معبر رفح- تستمر العمليات الإسرائيلية البريّة وتشتد على مناطققطاع غزة بالكامل، خاصة بالشمال والوسط، ويتدفق النازحون الغزيون نحو الجنوب بأوامر إسرائيلية، بينما تطال الضربات الجوية الخط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.
ينفذ جيش الاحتلال عمليات منوعة على مدن جنوب القطاع حيث خان يونس ورفح الفلسطينية، فيما يبدو أنها عمليات تمهد لتوسيع نطاق الحرب لتصل إلى مدن الجنوب.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت، أمس الأربعاء، عن هجوم "غير عادي" يشنه جيش الاحتلال على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، بنية السيطرة على محور فيلادلفيا وبزعم تدمير الأنفاق التي تستخدم لتهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية.
ويمتد محور فيلادليفيا أو محور صلاح الدين من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة، والتي تبلغ حوالي 14 كيلومترا.
ونصت معاهدة السلام التي وقّعتها مصر مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979 -التي تُعرف إعلاميا بمعاهدة "كامب ديفيد"- على منطقة عازلة بطول الحدود أو ما عُرف بمحور فيلادلفيا.
يقول محمد خليل (اسم مستعار بطلب منه) وهو أحد شهود العيان من سكان شرق مدينة "الشيخ زويد" الحدودية -للجزيرة نت- إنه وذويه سمعوا أصوات انفجارات قوية ومتتالية منذ أمس الأول وحتى أمس خاصة وقت الليل، وشاهدوا ألسنة اللهب تعلو في سماء المنطقة الحدودية بمحافظة رفح الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تستعد فيه قوات الاحتلال لتوسيع عملياتها البرية جنوب القطاع، طالبت النازحين من شمال غزة ووسطها بالتحرك مرة أخرى إلى منطقة "المواصي" الأصغر من حيث المساحة، على ساحل البحر المتوسط والتي تقع جنوب القطاع الساحلي.
ويؤكد كمال خالد (اسم مستعار) بحكم عمله الذي يُلزمه بالاقتراب من المنطقة الحدودية ومعبر رفح البري، أن عدد النازحين يزداد يوميا، وأنهم يُروا بالعين المجردة وهم ينصبون خيامهم المؤقتة برفح الفلسطينية، بينما شاهد مركبات عسكرية مصرية تمشط الطريق الموازي للحدود جنوب المعبر.
وبينما يزداد الحديث عن استهداف المنطقة الحدودية، يؤكد محمود برهوم أحد سكان المنطقة الحدودية -للجزيرة نت- أن حدة القصف تزداد كل يوم، وتهتز المباني في الجانب المصري من شدته، وتضيء السماء ليلا من ارتفاع اللهب الذي يخلفه الانفجار.
وفي السياق ذاته، كتب عضو مجلس النواب والإعلامي المقرب من النظام المصري مصطفى بكري عبر حسابه على منصة "إكس" أن الجيش الإسرائيلي يشن هجوما بطول الحدود المصرية الفلسطينية على محور فيلادلفيا بزعم تدمير الأنفاق بين مصر وغزة.
وتابع بكري في تغريدته "هذا تطور خطير قد يدفع إلى انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل، الضربات على بعد أمتار قليلة من الحدود المصرية، العدو يتمادى في مخططاته. حدود مصر خط أحمر".
وقال مصدر عسكري رفيع -شدّد على عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إن "الجهات المعنية المصرية تقوم بواجبها على أكمل وجه خاصة في منع تسلل أي مواد محظورة إلى داخل القطاع".
وأضاف المصدر أن السلطات المصرية قامت بهدم وتدمير جميع الأنفاق التي كانت تُستخدم للتهريب من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية، وأن أي حديث إسرائيلي عن استخدام قادة المقاومة للخط الحدودي لتنفيذ عمليات وتهريب أسلحة للداخل، غير صحيح وغير موجود.
وأكد المصدر العسكري أن القاهرة أبلغت وفد الاستخبارات الإسرائيلي الذي زار مصر قبل أيام، رفضها وجود أي قوات إسرائيلية بمحور "صلاح الدين-فيلادلفيا" المتاخم للحدود المصرية مع قطاع غزة بطول 14 كيلومترا.
يذكر أن إسرائيل قصفت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدانة دبابة برج مراقبة مصري وقالت إن القصف تم عن طريق "الخطأ" قرب معبر العوجة الحدودي، وحذرت مصر وقتها سلطات الاحتلال من تنفيذ عمليات عسكرية بالمنطقة العازلة المعروفة بمحور "صلاح الدين-فيلادلفيا".
وفي سبتمبر/أيلول 2005 وبعد 18 شهرا من المفاوضات، وقّعت مصر وإسرائيل "اتفاق فيلادلفيا" الذي سمح بوجود قوات مصرية بأسلحة خفيفة في المنطقة، وتمحور الاتفاق حول تحمل الطرفين مسؤولية "مكافحة الأنشطة المعادية المتعلقة بالتهريب، والتسلل والإرهاب من أراضي أي من الدولتين".
وتتكون القوات المصرية الموجودة بموجب الاتفاق على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، من حوالي 750 جندي حرس حدود مسلحين بسلاح خفيف، ومتخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قرر في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إزالة المنطقة السكنية بمدينة رفح المصرية لحماية الحدود المصرية –حسب قراره- من خطر الأنفاق الممتدة منها حتى رفح الفلسطينية.
وتم تنفيذ الإزالة على 4 مراحل بواقع 500 متر لكل مرحلة بدأت من أكتوبر/تشرين الأول 2014 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ونفذ الجيش المصري حملة كبيرة لحفر قناة عرضية من ساحل البحر شمالا حتى معبر رفح جنوبا للتأكد من قطع الإمداد عن الأنفاق وتدميرها كليا.
يذكر أن الهجوم الذي تشنه قوات الاحتلال على المنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر وغزة، ليس الأول من نوعه، ولكن اشتدت وتيرته مؤخرا، وجاء عقب ارتفاع وتيرة الهجمات العسكرية على جنوب القطاع، وبعد أيام من زيارة وفد استخباراتي إسرائيلي للقاهرة للمفاوضة حول زيادة الدعم الإنساني والإغاثي للقطاع.