على هامش.. العلمانية؟

2014/02/05 الساعة 03:40 مساءً

 

تطل علينا الملكيّة بقرونها بعد نصف قرن على ثورة أعلنها الأحرار على رموزها ممثّلة بالأئمة من بيت حميد الدين, وهاهي تعود لتستهدف الجمهورية في قيمها ومبادئها ورموزها المكانية والبشرية ساعية لدفن ثورتي سبتمبر وأكتوبر وامتدادهما في فبراير 2011 التي نحتفل بذكراها الثالثة الشهر الجاري.

استهداف منزل الشيخ الأحمر في الخمري بمديرية حوث في عمران بصورة متخمة بالأحقاد والصراخ بشعار الموت والكراهية, كان استهدافاً لثورة سبتمبر كرمز ونضاله لأجلها حتى المصالحة المفروضة عام 1970, وهو ما لا يختلف عن استهداف الدكتور عبدالكريم جدبان اغتيالاً قبل شهرين باعتباره قائداً للحركة التصحيحية داخل المذهب الزيدي للتخلّص من مشجب الانتساب للبطنين كشرط لمن يتولّى أمر اليمنيين وحكمهم.

نختلف مع أولاد الشيخ الأحمر في أشياء كثيرة ونرفض أخطاءهم, وكتبت عن بعضهم في هذه الصحيفة أكثر من مرة خاصة حميد وحسين, لكن ما يدور من معركة في عمران يسودها الثأر والانتقام وجاء الترحيب بها بصواريخ كاتيوشا التي أقلقت سكينة العاصمة صنعاء ليلاً, وقالت اللجنة الأمنية العليا: إنها أُطلقت من قرية بين خولان وسنحان, وهي ذات المكان الذي كان يساند الملكيين في صعدة وحجة وغيرها.

التاريخ يعيد دروسه والبشر خاصة منهم الأحفاد أو المقلّدين والأتباع يحاولون تكرار تلك التجارب التي تمخضت عنها تلك الدروس, ففي هذه المعركة اجتمعت أحقاد وثأرات ثورتي سبتمبر وأكتوبر وكذلك ثورة فبراير.

 وتعاضد الحاملون لتلك الأحقاد والراغبون بالثأر والانتقام والساعون لتحقيق أهدافهم والتأسيس لمشاريعهم الخاصة على أنقاض ماقامت لأجله الثورات الثلاث من أهداف وسعت لتحقيقه من قيم ومبادىء في مقدمتها وأهمها بناء الدولة اليمنية الحديثة والموحدة التي تكون فيها الحاكمية للشعب صاحب السلطة ومالكها.

الحوثي يبدو أنه لا يمارس أحقاده فقط, بل لديه مشروع توسّعي واضح, وقبل ذلك هو يسعى إلى التنصل عن التزاماته بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل, ابتداءً باستهداف تيار العقل والرأي والكلمة، ممثلاً بالدكتور جدبان وبعده الدكتور أحمد شرف الدين, ومروراً بالانسحاب من التصويت على وثيقة الحوار الوطني على ذمة الدماء التي لم تجف بعد للشهيد شرف الدين.

وياليت أن الحوثي احترم تلك الدماء التي سالت بصورة وحشية من الخبير الدستوري والقانوني، أحمد شرف الدين, وأوقف عجلة القتل ومسيرة الدمار, لكنه ازداد تعطّشاً لسفك الدماء, وتصاعدت وتيرة الهستيريا المسيطرة عليه للتوسع والتهجير والتفجير والتخريب والتدمير, وأخذ يسعى إلى فرض الأمر الواقع غير آبهٍ بما ورد في مخرجات الحوار الوطني.

المهمة بيد الدولة التي منحها الشعب المباركة من خلال الحوار الوطني والترحيب بمخرجاته، وعليها أن تقوم بمهمتها الطبيعية والتي زاد وأكد عليها مؤتمر الحوار الوطني, وهناك أمران ضروريان يتوجب أن تشرع الدولة في تنفيذهما التزاماً بمانصت عليه وثيقة الحوار الوطني.

والأمران هما: أولاً ،بسط سيطرة الدولة على كل أراضي الجمهورية اليمنية, من خلال انتشار مؤسساتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية والمدنية, والثاني, يتمثل في سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أية مليشيات مسلّحة، أياً كان لونها السياسي والقبلي والمناطقي والمذهبي, وحل تلك المليشيات وليكن استخدام القوة حكراً على الدولة ومؤسساتها المختصة ضد أي خارج على الدستور والقانون والإجماع الوطني.

يتوجّب على الحوثي أن تتوقف غزواته المستمرة ويسلّم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة, وإعلان التزامه للدولة اليمنية ونظامها الجمهوري والتحوّل إلى حزب سياسي ليمارس نشاطه كبقية الأحزاب, وفي حال رفضه لذلك فإنه يضع نفسه وجهاً لوجه أمام الدولة والمجتمع ككل, وليكف عن ادعاء المظلومية التي يقتل أبناء شعبه تحت لافتات جاهلية. 

الدولة اليمنية على مفترق طرق، إما أن تكون أو لاتكون, وليعلم الجميع أن أربعة أطراف هي التي تسعى إلى إجهاض الحلم الذي ضحّى اليمنيون لأجله, وهم الحوثي والرئيس السابق وتنظيم القاعدة والحراك الجنوبي المسلح وجميعهم يرتكبون الجرائم بحق أبناء الشعب ويقتلونهم كخصم مزعوم أو أتباع مخدوعين ومغرّر بهم.