قديماً، كانت الحكمة السائدة "كُل واشكر"، أي تناول الطعام واشكر الله عليه، لكن اليوم في المملكة المتحدة، تحولت هذه الحكمة إلى مقولة أخرى هي "كُل واهرب" (Dine and Dash)، تناول الطعام واهرب دون دفع الحساب، والتي أصبحت تؤثر بشدة على المطاعم وجعلت بعضها يواجه خطر الإفلاس والإغلاق.
تناولت تقارير بريطانية هذه الظاهرة الغريبة والمثيرة، بعد فيديو لعائلة بريطانية من أربعة أشخاص تناولوا الطعام في مطعم صيني في لندن ثم حاولوا الفرار، وأوشكوا على دهس أحد العاملين حين حاول منعهم.
وتفاعل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة وخارجها مع هذه الظاهرة بحالة من الغضب، بعد أن نشر المطعم مقطع الفيديو للعائلة المكونة من سيدتين وطفلين، هربوا من دون دفع الحساب، معرّضين حياة أحد العمال للخطر حيث كانوا سيدهسونه بالسيارة عندما حاول منعهم.
وأبلغ المطعم الشرطة التي بدأت البحث عن العائلة والسيارة، وقال المطعم في تصريحات نقلتها صحيفة ديلي ميل البريطانية، إنهم "يشعرون بالإحباط بسبب الحادث، خاصة أنهم يقدمون أفضل خدمة للزبائن وأفضل طعام، لكنهم يفرون بدون أن يدفعوا".
ونشر أحد المستخدمين العرب فيديو للحادثة على فيسبوك، وعلّق بسخرية قائلاً: "أزمة بمطاعم لندن… الزبائن يأكلون ويهربون"، واستكمل ممازحاً أحد أصدقائه "والسيد يقولي كل يوم نتعشى برا (في الخارج)".
تكن تلك الحادثة الأولى، فقد قضت محكمة بريطانية بسجن زوجين بريطانيين، لمدة عامين، تناولا الطعام مع أطفالهما الستة في عدة مطاعم بدون دفع الفاتورة، بالإضافة إلى سرقة منتجات من السوبرماركت.
وقال حساب على منصة إكس: "تواجه المطاعم في العاصمة البريطانية لندن موجة متزايدة من ظاهرة "كُل واهرب" (Dine and Dash)، إذ يتناول بعض الزبائن وجباتهم ثم يغادرون من دون دفع الفاتورة، مما يتسبب بخسائر مالية جسيمة ويدفع المطاعم إلى إعادة النظر في أنظمة عملها".
ما هو حجم انتشار هذه الظاهرة في المملكة المتحدة؟
تتمثل ظاهرة "كُل واهرب"، في الاحتيال من أجل عدم دفع قيمة الأطعمة والمشروبات التي تناولها الشخص في المطاعم أو حتى ما يحصل عليه من محال السوبر ماركت، أياً كان شكل ونوع هذا الطعام أو المشروب وثمنه.
وتريد السلطات البريطانية وضع حد لهذه الظاهرة، التي انتشرت في مطاعم المملكة المتحدة بشكل كبير، وتسبب أزمة لأصحاب المطاعم وتهدد أعمالهم. بحسب الإحصاءات، فإن "ثلث المطاعم" في لندن ومناطق أخرى في بريطانيا تأثرت بالظاهرة، القديمة، التي عادت للانتشار على نحو كبير.
وتُظهر بيانات نشرتْها هيئة الضيافة البريطانية أن ثلث مؤسسات الضيافة قد شهدت مؤخراً حوادث سرقة للطعام والشراب. وباستطلاع آراء المتضررين، أفاد ما يقرب من 30 في المئة منهم بأن هذه الظاهرة في ازدياد على نحو خطير.
ويؤثر هذا النوع من السرقة في المطاعم على أصحاب المطاعم ومعنويات الموظفين، وأرباحهم، وتجربة تناول الطعام للزبائن الآخرين في المطعم.
أحد المغردين اقترح حلاً للمشكلة بأن يدفع الزبائن حسابهم قبل طلب الطعام.
ما هي عقوبة عدم دفع الحساب في المملكة المتحدة؟
تعد سرقة الطعام والشراب أو الهروب من دفع الفاتورة في المطعم سواء عن قصد أو بدون قصد أو الاحيتال والخداع لعدم سداد مستحقات المطاعم، جريمةً تقتضي الملاحقة القانونية، بموجب المادة 3 من قانون السرقة لعام 1978.
وقد تصل عقوبةُ الاحتيال والسرقة في المطاعم والمحال إلى السجن لمدة تصل إلى عامين.
وهناك نوعان من حوادث السرقة التي تتعلق بالطعام والشراب. الأول هو السرقة المُخطط لها، حيث يخطط فرد أو مجموعة لارتكاب الجريمة. وعادةً ما يتطلب هذا بعض التخطيط، بما في ذلك انتظار تشتيت انتباه موظفي المطعم قبل الخروج دون دفع.
وهناك من يقوم بالاحتيال بطرق أخرى، مثل ما نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية عن القبض على زوجين قاما بوضع قطع من الزجاج في أطباق الطعام أثناء تناوله في أحد المطاعم الإيطالية في لندن، حتى يتهربا من دفع الفاتورة، لكن كاميرات المراقبة رصدت ما قاما به.
النوع الآخر من السرقة المتعلقة بالطعام والشراب هو السرقة العفوية، حيث يغادر المخالفون دون دفع بعد إدراكهم نقص الأموال، أو تأخر الموظفين في تقديم الفاتورة، أو ظهور سبب آخر في اللحظة الأخيرة.
ما أسباب هذه الظاهرة؟
أحد أبرز الأسباب لانتشارها الازدحام الشديد في العاصمة لندن، المعروفة بكثافتها السكانية العالية، التي من المرجح بلوغ عدد سكانها أكثر من عشرة ملايين نسمة عام 2025، ووجود سكان من ثقافات وبلدان مختلفة، بالإضافة إلى استقبال الملايين من السياح سنوياً.
إلا أن تقارير بريطانية رصدت أسباباً أخرى وراء هذه الظاهرة بعضها يتعلق بالشخص نفسه والبعض الآخر يتعلق بالمطاعم، إذ إنّ هناك أسباباً عديدة تدفع البعض لمغادرة المطعم دون دفع الفاتورة، منها:
- الإثارة والتقليد، إذ يبحث بعض روّاد المطاعم عن الإثارة، ويرتكبون الجريمة من أجلها، أو من أجل تقليد أصدقائهم أو أفراد عائلاتهم الذين تحدثوا عن تجربتهم في المطاعم.
- نقص المال: قد يغادر رواد المطاعم المطعم دون دفع الفاتورة عند إدراكهم عدم كفاية المال لتغطية الفاتورة.
- طول الانتظار: إذا تأخر النادل في دفع الفاتورة، فقد يستغل بعض الزبائن المحبطين ذلك كذريعة للمغادرة دون دفع.
- عدم الرضا عن الخدمة: يشعر بعض الأفراد غير الراضين عما قُدّم لهم من طعام أو مشروبات أو خدمة - بالرضا حين مغادرتهم المطعم دون دفع.