تركيا تبصم العلاقات الدولية بطائراتها المسيرة ومنافسة الصين في القارة السمراء وتحصين الليرة من المؤامرات الاقتصادية الدولية
2021/12/26
الساعة 11:23 مساءً
(هنا عدن / متابعات )
ختمت تركيا العلاقات الدولية سنة 2021 كما ختمتها سنة 2020 بالتأكيد للعالم سيرها في تعزيز مكانتها في الخريطة الدولية كقوة صاعدة سواء في الاقتصاد أو صناعة القرارات السياسية الإقليمية، وتعددت مظاهر حضورها في الخريطة الدولية، حيث انها كانت حاضرة في الحروب، واثارة الجدل بإجراءاتها الاقتصادية، وعززت استقلالها العسكري بصناعة متقدمة وتحالفات جديدة.
وبدأت تركيا سنة 2021 مزهوة بالانتصار الكبير الذي حققته في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان بعدما نجحت الطائرات المسيرة “بايركتار تي بي 2” في حسم الحرب لصالح أذربيجان التي كانت مسنودة بروسيا، ومنذ ذلك الحرب، بدأ العالم يأخذ الصناعة العسكرية التركية على محمل الجد، وتأمل تركيا لتأمين احتياجاتها العسكرية بنسبة 90% مع نهاية 2025 في حال نجحت في صنع مقاتلة متطورة، حيث انها نجحت في اقتحام السوق العالمي للسلاح.
وأصبحت كل دول العالم تدق باب تركيا لاقتناء الطائرات المسيرة التي تخلق الفزع في الجيوش، واعتبرت روسيا امتلاك أوكرانيا المسيرات التركية خطرا على الأمن العسكري الروسي، وطالبت أنقرة بوقف صادرات هذه الطائرات، وتتهافت الدول الإفريقية والآسيوية والعربية على اقتناء هذه الطائرة، فقد اقتنتها تونس وتخطط مالي لشرائها كما اقتنتها المغرب وأوكرانيا وبولونيا وصربيا وأذربيجان وقطر وليبيا والعراق وتركمنستان، وهي الطائرات التي أنقذت إثيوبيا من الهزيمة العسكرية في جبهة تغراي، كما وتنوي المملكة العربية السعودية وليتوانيا وجمهورية التشيك وهنغاريا اقتناءها قريبا.
وفي حين ينشغل العالم بالصراع الغربي-الصيني على القارة الإفريقية، تعزز تركيا حضورها القوي باعتراف الدول الغربية، فقد نشرت “فرانس 24” الجناح الإعلامي لوزارة الخارجية الفرنسية في العالم مقالا يوم 28 تشرين الأول أكتوبر الماضي بعنوان “أردوغان كسب الرهان في تعزيز الشراكة بين تركيا وإفريقيا”، ونشرت القناة هذا التحليل بعد جولة أردوغان في عدد من الدول الإفريقية في ذلك التاريخ.
وعادت وسائل الإعلام الدولية الى الاعتراف برهان تركيا على القارة الإفريقية عندما نجح أردوغان في تنظيم قمة تركيا-إفريقيا ما بين 16 و18 كانون الأول (ديسمبر) في اسطنبول بحضور مئة مسؤول إفريقي منهم أكثر من عشرة رؤساء دول إفريقية وازنة، وحضر رؤساء دول الكونغو الديمقراطية ورواندا والسنغال وجزر القمر وجيبوتي ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والصومال وسيراليون وموريتانيا وغينيا بيساو، ورفع أردوغان شعارا للقمة يحمل رمزية، ويمثل طموح بلاده بأن يكون “العالم أكبر من خمسة”، في إشارة الى أنه أكبر من الدول التي لديها حق “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي.
وإلى جانب الصين، تعد تركيا الدولة التي عززت نفوذها في القارة السمراء، فقد زار أردوغان منذ توليه السلطة كرئيس للحكومة ثم كرئيس للبلاد 30 دولة أفريقية، ورفع حجم السفارات من 12 الى 43 سفارة، ويطمح الى الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي.
وقدم أردوغان أرقاما مذهلة في القمة المذكورة، فقد كشف عن تنفيذ الشركات التركية 1150 مشروعا حاليا في إفريقيا بقيمة 70 مليار دولار، وشهد التبادل التجاري خلال عقد ونصف من 2005 الى 2021 ارتفاعا ست مرات من خمسة مليار دولار الى ما فوق 30 مليار دولار.
وخاضت تركيا آخر معركة مع نهاية 2021، معركة السيادة النقدية “الليرة”، وهي ثان معركة اقتصادية تخوضها بعدما انتصرت في الحرب ضد صندوق النقد الدولي، فقد سددت تركيا مع طيب رجب أردوغان كرئيس للحكومة سنة 2015 آخر فلس تجاه هذه المؤسسة المالية بعد 52 سنة من المعاناة في القروض وفوائدها والشروط المجحفة.
وطبق أردوغان خطة ذكية تقترب من مخططات الصين، فقد ترك الليرة تتراجع قيمتها ويتعالى الطلب على الدولار، وفجأة أعلن منذ أيام عن مخطط جديد هو تخفيض الفائدة لخلق مناصب الشغل والرفع من الصادرات، وتعهد بأن الحكومة ستخلق أداة مالية جديدة ستسمح بتحقيق نفس معدل الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية مثل اليورو والدولار عبر إبقاء الأصول بالليرة، وكان لإعلان تأثير السحر بقلبه الحسابات رأساً على عقب، وارتفعت الليرة أكثر من 30% أمام العملة الأمريكية الاثنين الماضي، بعدما تهافت مواطنون على بيع مدخراتهم من الدولار قبيل الانخفاض المتوقع في سعر الصرف وهو ما جرى بالفعل.
وتتحدث الصحافة التركية المقربة من الرئيس عن أهداف مخطط تعزيز الليرة هو خلق ثقة للمواطن في عملته الوطنية لهزم كل المؤامرات الاقتصادية والسياسية التي تستهدف البلاد.
ومنذ تعرضه للانقلاب سنة 2016، بشهور قليلة من تخلصه من صندوق النقد الدولي، أدرك أردوغان أهمية تعزيز استقلال تركيا الاقتصادي والعسكري لخدمة استقلال القرار السياسي الداخلي والخارجي.