثه بالقول: "حديث الموت، ورعب القصف والقنص، ووحشة الجبهات، كل هذا لم يستطع تعطيل حماسة هؤلاء الشبان، لزيارة الجبهات، كل يوم لرصد وتوثيق جرائم الانقلابيين.. لقد ظلوا على الدوام الصورة الحافلة بالأمل، والروح التي تنتفض في كل مرة من تحت الركام، لمنح تعز المزيد من العزيمة، في مواجهة آلة قتل عمياء، وقف العالم عاجزا عن إخراسها، ولجم شهوتها المستمرة لحصد أرواح المدنيين والأبرياء".
* من هي ريهام؟
تعد المحامية ريهام بدر الذبحاني، إحدى أبرز الناشطات الشبابيات خاصة منذ ثورة فبراير/شباط 2011، بالأضافة إلى عملها كراصدة حقوقية، وعضو فريق الرصد التابع للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وعضو في شبكة الراصدين المحليين.
كما أنها عضو في فريق شباب و شابات تعز، وتعمل في المجال الإغاثي والإنساني، ولديها الكثير من المشاركات في الوقفات الاحتجاجية والتضامنية والمؤتمرات الصحفية.
* الإيمان بالإنسان
الإعلامية في قناة بلقيس الفضائية أسوان شاهر، أشارت
إلى أن البعض كانوا يروجون لكذبة أن لا يمكن أن تكون ناشطا حقوقيا وبنفس الوقت صاحب موقف وطني واضح وغير محايد، ليتلاعبوا بقناعات البعض، ويحيدوا مشاعرهم تجاه قضاياهم الوطنية، وهو ما لم تكن عليه ريهام البدر، التي استطاعت أن تكون راصدة حقوقية ومحامية قانونية من العيار الاحترافي، ومنتمية إلى قضيتها بكل جوارحها.
واستطردت في صفحتها في موقع فيسبوك "قضت ريهام خلال سنوات الحرب أيام وليال في الرصد والتوثيق لضحايا كل الأطراف، وسط القنص والقصف والألغام ونجت غير مرة من الموت المحقق، وما إن كانت تنتهي من مهمتها، حتى تتوجه بالمساعدات الغذائية إلى الجبهات، لدعم المرابطين على أطراف المدينة المحاصرة، يحرسونها بأسلحتهم البسيطة، حيث سقط شقيقها أحمد شهيدا قبل عام".
وكانت ريهام –بحسب شاهر - من ذلك النوع الذي يجمع بين الهدوء والاحترافية والوطنية والتواضع، وكانت كنوع آخر ومختلف من الحقوقيين، ونوع خالص من الفبرايريين.
* فاجعة
كان رحيل ريهام صعبا للغاية على العديد من أبناء تعز، منهم المحامي حمود الذيب - عضو فريق الرصد بلجنة التحقيق الوطنية - الذي كتب في صفحته بموقع الفيسبوك "رحمك الله أيتها الرهام البدر وطيب الله ثراك، كان نبأ استشهادك يومنا هذا الخميس فاجعة وصدمة لم نحصل عليها خلال فترة الحرب، لأنك لم تكوني رجلا يحمل السلاح، وإنما امرأة تحملين همة متوقدة، ربما أنها فقدت لدى الكثير من الرجال، ونشاطا متواصلا يكاد يكون منعدما لدى معظم أبناء تعز، وضميرا حيا نادرا ما يوجد في صفوف الرجال، ووطنية صادقة تعبر عن وطن ومعنى حب الوطن".
واستدرك "ستبكيك مدينة تعز وأحيائها وشوارعها وحاراتها، وأنت تؤدين دورك في مجال حقوق الإنسان كناشطة حقوقية في وقت كانت الحرب تستعر في مدينة تعز اختفى الكثير، وظليت عامرة بنشاطك إلى جانب الضحايا، ترصدين وتوثقين كل الانتهاكات، ستبكيك المستشفيات وأنت تحملين العلاج للجرحى، وتواسين أهالي وأسر الضحايا..".
* نعي
إزاء ذلك الحدث الذي تفاجأ به الوسط الصحفي والحقوقي، أصدرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، بيان نعي، أكدت فيه مقتل ريهام بدر، برصاص قناص حوثي أثناء ادائها لعملها في رصد وتوثيق الانتهاكات في حي صالة شرق مدينة تعز.
وذكرت اللجنة أنها تتابع بقلق بالغ استمرار الانتهاكات التي تطال المدنيين، وتستهدف الناشطين والحقوقيين والإعلاميين في محافظة تعز، مؤكدة ستمضي في استكمال عملها الوطني في التحقيق في كافة الانتهاكات والجرائم من كل الأطراف، حتى تتحقق العدالة وتحفظ الحقوق.
* جرائم وصمت
وكان الكاتب الصحفي توفيق السامعي قد تساءل، أين ذهبت جمعية الرفق بالقناصين التي كانت تدافع عن قناصي مليشيات الحوثي، الذين صمتوا عن استهداف قناصة الحوثيين للناشطة ريهام التي كانت تعمل في الميدان.
وقال ساخرا في حسابه على فيسبوك "حتى يتم القبض على القنص، ويظهروا يرحموا وكأنهم جاؤوا يبيعوا بطاط في تلال وجبال تعز من ذمار وصنعاء وعمران وحجة وصعدة".
* وحشية الحوثيين
من جانبه قال الكاتب الصحفي وسام محمد أن "استشهاد ريهام وإن كان دليل آخر على مدى وحشية مليشيات الحوثي الاجرامية، إلا أنه أيضا فعل احتجاجي إزاء الخذلان المستمر. ازاء المعارك الخائبة والحسابات الضيقة.
وتحدث وسام عن ترتيب ريهام لحملة اغاثية حملت اسم زميلها الشهيد أسامة سلام، لتصيغ بذلك رسالة جريئة مفادها "إننا نستطيع تحويل مأسينا الى فعل ونستطيع ان نتحدى الموت ونواجهه بشجاعة فماذا انتم فاعلون؟"، بحسب محمد.
مستطردا في حديثه "لدينا احباط لا حدود له وخسارات لم يعد من الممكن تعويضها لكننا لا نسقط في وحل الحسابات الضيقة عندما يكون الهدف بسمو تحرير تعز وتخليصها من الموت اليومي. ومن أجل ذات الهدف الذي ثرنا لأجله قبل سبع سنوات".
* أوجاع تعز
بدوره وجه الناشط ذي يزن العلوي سؤالا قائلا " هل تريد أن تعرف ماذا يحصل في تعز ؟!!".
وأضاف "يحصل أن تموت هذه الابتسامة كل يوم, وفي كل قلب تقصف ألف قنبلة، حزين لأجلك يا تعز"، تعليقا على صورة الناشطة ريهام.
وكان أحمد، شقيق الحوقية ريهام أحمد البدر قد قتل في 22 مارس/آذار 2017، في جبهة العسكري، في محافظة تعز التي تشهد معارك متقطعة بين قوات الشرعية، ومليشيات الحوثي الانقلابية، ليستمر بذلك مسلسل الحزن بالمدينة، التي يزور كل يوم بيت جديد.
تابعونا على حساباتنا التالية:
تيليجرام: https://t.me/Aljanadplus
تويتر: https://twitter.com/aljanadplus
فيسبوك: http://fb.me/aljanadplus.f
#الجند_بلس #AljanadPlus
موقع إعلامي مستقل .. يقرأ ما وراء الخبر