رسالة خاصة للسيد عبدالملك الحوثي !

2014/02/06 الساعة 01:57 مساءً
( هي رسالة خاصة موجهة للسيد عبدالملك الحوثي المنتصر اخيرا, ولفرقاء الساحة الوطنية اليمنية, وبحيادية مطلقة وبشعور عالي بالمسؤولية نحوا الشعب والوطن, وفي مراعاة شاملة ايضا للمصالح المشروعة للفرقاء السياسيين في اليمن, لنوضح بعمق تلك التطورات المتسارعة والمشهد السياسي القائم اليوم في الوطن, لنسهل قبولها واستيعابها من قبل الفرقاء كافة وهم الشركاء جميعا في الوطن وهو بيتنا الكبير الواحد, فيحدث حولها ذلك التوافق المطلوب وينجوا قاربنا التائه الذي يمخر عباب اليم الهادر ليصل إلى شواطىء الأمن والاستقرار والرخاء والازهار فيستبشر الشعب خيرا وينجوا اليمن.. كما هو ندا خاص  موجه للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي وفقه الله بتحقيق تلك الانجازات والانتصارات الأخيرة التي نريدها أن تجسد بوتائر عالية نصرا مؤزرا للوطن وحده, وتجير بإيثار صادق مكسبا حقيقيا لشعب اليمن .).
نعم الأمر قد حسم دون أدنى شك ومن كان وحيد وضعيف ومطارد بالأمس القريب في أرضه وبين جمعه وأهله أصبح اليوم كبيرا في ربعه قويا في دياره وصاحب الكلمة النافذة واليد الطولى في موطنه والساحة اليمنية كافة ,ومن لم يستوعب طبيعة هذه التطورات المتسارعة ونتائجها بالغة التأثير في تشكيل الواقع اليمني الجديد, ويقر بإفرازاته السياسية الناتجة عنه, واستحقاقاته الوطنية المترتبة عليه, فهوا يتنكر بحمق لواقع الأمر ومتطلباته الملحة ويرفض بأنانية مدمرة الحقائق القائمة اليوم على الارض, ولا يقرأ جيدا المشهد السياسي القائم الأن ..فهوا أما مغرور مكابر أو أنه لا يعلم شيئا مما يدور حوله ولا يعي مطلقا ما يتفاعل بمحيطه ومحتاج فعلا من يلفت انتباهه بحرص لحقائق الوقائع ووقائع الحقائق ويرشده بأمانة للطريق الصحيح والمسار القويم لما فيه صلاحه وصلاح العباد جميعا ويوعيه لما هو خيرا له وخيرا للوطن .
وقبل ان توجه لي بعض الاسئلة المستفسرة عن موقفي هذا, وتصيبني الكثير من التهم المغرضة أعود لأوضح الأمر فأقول : ان الأمر برمته لا يتعدى أن يكون بالنسبة لي سوى  قراءة موضوعية  للواقع الراهن من قبل مراقب محايد لا أكثر.. مما يسمح لي أن أجهر بالقول لجميع الفرقاء : (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ .. وكفى خوضا في المصالح الفئوية الضيقة والحسابات الحزبية الانانية, وكفى إهمالا لمطالب الشعب الاساسية وكفى تنكرا لمصالحه الحيوية, وكفاكم قتل في هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره, وكفاكم  دمارا للوطن الذي بات على شفير الهاوية ..!).
ويمكن اختصار سرد تطورات المشهد السياسي القائم الأن في اليمن واختزاله بالعبارات المأثورة الاتي ذكرها هنا : من جد وجد ومن زرع حصد, العمل أبلغ خطابٍ, الأفعال أبلغ من الأقوال, ازرع كل يوم تأكل, اطلب تظفر, اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث), الإنسان بالتفكير والله بالتدبير, الحركة بركة, السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة, السيف يقطع بحده المرء يسعى بجده , العيش في الدنيا جهاد دائم, إن جهد المقل غير قليل, إن مفاتيح الأمور العزائم, أنجز حر ما وعد, ..وأختم بقوله تعالى (فَإِذَا عَزَمتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِين/ آل عمران 159) .
نعم, لكلا حسب قدراته ومجهوده وما بذل وقدم, إذ ان هناك طرف أعتبر نفسه منتصر في الربيع اليمني المنصرم فأهمل مصالح الشعب وتناسى قضايا الوطن وتنكر للشعارات البراقة كافة التي رفعها وتغنى بها طوال ايام الربيع اليمني المنصرف وما سبقه من أوقات عصيبة وأيام قاسية, فأنغمس في أمور مفرطة في الأنانية هي من سمات الجاهلية الأولى, إذ أنشغل في احصاء المناصب وجمع المكاسب ومد يده لكل شيء تحت مبرر جني المغانم أو حقه في تعويض الخسائر التي بذلها في دعم وقائع وتفاصيل الثورة التي ادعى وصلا أصيلا بها, (وكلٌّ يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا.).
بينما الطرف الأخر أنشغل في اعادة بناء نفسه وتنظيم صفوفه وترتيب مواقعه التي خسرها في السابق وعمل بجد واجتهاد ومثابرة وبذل الغالي والنفيس للوصول إلى أهدافه وغاياته المنشودة  فكان له ما سعى اليه بمثابرة وما اراده بإصرار . وهنا يحضرني بيت الشعر الشهير الذي يختزل الحالة القائمة اليوم في ابياته (عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ.. وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ.. وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها.. وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ ) .
أخيرا أهمس في أذن السيد عبدالملك الحوثي (وهو من كان رفيق درب النضال المشترك لأعوام طويلة مضت) : لا تفعلوا كما فعل من ظلمكم وظلمنا, وأعتدى عليكم وعلينا, فتتهجوا نهج المغرور المنتصر, ولا تدخل ارض الأخر المنهزم بعقلية الغازي المتكبر فتكون كما كان من ظلمك في العام 2004م وهو الذي ظلمنا قبلكم في العام 1994م, وعلينا التأمل عميقا في شواهد التاريخ الانساني والاسلامي ومعالمه القريبة والبعيدة, والاستفادة من الدروس والعبر التي تركها لنا أسلافنا العظام, فأنتم أكبر من أن تفعلوا ذلك وأرفع من ان تنحدروا إلى هذا المنحدر .
وهنا يصبح من الواجب عليكم ( الديني والاخلاقي) أن تعفوا عن خصومكم كافة وتتصالحوا معهم وان تبداءوا صفحة جديدة ناصعة البياض ترسموا عليها جميعا (بأيادي قوية ومتفانية وعزائم مجتمعة ومتوحدة ونفوس راضية ومتسامحة) ملامح اليمن الجديد ومستقبله السعيد, ومن قال لكم غير هذا الحديث فقد ظلم نفه وظلمكم, وما هو إلا منافق أثم .
نعم أخي الكريم السيد عبدالملك الحوثي : تسامحوا مع خصومكم كافة وأنصفوهم جميعا (صالح ومحسن واسرة الاحمر وحاشد وكافة القوى والقبائل التي وقفت ضدكم من منطلق جائر وحاربتكم في عهد بائد) وتميزوا عن خصومكم جميعا بأخلاق وصفات الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم, وتلك السجايا الانسانية النبيلة والمزايا العربية الاصيلة, والعفو لا يكون إلا عند المقدرة, وإلا فما الفرق بينكم وبينهم؟ أن لم تكنوا أنتم السباقين في تقديم النموذج الأفضل وإعطاء القدوة الصالحة, وانتم الأرفع خلقا والأفضل سلوكا ليعلم الجميع اننا في مركب واحد ومصير مشترك ..ويبقى دائما الدين لله والوطن للجميع .
لقد علمتنا التجارب الطويلة والدروس المريرة وفي مختلف المنعطفات الخطيرة والمراحل المصيرية التي مر بها الوطن  اليمن (تلك الأحداث المأسوية التي مر بها الوطن في عهود الرؤساء اليمنيين في الجنوب والشمال, قحطان وسالمين واحداث يناير الاسود العام 1986م, وحرب 1994م واغتيال الحمدي والستة الحروب الظالمة التي وقعت عليكم ) أهمية العمل بالقيم الجميلة والنبيلة في التصالح والتسامح, وعظمة التحلي بأخلاق الفرسان في العفو عند المقدرة, مجسدين شيم الكرام الأقوياء ذوي القلوب الرحيمة وذوي الفكر الحكيم وذوي الحلم العظيم والصبر الكبير، وهو لا يكون إلا من الحاكم العادل، والأب الحنون، والقاضي صاحب المبدأ، والمربي الحكيم، والقائد المتسامح حيث يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه.. (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ـ النور: 22) .
والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق.