الرئيسية - رياضة - الجمباز السويدي يبعث رسائل ايجابية في اليمن المنكوب بالحَرْب

الجمباز السويدي يبعث رسائل ايجابية في اليمن المنكوب بالحَرْب

الساعة 08:22 صباحاً (هنا عدن/ خاص )

صنعاء-عبد الله علي

في ظل الحرب المستمرة وانعدام الأمن الغذائي والنظام الصحي المُنهار، يكافح اليمنيون من أجل تحسين صحتهم العقلية.   ومع ذلك، وجد أحد المتقاعدين المسنين في اليمن طريقة لتقديم أمل جديد من خلال نادي لممارسة الجمباز السويدي (علاج الحركة السويدية)- وهو ناد مجاني لممارسة رياضة الجمباز كل يوم. وسرعان ما ذاع صيته في جميع أنحاء البلاد.

إنها الساعة الخامسة صباحاً يوم السبت، حين بدأ الرجال التواجد في حديقة الثورة بمدينة صنعاء بعد صلاة الفجر، حيث الجو كان لا يزال صحواً ، قبل أن تكدره حرارة الشمس الحارة.  وفي اللحظات الأولى لشروق الشمس، اصطف مئات الرجال داخل ساحة الحديقة منتظرين بدء ممارسة رياضة الجمباز.



كانوا يهتفون بحماس عبارات “أحسن فريق” أو “أفضل فريق” وتردد صداها في جميع أنحاء الحديقة حين بدأوا بممارسة مجموعة من 33 تمريناً مصمماً لتمرين الجسم بالكامل. ركزّ المتدربون على ممارسة مجموعة من التمارين الرياضية التي تشمل لمس أصابع القدمين والوقوف على ساق واحدة والقفز عالياً على مدى ساعة من الزمن، ما ساعدهم مؤقتاً على نسيان الضغوطات التي تراكمت لديهم من الحرب الأهلية المدمرة التي استمرت ثماني سنوات وأودت بحياة 377 ألف شخص.

بحلول الساعة 6:30 صباحاً، تفرق الجميع، وبدأوا يومهم متجددي النشاط والحيوية، مستعدين للقاء مرة أخرى في صباح اليوم التالي. خرج البعض لتناول الإفطار، بينما اتجهت مجموعة أخرى تضم حوالي 80 راكب دراجة إلى شلالات بني مطر، على مشارف العاصمة صنعاء.

يقول ناجي أبو حاتم، المؤسس المشارك للمبادرة، “إنه ناد رياضي للجميع، لكنه مهم بشكل خاص لكبار السن، الذين يعانون من الأمراض والقلق ولا يطيقون تحمل تكاليف علاجهم. فكونهم جزءًا من ’أفضل فريق‘ يعزز من معنوياتهم ويوفر لهم دروساً مجانية في التمارين الرياضية في بيئة صحية واجتماعية.

تسببت سنوات من العنف في تدهور الصحة العقلية لسكان اليمن الذي مزقته الحرب.

 بدأت حالة عدم الاستقرار الحالية في اليمن في عام 2015، عندما تدخل تحالفاً بقيادة السعودية في اليمن لوقف تقدم مقاتلي الحوثيين، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء، التي يقطنها 2.5 مليون شخص، وطردوا الحكومة المعترف بها دولياً.

 لا يزال القتال مستمراً في اليمن حتى يومنا هذا، وقد شهد المواطن اليمني العادي البالغ من العمر 25 عامًا 14 نزاعاً مسلحاً.

ولهذا السبب، تقدر منظمة الصحة العالمية أن واحداً من كل أربعة يمنيين، أي حوالي 5.5 مليون شخص، يعاني من اضطرابات الصحة العقلية التي تتطلب تدخلاً طبياً.

الصحة العقلية لا تحظى بالاهتمام في ظل أسوأ أزمة إنسانية في العالم ، ويقدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن ثلثي اليمنيين يعانون من الجوع كل يوم.  على الرغم من أن البلاد لديها رسمياً نظام صحي وطني، إلا أنه انهار تقريباً في السنوات الأخيرة، وغالباً ما تُترك حالات القلق والاكتئاب والذهان دون علاج.  فمعظم الناس لا يمكنهم تحمل تكاليف العلاج في المرافق الصحية الخاصة التي انشئت لسد الفجوة في الرعاية الصحية.  

لقد وجد كل واحد منا نفسه في ’أفضل فريق‘ ووجدنا كل اليمنيين الآخرين بيننا. وهذا أوضح مثال على كيفية بقائنا متحدين كأمة”.none

يبلغ تعداد سكان اليمن 33 مليون نسمة، لكن لا يوجد سوى 59 طبيباً نفسياً ، أي طبيب نفسي واحد لكل 500 ألف شخص، ويبلغ إجمالي عدد العاملين في مجال الصحة العقلية 304 فقط. ففي حين يتم ربط الاضطرابات النفسية بالمس والسحر، فمعظم الناس لا يفضلون الكشف عنها باعتبارها وصماً اجتماعياً.

تقول منيرة النمر، رئيسة قسم الطب النفسي في مستشفى الرسالة بصنعاء: “لا توجد إحصائيات تشير إلى عدد حالات أمراض الصحة العقلية، ولكن مما لا شك فيه أن أمراض الصحة العقلية قد ارتفعت بشكل كبير، نظراً لكل الظروف التي تمر بها اليمن. فالعديد من الحالات المصابة تصل لكن بعد فوات الأوان نتيجة الوصمة الاجتماعية للأمراض العقلية.”

وبحسب منيرة، أنه على الرغم من أن ’أفضل فريق‘ لا يستطيع معالجة أزمة الصحة العقلية الهائلة والمستمرة هذه، إلا أن له فائدتان هما روح الزمالة والتمارين البدنية يمكن ممارستها في إطار ناد رياضي يحظى بمزيد من القبول بين الرجال. ويساعد ’أفضل فريق‘ على تحسين الصحة العقلية للناس في جميع أنحاء العاصمة وخارجها. وتردف قائلة: “يقدم نادي ‘أفضل فريق‘ دعمًا نفسياً عميقاً لمن يشاركون فيه، وخاصة كبار السن الذين تجمعهم التمارين البدنية والصحبة.”

تغيير العادات السيئة 

في عام 2017 ، بعد عامين من تقاعد أبو حاتم ، الذي كان يعمل مهندساً ، بدأ هو وصديق آخر أصغر سنا ، عبد الله القداني ، مبادرة ’أفضل فريق‘. كان يعمل عبد الله مديراً عاماً في وزارة التربية والتعليم. سعى أبو حاتم إلى نهج حياة أكثر صحة أثناء تقاعده ، بعد أن رأى أصدقاءه وقد أحاطهم الاكتئاب من كل جانب ولجأوا الى تعاطي القات، وهو نبات مُنشط يزرع محلياً ويصنف على أنه مخدر في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكنه جزءاً من الثقافة  التقليدية لليمنيين.  وتقدر بعض الدراسات أن ما يقرب من 90 في المائة من الرجال اليمنيين يتعاطون القات، وكان أبو حاتم نفسه يتعاطاه يومياً في شبابه.