البلد بصدد انتاج حكومة جديدة , وهذه الحكومة هي ذات وضع حساس جدا كونها ستكون المسئولة عن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني , اي ستكون مسئولة عن تحقيق التغيير المنشود و تشكيل اليمن الجديد , واول ما يجب ان تكون عليه الحكومة القادمة هو انها في مستوى المهمة المناطة بها , اي تكون كفؤة للمهمة اولا وغير مكبله بولاءات وخضوع لقوى النفوذ في البلد ثانيا .
اذا شُكلت الحكومة القادمة بنفس حال الحكومة الحالية والتي استندت على ترشيحات القوى النافذه بقدر كبير فذلك يعني ان الكثير من المخرجات التي توافق عليها الناس في مؤتمر الحوار سيتم افشال الاغلب بل والاهم منها , لان وزراء الحكومة القادمة سيكونون خاضعين لقوى النفوذ التي رشحتهم بشكل جوهري , وهذه القوى ستعمل على اجهاض اي خطوة او مخرج يترتب عليها الاضرار بمصالحها او التقليص من نفوذها او السماح للقوى الجديدة بمنافستها , وسيتولى وزراء الحكومة الذي هذا حالهم تنفيذ هذه المهمة لقوى النفوذ , وبدلا من تطبيق المخرجات المفترض بالحكومة القادمة ستتحول الى تفريغ اهم المخرجات من مضمونها وتعطيل تطبيقها على الواقع بطريق او باخر تبعا لرغبات قوى النفوذ التي اوصلتها الى كراسيها .
لا شك ان قوى النفوذ تضغط بشكل كبير هذه الايام في اتجاه ان تكون الحكومة القادمة لا تفرق في كثير عن الحكومة الحالية , وهذه القوى ستطرح كامل قوتها على كاهل الرئيس هادي لتحقيق هذا الهدف مستفيدة من وثيقة ضمانات مخرجات الحوار التي تنص على استمرار حالة الوفاق السائدة في البلد وذلك لفترة الحكومة القادمة , ولا شك ان ضغطها هذا باعتبار وثيقة الضمانات سيحقق لها الكثير وستحد من اي رغبة للرئيس هادي في اجراء تغيير اكثر مما تريده هي على الحكومة الحالية , وبالطبع هذا مع افتراض سعيه هو لتغيير اوسع .
في حالة اقتصر الضغط على الرئيس هادي كلية او بشكل اكبر على قبل قوى النفوذ فحتما سيقيده هذا الضغط كثيرا , وسيفرض عليه راضيا او كارها الاستجابة لرغبة هذه القوى وستاتي الحكومة القادمة نسخة مطابقة او تكاد للحكومة الحالية , وبالتالي لا مخرجات ستطبق ولا تغيير سيتحقق , وسيدخل البلد في حالة من البؤس تفوق ما هو عليه الان بكثير .
الرئيس هادي لن يحسم خياراته ولن يتخذ قراراته في هذه الظروف بالذات باعتبار ان رغبته هي العامل الرئيس في ذلك , وانما سيستجيب للضغوط الواقعة عليه من الاطراف المختلفة وكلا بقدر مستوى ضغطه , وهذا الامر هو ما يجب ان يستوعبه الساعين الى التغيير في البلد بشكل جدي . وعليهم ان يتفهموا ان تطبيق مخرجات الحوار والوصول التغيير المنشود ومستقبل البلد بالكامل مرهون بوجودهم في المشهد وبحجم القوة التي سيتمكنون من إيقاعها على الرئيس هادي , و بالقدر الذي يتفوق على ضغط قوى النفوذ ويفرض على الرئيس هادي حسم خياراته في اتجاه التشكيل الحكومي القادر والمؤهل موضوعيا لتطبيق المخرجات وفرض التغيير المنشود , باعتبار ان المجتمع يضغط عليه في سبيل ذلك بقوة تفوق قوى النفوذ الضاغطة في الاتجاه المعاكس بهدف إيصال تابعين لها الى كراسي الحكومة تستخدمهم في اجهاض مشروع التغيير والابقاء على مصالحها ونفوذها قدر الامكان .
مطلوب من كل الجادين في سعيهم لإحداث تغيير حقيقي وملموس في البلد ان يتفهموا حساسية الايام وربما الساعات القادمة على مطلب التغيير برمته , ويعلموا انهم في سباق مع قوى النفوذ الساعية الى العودة بوضعها الى اقرب نقطة يمكنها الوصول اليها من وضعها السابق من التفرد والاحتكار والنفوذ والمصالح , وما سيحدد من سيبلغ مقصده هو من سيولد في هذه الساعات والايام الضغط الأعلى ليؤثر بشكل اكبر في تشكيلة الحكومة القادمة , ففي حالة ترك الرئيس هادي وحيدا تحت ضغط قوى النفوذ سيجعلها هي التي تبلغ مقصدها , اما في حالة توليد ضغط اكبر عليه من قبل الجادين في سعيهم للتغيير سيجعلهم هم من يبلغ مقصدهم .
مطلوب من جميع الجادين في احداث تغيير ان يشدوا من همتهم وان يهتموا وان يدفعوا بغيرهم للنزول الى الشارع في يوم 21 فبراير للمشاركة في فعالية المطالبة بتشكيل حكومي خال من الفساد ومن ذوي الكفاءة لتولي ادارة المرحلة القادمة الحساسة , مستوعبين ان ضغطهم هو ما سيمكن الرئيس هادي من مقاومة ضغط قوى النفوذ والتحيز لمطالبهم وانتاج حكومة قادرة موضوعيا على تطبيق مخرجات الحوار الوطني وتحقيق التغيير المنشود في البلد , او فقد جنت على نفسها براقش .