|
ميناء عدن |
ميناء عدن أحد الموانئ البحرية الرئيسية والهامة بمنطقة خليج عدن، وهو من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، وخلال خمسينيات القرن الماضي تم تصنيفه كثاني ميناء في العالم، بعد نيويورك، لتزويد السفن بالوقود.
ونظراً للمكانة الكبيرة التي يتمتع بها ميناء عدن وجهت لإدارته خلال الفترة الأخيرة جملة من التهم، توزعت حول فشل الميناء في استقطاب شركات الإغاثة وعجز الميناء عن العمل بالشكل اللائق، بالإضافة لتعرضه لتدمير إداري.. إلى غير ذلك من التهم.
«الأيام» وكما عودت القارئ بالبحث عن الحقيقة والغوص في سراديب التجاذبات، التقت رئيس مجلس إدارة موانئ خليج عدن محمد علوي امزربة، ووضعته أمام جملة من المكاشفات، أجاب عنها بكل شفافية ووضوح.. فإلى نص الحوار.
* في بداية لقائنا، هل يمكن تطلعنا بشكل مختصر عن مكانة الميناء؟
- يشرفني اللقاء بصحيفة «الأيام» صحيفتنا العدنية الصحيفة الرائدة التي يعرفها كل قارئ من ابناء عدن وابناء الجنوب بشكل عام، ونعتبرها فنجان شاي لصباحنا الباكر.
لتسمح لي وقراء صحيفتكم الغراء أن أبدأ الحديث عن الميناء ثم ننتقل للصعوبات والانجازات والمصاعب والنهوض.
يعتبر ميناء عدن الاكبر والافضل على مستوى الجمهورية اليمنية من حيث المعدات والمساحات والامكانيات البشرية والمادية حيث لا يستطيع اي ميناء تجاري في الجمهورية اليمنية مجاراة إمكانيات ميناء عدن.
كان ذلك بشكل عام، وبشكل خاص فإن اساس وأصل عمل ميناء عدن هو الترانزيت ونشاطه يشبه نشاط عدد من الموانئ العربية التي حققت ارباحا عالية تزيد على ثمانين مليار دولار بالسنة مع ما تعانيه هذه الموانئ من بعد عن الخط الملاحي تصل لاربعة وثلاثين ميلا، بينما نحن بميناء عدن تتوفر لدينا ميزة طبيعية حيث نبعد عن الخط الملاحي الدولي 4 اميال.
ما سبق كان حديثا عن مكانة الميناء ولفت النظر لمكانة الميناء من خلال معلومات قلما تتداول واما فيما يخص إداراتنا لهذا الميناء فنحن تولينا سدة الادارة لهذا المرفق الحيوي الكبير في ميناء عدن في محافظة عدن في مطلع 2015 وكان يفصلنا عن الحرب نحو شهرين.
خلال هذه الفترة كان الميناء ضمن مأساة كبيرة هي الانقلاب والحرب على محافظة عدن، وقد عاشتها المدينة بكل تجلياتها حيث كان للحرب اثار كبيرة على الميناء باعتباره يعمل في مجال صناعة النقل هذه الصناعة التي تعتبر شريان الصناعة العالمية، فأي بلد في العالم يريد النهوض يجب ان تكون له صادرات، وأي شعب يريد ان يكون لديه موقع بين الامم يجب ان يكون لديه صادرات فالصادرات كما تعلم تنقل بواسطة النقل البحري وكما هو معلوم فإن 85 % من المنتجات العالمية تنقل عبر البواخر او صناعات النقل والبواخر إلى جانب بعض الوسائل الاخرى الجوية والبرية لكن لا تتوافق مع البواخر ويتولد عن التصدير طبعاً العملة الصعبة والاحتياطيات وتنهض البلدان وهذا الذي لم يشهده ميناء عدن.
* ما هي اسباب عدم تطوير ميناء عدن؟
- لم يشهد ميناء عدن اي نهضة خلال السنوات المتعاقبة الأمر الذي أدى لتراكم كثير من المشاكل حيث شهد الميناء اول نكسة بعد الاستقلال عام 67 حيث تم تأميم الميناء وصار من قبل الشركات العالمية العاملة في مجال الملاحة ثم أعقبه بعد ذلك الوحدة حيث لم تكن هناك رؤية واضحة للميناء.
|
الزميل محمد هشام مدير تحرير الصحيفة أثناء حواره مع رئيس مؤانئ عدن محمد أمزربة |
وهنا يجدر بي التعريج على قضية مهمة وهي أن الناس تنظر للميناء دون النظر للمدينة، فالمدينة والميناء مكملان لبعض، انا كشخص اعمل في هذا المجال لا استطيع ان اعمل لوحدي لابد من وجود منظومة متكاملة تحقق رؤية مدينة عدن كمنطقة حرة ومركز تجاري يخدم اسواق المنطقة لذلك نحن دائماً نقول ان الميناء لا يستطيع القيام بوحده بكل هذه الامور الا بوجود منظومة متكاملة من التشريعات والدعم الحكومي لتحقيق هذه الرؤية.
فآخر تطوير للميناء كان في عام 1999م وذلك بمحطة الحاويات وتعتبر هذه اخر توسعة تمت في موانئ عدن واخر معدات جديدة او ساحبات كانت في 2003 وقبلها في 97 يعني نحن ورثنا مؤسسة معداتها متهالكة.
* حدثنا عن فترة ما بعد الحرب بالنسبة للميناء وما الذي وقفتم عليه والذي لم تستطيعوا عمله، وهل شهد الميناء اعمال تخريب؟
- الحرب كانت لها اثار مدمرة على الموانئ والنقل البحري بشكل عام في البلد، فالحرب لها انعكاسات مباشرة على الميناء وانعكاسات غير مباشرة، الانعكاسات السلبية وصناعة النقل البحري العالمي صناعة حساسة فانت وميناؤك في نظر شركات الحماية وشركات التأمين طالما وانت في حرب فأنت منطقة خطرة والتأمين عليك مرتفع فاي باخرة تريد ان تنقل بضاعة من مكان التصدير إلى موانئ تشهد حروبا تتضاعف عليها ضريبة التأمين واسمح لي ان أدلل لك.
مثلا نقول الحاوية التي تأتي من الصين (خمسة واربعون في المئة من وارداتنا من الصين وشرق اسيا) إلى ميناء عدن او الحديدة او المكلا سيتم فرض ما بين 1200 إلى 1500 دولار على هذه البواخر بالإضافة إلى تأمين على الباخرة في حال ضمان عودتها 3000 دولار بينما ذات الحاوية سيتم توريدها لموانئ عمان او السعودية او جيبوتي فيتراوح التامين عليها من 300 إلى 400 دولار وهذه مشاكل تتطلب تدخل الدولة بغرض التخاطب مع نوادي الحماية ووضع وديعة بمبلغ معين تستطيع تغطية هذا الارتفاع كما حدث في 2003 عندما تم تدمير الباخرة لامبورغ في حضرموت تم رفع التأمين على الموانئ اليمنية وحصل شلل للدولة فقامت بتقديم وديعة بنحو خمسين مليون دولار وقبل الحرب كانت تصل معدلات التأمين إلى 800 دولار تقريباً.
فارتفاع التأمين يتزامن مع انخفاض اسعار النفط الأمر الذي جعل عددا من البواخر تسلك طريق راس الرجاء الصالح بغرض تخفيض الرسوم التي تكلف الملايين ما ادى لانخفاض الواردات في قناة السويس.
ومن مشاكل الحرب وربما ما قبل الحرب توقف مهمة الترانزيت، فمن 2010 لا يوجد ترانزيت، وهي مهمة رئيسية بالنسبة لميناء عدن حيث انسحب اخر ترانزيت وصل إلى ميناء عدن في عام 2010 فنحن في منطقة حرب.
* هنا اسمح بتساؤل، ميناء الحديدة يقع في مناطق الحرب لكن السفن تتوجه إليه بشكل أكبر خاصة المساعدات، فلماذا تذهب للحديدة وليس إلى عدن؟
- ميناء الحديدة مختلف، وللمعلومة، فالحديدة من قبل الوحدة يعتبر مركزا رئيسيا للواردات اليمنية، وكان من قبل 20 سنة ميناء رئيسيا بسبب عدة اعتبارات منها ان البيوت التجارية انتقلت من عدن بسبب نكسة 67 إلى الحديدة وشكلت لها مراكزها الرئيسية وما يوجد في عدن فروع لتلك المراكز، ونتكلم عن ميناء الحديدة بسبب قربه من مراكز رؤوس الاموال والتجارة وقربه من الكتل السكانية الكبيرة، بالإضافة إلى كون جمارك عدن مرتفعة عن الحديدة والمكلا، بفارق مليون إلى مليوني ريال عن الحاوية، بشكل عام عدن الميناء الوحيد الذي يطبق التعرفة الجمركية الرسمية.
إضافة إلى كون الانقلابيين أقدموا على إنشاء مراكز جمركية جديدة، وعليه فإن التاجر الذي ستصل بضائعه من عدن او المكلا سيضطر لجمركتها مرة اخرى بمناطق الانقلابيين إضافة الى كون ذمار رفعت التعرفة إلى مئة في المئة، وهذا يؤثر علينا بميناء عدن بشكل مباشر، وهناك مناقشات لوضع حل.
* هل أفهم من كلامك مطالبتك الدولة بخفض الجمارك في عدن لكي يقارب نشاطه نشاط الحديدة؟
- لا، فخامة رئيس الجمهورية قام مشكورا بتوجيه الحكومة باتخاذ الاجراءات بخفض الجمارك في موانئ عدن وتعميمها في جميع المنافذ، وقد استلمنا التعليمات وسلمناها لرئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر وكان متفاعلا جداً مع الموضوع وتم احالة الموضوع إلى المالية غير ان التعليمات تاهت في دهاليز المالية وشعرنا أنه لا جدية في تطبيق هذه التعليمات، ففي الوقت الذي لا يلتزم ميناء المكلا بالتعرفة نلتزم نحن بتطبيقها.
|
ميناء الحاويات |
أضف لذلك ان هناك تحيزا من منظمات دولية لميناء الحديدة، تحيز كبير نستغربه، وقد زارنا وكيل الامم المتحدة للشؤون الانسانية السابق واطلعناه على الميناء وامكانياته، وقد شاهد كبر ميناء عدن والذي يعد الاكبر والافضل على مستوى الجمهورية اليمنية بما يملكه من المعدات والمساحات والامكانيات البشرية والمادية ولا يستطيع اي ميناء تجاري في الجمهورية اليمنية مجاراة ميناء عدن غير ان هناك تحيزا من جانب المنظمات الدولية، اخرها المعلومات المغلوطة عن القدرة الاستيعابية لميناء عدن التي نشرتها منظمة اوتشي وكان لنا رد رسمي بهذا الموضوع وقد شرحنا لهم انه تتوفر مصفاة بالقرب من الميناء كما لدينا محطة متخصصة للمشتقات النفطية ولا تتوفر هذه الميزة في الموانئ الاخرى.
ولدينا أيضا محطات ومصانع متخصصة في خزن الحبوب والصوامع التي تعتبر الأكبر على مستوى الشرق الاوسط وتبلغ قدرتها الانتاجية في اليوم 2400 طن ويمتلك الميناء محطة حاويات هي الاكبر على مستوى الجمهورية اليمنية تصل إلى حوالي مليون حاوية في السنة كما يمتلك محطة تستوعب ثلاثة ملايين طن متري. غير اننا نشعر ان هناك تحيزا من هذه المنظمات مجهول السبب برغم اننا قدمنا كل التسهيلات وقد وجهنا اكثر من دعوة رسمية وابلغناهم اننا كميناء نخدم المحافظات المحررة وغير المحررة والميناء جزء من هذا البلد.
ان ميناء عدن ليس ميناء محليا، الحديدة والمكلا موانئ محلية، واساس عمل ميناء عدن هو الترانزيت وعليه فيجب ان يكون لدينا قوانين خاصة وهذه القوانين التشريعية تعمل على ربط كل المجتمع داخل عدن الرسمي والخاص وغير الخاص بالميناء، نستطيع من خلالها تقديم الخدمات وتحقيق نهضة في عدن.
* يشكو بعض التجار من المبالغة بكلفة النقل، ما تعليقكم؟
- اود ان أبلغك قبل ان نسترسل بالنقطة التي أشرت لها، أن الحرب اثرت بشكل كبير على الميناء وقطاع النقل ومعدلات التضخم في اليمن بشكل عام تعتبر مرتفعة عن العالم حيث نعتبر رقم 10 على مستوى العالم بالتضخم وعدم انتظام صرف المرتبات وانخفاض قدرة المواطن على الشراء، فالبلد تشهد حربا في الجانب المحلي ادى كل ذلك إلى انكماش اقتصادي، فلو أطلعنا القراء على مقارنة بسيطة، فعلى سبيل المثال حجم الحاويات المتداولة في 2014 في الجنوب بشكل عام كانت 650 الف حاوية وقد انخفضت في عام 2015 إلى اربعمئة وخمسين الف حاوية فيما انخفضت اكثر في عام 2016، وهذا عائد إلى جملة من الأسباب التي ادت إلى تدني القدرة الاستهلاكية لدى المواطن لعل من اهمها عدم انتظام المرتبات وارتفاع الأسعار بسبب وجود مراكز جمركية للجبايات بالموانئ من قبل القوى الانقلابية.
اما فيما يخص النقل وارتفاع المبالغ، فأود الإشارة إلى أننا تباحثنا مع الجهات ذات العلاقة بما فيها النقابة غير انه وبسبب غياب الدولة آلت الأمور إلى الوضع الذي نحن فيه وقد تشكلت لجنة وزارية للتباحث مع النقابة وبحضور الهيئة العامة لتنظيم النقل البري لحل هذه الاشكالية ونحن في انتظار نتائج إيجابية.
* الميناء لا يمكن ان يعمل بمفرده ما لم تتحقق بجانبه عوامل تسهم بإظهار نجاحه، حدثنا عن علاقتكم بوزارة النقل؟
- الوزارة ورثت مشاكل مثلما ورثنا في الميناء مشاكل تطبيق تعرفة النقل البري، حيث لم تطبق من 2010 وفي 2011 تم التفاهم مع وزارة النقل وتم الاتفاق، وقد تم تجاوز القانون، ووزير النقل الحالي تفاعل وشكل لجنة وزارية للجلوس مع الجهات ذات العلاقة في الغرفة التجارية ومع الهيئة في النقل البري.
نحن في ميناء عدن نعتبر اكبر متضرر من ارتفاع اجور النقل ونحن اول من نقل شكاوى التجار بسبب الجبايات، ولك ان تتخيل أكثر من 180 نقطة من عدن إلى سناح بالضالع، وكنا اول من اوصل هذه المشكلة إلى قيادة الدولة، حيث تفرض في كل نقطة من 2000 الى 3000 ريال وهذه مشاكل يتم حلها بواسطة جهات امنية ومحافظين ونشدد على ضرورة بل وجوب حل هذه المشكلة، أما نحن فلا نستطيع حل هذه المشاكل في ظل غياب وضعف الدولة واجتهدنا بتخفيض اجور النقل واستطعنا تخفيض 20 % حيث كانت تصل أجور النقل إلى 700 الف وخفضناها إلى 450 الفا إلى صنعاء، والان يتم النقاش لحل هذه المعضلة.
* ضمن مشاكل الميناء حاجته لساحبة، وفي 2014 اقرت تركيا منح الميناء ساحبة، غير ان المنحة تعرقلت، ما هي الاسباب؟
- الجانب التركي كان قد زارنا وسأل عن حاجة الميناء وأبلغناه عن حاجتنا لساحبة جديدة لأن الساحبات متهالكة ولدينا اربع ساحبات اعمارها تجاوزت 17 إلى 20 سنة وتتلقى هذه الساحبات صيانة دورية وتكلفنا ملايين الدولارات ولابد من وجود ساحبة جديدة تساعدنا على مواكبة السفن الجديدة والنشاط في الميناء.
وقد أبدى الجانب التركي موافقته لشراء ساحبة جديدة وتم ارسال احد المستشارين بغرض التنسيق وتم تحديد نوعية الساحبة والمواصفات والكلفة والمواصفات الفنية ورفعها الى وزارة النقل التركية ووصل الموضوع إلى رئاسة مجلس وزراء التركية، لكن الملف توقف لأسباب لا نعلمها.