الجند+ | وحدة التقارير | خاص
يبدو أن سكان الأحياء الجنوبية لمدينة تعز، لم يكفهم حصار جماعة الحوثي للمدينة، والتضييق على تجارها وسكانها، وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تصل إليهم بعد شق الأنفس، فجماعة أبو العباس هي الأخرى، تبحث عن جبايات غير قانونية في أوساط هذه الأحياء.
استطلع "الجند+" أسباب هذه المشكلة، وحجم التضييق الذي يمارس على مالكي المحلات و المستودعات التجارية في عدد من أهم الأحياء و الشوارع التجارية والمزدحمة بالباعة والمتجولين جنوبي المدينة.
وخلال عملية الاستطلاع و التقصي، تمكن معد التقرير من أخذ عدد من الأقوال و الآراء و الشهادات لملاك هذه المحلات، غير أن الموقع سيورد هذه الأسماء برموز دلالية في هذا التقرير، حفاظاً على سلامة المتحدثين وخشيةً عليهم من الانتقام.
* انتهاكات ومخاطر
لم تقتصر المخالفات و المضايقات التي يمارسها مسلحو جماعة أبي العباس بحق السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، على تحصيل الجبايات بطريقة غير قانونية، بل امتدت إلى الاعتقالات التعسفية.
كما باتت المواجهات التي تندلع بصورة شبه يومية في ذات المناطق بين مسلحين من نفس الفصيل، واستحداث نقاط وعمليات تفتيش، أمراً جعل حياة الناس في هذه الأحياء مليئة بالمخاطر.
* سجل حافل بالمواجهات الداخلية
لم يلمع نجم عادل عبده فارع المكنى بـ "أبو العباس" إلا بعد سجل حافل من المواجهات المسلحة الداخلية، والتي راح ضحيتها مدنيون، وأغلق عشرات التجار محلاتهم و مستودعاتهم، جراء هذه المواجهات، كما تعرضت بعضها لأضرار مختلفة جراء هذه المواجهات.
فخلال العام الماضي فقط، خاض مسلحو أبي العباس، عدة جولات من المواجهات المحتدمة في وسط المدينة وبعض أطرافها.
فقد خاضت جماعة أبو العباس خلال شهري يناير و نوفمبر من العام الماضي، جولتين من المواجهات المسلحة مع إدارة عام الشرطة بالمحافظة راح ضحيتها عدد من جنود الأمن بين قتيل و جريح.
كما خاضت هذه الجماعة جولة مواجهات أخرى مع الشرطة العسكرية في مايو من العام 2017، وجولات أخرى من المواجهات مع قوات اللواء 22 ميكا، كانت أبرزها في يوليو و نوفمبر العام الماضي، أما اللواء 17 مشاة فقد اشتبكت معه جماعة أبو العباس، كان أبرزها في إبريل 2017 في مناطق مقبنة و الكدحة، غرب المدينة.
وعلى مستوى الكيانات المسلحة و العصابات، فقد اشتبكت معها جماعة أبو العباس، منها مسلحين تابعين للمدعو غزوان المخلافي، المواجهات التي أصبحت فيما بعد مبرراً لاحتلال جماعة أبو العباس لمبنى الأمن السياسي وإدارة عام الشرطة، كما أثارت الفوضى في أهم شوارع وطرقات المدينة، وأغلق عشرات التجار محلاتهم، فيما أزهقت رصاصات الطرفين أرواح بعض الأبرياء المارين في الشوارع.
ومؤخراً اختلقت أزمة سيطرة جديدة بين جماعة العباس، وجماعة العصبة، التي يقودها رضوان العديني، خلال شهري يناير و فبراير من العام الجاري 2018، كان مسرحها شوارع المدينة القديمة و 26 سبتمبر التجاري و حي الهندي.
* معاناة السكان
يشكو الكثير من ملاك المحلات التجارية و المنازل الواقعة في مناطق سيطرة جماعة أبو العباس من المضايقات و إطلاق الأعيرة النارية والاشتباكات التي تندلع بين الفينة والأخرى، واستحداث نقاط تفتيش جديدة، كما يتعرض بعض الشبان في تلك الأحياء لاعتقالات تعسفية بسبب مواقفهم المناهضة لسلوك وتصرفات الجماعة المسلحة.
يقول (س.ع) مالك أحد المحالات التجارية - يحتفظ "الجند+" باسمه - "نعاني الكثير أثناء عملنا في هذه المنطقة التي تسيطر عليها جماعة أبو العباس، بصورة شهرية وأحيانا شبه أسبوعية، نتفاجأ ببعض العناصر المسلحة التي تداهم مكان عملنا وتطالبنا بدفع جبايات وما يصفوه أحياناً "دعم للمقاتلين".
ويضيف (س.ع) "ليس بإمكاننا رفض طلباتهم، لأن العاقبة ستكون وخيمة جداً على رؤوسنا، قد نتعرض للنهب و السرقة أو قد تتعرض ممتلكاتنا للتحطيم، وأحيانا رفض بعض جيراننا من ملاك المحلات طلباتهم فتم اقتيادهم بطريقة قسرية إلى أحد معتقلات الجماعة أو ما يسموه هم بـ "أقسام الشرطة" - في محاولة لشرعنة تلك التصرفات.
أما (أم محمد) التي تسكن في حي المدينة القديم، فتقول "أحياناً كثيرة لا نستطيع النوم، بسبب الخوف، الذي يجلبه لنا هؤلاء المسلحون، كل وقت ونحن نسمع اشتباكات بالقرب منا، نخاف أن تصل إلينا رصاص الاشتباكات، وأحيانا كثيرة نضطر للنوم في الغرف الداخلية، أو صالة المنزل.
وتابعت أم محمد حديثها بنبرة حزينة، "في الصباح أيضاً نودع أولادنا الصغار إلى مدارسهم ونحن نخشى عليهم الوقوع في إحدى ساحات الاشتباكات المفاجئة، نخشى أن يعودوا إلينا كضحايا محمولين وقد فارقوا هذه الدنيا".
لم تنسى أيضاً التأكيد على معد التقرير الذي قابلها بضرورة عدم ذكر اسمها، في أي مادة صحفية يتم إنتاجها، خشية تعرضها أو أحد أفراد عائلتها لأي أذى من قبل مسلحي جماعة أبو العباس، واختتمت قائلة "لو عرفوا أننا نتحدث للإعلام فلن يرحمونا".
* اعتقالات تعسفية
في الرابع من نوفمبر العام الماضي، نشر موقع "اليمن نت" خبراً صحفياً يتحدث عن نقل أبو العباس لسجناء اختطفهم مسلحوه بسبب مواقفهم المناهضة للجماعة، من إحدى المدارس التي يسيطر عليها، إلى أقبية خاصة في قلعة القاهرة، التي يحتلها مسلحوه منذ يناير 2017.
ونقل الموقع الإخباري مناشدات أهالي المختطفين والمعتقلين في سجون أبو العباس بمدينة تعز، من استمرار احتجاز أبنائهم لدى أبو العباس دون وجه حق، ودون تهم واضحة موجهة لهم، مؤكدين أنه تم نقل أبنائهم إلى أقبية خاصة تحت الأرض، كانت تستخدم قديماً لتخزين القمح، في قلعة القاهرة، وفي ظروف إنسانية سيئة وأماكن لا تتوفر فيها أبسط المعايير الإنسانية و القانونية، بحسب إفادات أهالي المختطفين.
كما طالب الأهالي أبو العباس بالإفراج عن أبنائهم، الذين ليس لديهم أي تهم جنائية أو قانونية، تسمح للسلطات الامنية باحتجازهم، فضلاً عن كونها جماعة مسلحة، تقوم باعتقالهم وتصادر حرياتهم، دون وجه حق، و الأنكى من ذلك أنها تحتجزهم في أقبية خاصة تحت الأرض وتمنع عنهم اي تواصل مع أسرهم والعالم الخارجي.
مطالبين في الوقت ذاته الجهات الرسمية ممثلة بقيادة المحافظة وإدارة أمنها القيام بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية، للإفراج عن أبنائهم المعتقلين في سجون غير شرعية، ومن ثبت أن عليهم تهم جنائية يتم إحالتهم إلى السجن المركزي الخاضع لسيطرة الدولة، وفق ما يحدده القانون.
حقوقيون أكدوا لذات الموقع أن اعتقال واختطاف مواطنين بدون مسوغ قانوني من قبل جماعة مسلحة، لا تملك أي شرعية قانونية تخولها هي جريمة جسيمة لا تسقط بالتقادم، وأن ظروف اعتقالهم في تلك الاماكن تعد جريمة أخرى يتحمل مرتكبوها كاملة المسئولية عن الأضرار الجسدية والنفسية التي قد يصاب بها المعتقلون في تلك الأماكن غير الإنسانية.
وتحتجز جماعة أبو العباس العشرات من أبناء مدينة تعز، بعضهم في ظروف غامضة، والبعض الآخر بسبب معارضتهم لسياساته وتصرفات جماعته، التي ازدادت الشكاوى حولها في الفترة الأخيرة.
وفي الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول الماضي أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية ودول الخليج العربي إدراجها لكيانين و11 اسما لأشخاص تعتبرهم قادة وممولي وداعمي لتنظيم القاعدة و داعش في اليمن، من بينهم أبو العباس الممول من دولة الإمارات المتحدة.
* احتلال مؤسسات الدولة
تعهد زعيم جماعة أبو العباس المسلحة "عادل عبده فارع" لنائب رئيس الوزراء اليمني، عبدالعزيز جباري في أكتوبر الماضي أثناء زيارته لمحافظة تعز، عن تسليمه لكافة المدارس والمنشئات و المؤسسات الحكومية التي يسيطر عليها مسلحوه في أحياء وسط وشرق المدينة، والتي يصل عددها إلى 20 مؤسسة ومنشأة حكومية.
إلا أن أبو العباس تراجع عن كل تلك التعهدات والوعود التي قطعها للرجل، بعد لقاءه بقائد القوات الإماراتية في العاصمة المؤقتة عدن، حيث وجهه الأخير بعدم تسليم أي من تلك المؤسسات لأي جهة رسمية تابعة للدولة، واستمرار سيطرته عليها، بحسب ما تحدث به جباري في لقاء تلفزيوني.
وتتسبب تلك العراقيل في حرمان الآلاف من طلبة المدارس والموظفين الحكوميين في المدارس و المنشئات الحكومية من ممارسة أنشطتهم التعليمية والعملية، بسبب إغلاق تلك المؤسسات منذ تم استعادتها من قبضة مليشيات الحوثي في أغسطس من العام 2015 وحتى اليوم.
وإزاء كل تلك الانتهاكات والممارسات التي يتعرض لها المواطنون في الأحياء التي تسيطر عليها جماعة أبو العباس، فقد وجه الأهالي نداءهم إلى قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، بوضع حد عاجل لها، كما طالبوا الدولة ببسط نفوذها والعودة إلى مؤسساتها في تلك المناطق.
تابعونا على حساباتنا التالية:
تيليجرام: https://t.me/Aljanadplus
تويتر: https://twitter.com/aljanadplus
فيسبوك: http://fb.me/aljanadplus.f
#الجند_بلس #AljanadPlus
موقع إعلامي مستقل .. يقرأ ما وراء الخبر