يتم مداهمة المنزل وإخراج أهله منه بالقوة، والبدء بتفخيخه أمام مالكيه، ثم تفجيره، هذا هو المشهد الذي كثيرا ما يتكرر في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
تتشرد نتيجة لتلك العمل الإجرامي العديد من الأسر، التي تخسر منازلها في غمضة عين، لتبدأ عقب ذلك بالبحث عن منزل يأويهم مع أثاث البيت الذي استطاعوا أخذه معهم.
وتمنع مليشيات الحوثي بعض الأسر، من أخذ أي أغراض شخصية من منزلهم قبل الشروع بتفجيره، وهو ما يجعلهم يتعرضون لخسارة معنوية ومادية كبيرة، لا يمكن للأيام أن تنسيهم إياها، خاصة مع تعرضهم للكثير من المعوقات مستقبلا نتيجة لعدم امتلاكهم أي وثائق أو ممتلكات.
ذلك المشهد سبق وأن حدث كذلك في أغسطس/آب الفائت، مع القيادي بالحزب الاشتراكي اليمني، بمحافظة تعز، محمد عبد الحفيظ الصاروخ، الذي صرح لوسائل الإعلام أن المليشيات قامت بزرع المتفجرات والعبوات الناسفة بمنزله استعدادا لتفجيره، وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل.
حتى اليوم فجرت مليشيات الحوثي الانقلابية 120 منزلا بتعز وحدها منذ عام 2015، والعدد مستمر بالتزايد نتيجة لعدم توقف الحوثيين عن القيام بتلك الممارسات.
تشير الإحصائيات بأن المنازل التي تم تفجيرها بتعز، تقع في أحياء كانت خاضعة لسيطرة المليشيات، أو مناطق تم تحريرها من قبضتهم، وأبرز تلك المناطق هي (حي الزهراء، كلابة، الجحملية، صالة، الصلو، تبيشعة، الأقروض، المسراخ، الحيمة).
وفي إب كذلك تم تفجير 75 منزلا لخصوم مليشيات الحوثي في مختلف المديريات، فضلا عن تفجير أربعة مساجد، وهو الأمر الذي أثار غضب المدنيين.
وتتبع مليشيات الحوثي الانقلابية تلك الطريقة، لترهيب خصومهما، وقمع أي احتجاجات ضدها، فضلا عن الانتقام من مناوئيها، خاصة في المناطق التي تكون قد أوشكت على فقدان سيطرتها عليها.
لكن تلك الوسيلة التي تلجأ لها المليشيات، زادت مناوئي الحوثي صلابة، ولم تؤثر على معنوياتهم أو تجبرهم على الاستسلام، برغم الألم الذي تخلفه مثل تلك الممارسات، بحسب أشخاص تم تفجير منازلهم.
كما يتزايد غضب الشارع اليمني من تلك الممارسات الإجرامية، خاصة أنها تتم وسط الأحياء السكنية، ويُضيق ذلك الخناق يوما بعد آخر علي مليشيات الحوثي الانقلابية.
واعتبر مدير المرصد الإعلامي اليمني همدان العليي، بأن ما تقوم به مليشيا الحوثي من تفجير منازل المخالفين لها، يأتي في سياق التهجير القسري والتطهير الطائفي.
وأكد العليي في ورقة ألقاها قبل أيام في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بأن الانتهاكات التي تمارس ضد المدنيين في اليمن كثيرة، "إلا أن عملية تفجير منازل المخالفين سياسيا ومذهبيا بعد قتلهم أو اختطافهم أو تهجيرهم قسريا، تعتبر من أبشع الانتهاكات وأكثرها جرما كونها تؤدي إلى إنهاء ارتباط الناس بالأرض التي نشأوا فيها وعاشوا عليها وما يترتب عن ذلك من مآسي ومعاناة ترافقهم وأسرهم طوال حياتهم".
وأفاد إلى أن عملية تفجير منازل المواطنين تهدف إلى تهجير المواطنين وابعادهم عن مناطقهم، وارهاب وتركيع بقية السكان والانتقام من الخصوم، لافتا إلى أن التفجير بمثابة العقاب الجماعي لأن آثاره تمتد لتصيب بقية أفراد الأسرة، التي تحرم من حقوقها الأساسية مثل الحق في السكن والتعليم والصحة.
ويُدين حقوقيون ومنظمات تفجير الحوثيين لمنازل المواطنين التي ترقى لمستوى جرائم حرب ضد الإنسانية، منتقدين صمت المجتمع الدولي أمام تلك الجرائم التي تقوم بها المليشيات في مناطق سيطرتها.
وتلجأ مليشيات الحوثي إلى استخدام اسطوانات الغاز المنزلي، والعبوات الناسفة، والمتفجرات، لتفجير منازل خصومها ومناوئيها في مختلف المحافظات.
وتذكر المنظمة العربية لحقوق الإنسان، بأن مليشيا الحوثي فجرت حوالي 420 منزلا خلال الفترة أغسطس/آب 2014، حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015 في عموم اليمن، أما التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، فقد أكد بأن مليشيا الحوثي فجرت حوالي 144 منزلا بشكل كلي خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول 2017، أغلبها حدثت في محافظة تعز ثم إب والبيضاء وذمار.
الجدير ذكره، أن تفجير المنازل-بحسب مؤرخين- هي وسيلة كان يلجأ لها الأئمة في اليمن سابقا لمعاقبة خصمومه، وتكرار ذلك الآن يؤكد ارتباط تلك المليشيات بهم، والتي أصبح يُطلق على عناصرها "الأئمة الجدد".
موقع إعلامي مستقل .. يقرأ ما وراء الخبر