أكثر ما يرجو أبناء الشعب اليمني ويحلمون به وطن يشعرون فيه بالمواطنة
المتساوية، في ظل نظام شعاره : لا فرق بين مواطن وآخر إلا بالشهادة، ولا
فضل لابن شيخ أو سيد أو زعيم على مواطن إلا بالشهادة والمستوى التعليمي،
والوظيفة الحكومية الرسمية حلال وحق شرعي للدكتور والمهندس والأستاذ،
وحرام على السيد الضال، والشيخ الأمي، والزعيم الجاهل، والأولوية في حق
العمل لحامل الشهادة والمؤهل، ولا مجال للوساطة والرشوة .
ولن يتحقق ما سبق ذكره في ظل وجود السيد والزعيم والشيخ أعداء النظام
والقانون والمواطنة المتساوية، الذين لهم الباع الطويل في إجهاض طموحات
الشعب وآماله منذ قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر .
لقد ناضل الشعب منذ أكثر من خمسة عقود من الزمن من أجل إقامة دولة النظام
والقانون، وتحقيق المواطنة المتساوية في ظلها، وقدّم قوافل الشهداء في
سبيل هذا المشروع، وكان على رأسهم ومن أبرزهم الشهيد محمد محمود الزبيري
والشهيد إبراهيم الحمدي، وغيرهم الكثير قد لا يسعنا المقام هنا لذكرهم
وحصرهم، من الذين ناضلوا وقدموا الغالي والنفيس، حتى وصل بهم الحال إلى
تقديم أرواحهم من أجل مشروعهم الوطني الذي يكفل المواطنة المتساوية لكل
ابناء هذا الوطن .
ولكن السيد والزعيم والشيخ أعداء النظام والقانون لم يتركوا حيلة ولا
وسيلة إلا استخدموها في سبيل القضاء على مشروع النضال من أجل المواطنة
المتساوية، حتى وصل بهم الحال إلى ركوب موجة الجمهورية بعد أن أخفوا
الإمامة في ثيابهم وارتدوا ثياب الثوار الأحرار، وصادروا هذا المشروع
العملاق، وتسببوا في قتل وتشريد واعتقال المئات من المناضلين الأحرار من
أبناء هذا الشعب .
وقد عاش الشعب اليمني في ظل النظام الجمهوري المزيّف حياة بئيسة، عانى
فيها من سيادة أسر وتعاليها على النظام والقانون، واعتاد على حرمان صاحب
الشهادة والمؤهل من حق الوظيفة العامة، كما اعتاد على حصول ابن الشيخ أو
السيد أو الزعيم عليها، ومؤهله سيادة والده على النظام والقانون .
في ظل حكم المخلوع وصل الشعب إلى مرحلة من اليأس بعد أن آمن بأن الوظيفة
العامة لا تحتاج إلى شهادة، وإنما هي حكر على من لديه وساطة فوق القانون
بلفت النظر عن مستواه التعليمي ومؤهله .
لم تتحقق مطلقاً المواطنة المتساوية في ظل حكم صالح الإمامي المستبد الذي
ارتدى ثياب الجمهورية وستر بها الإمامة، والذي هو السبب الأكبر في عدم
تحقيق المواطنة المتساوية، بتشجيعه ودعمه السخي للمشايخ، والتصرف في حقوق
الشعب حيث شاء وكيف ما شاء، وعلى من أشاء، وكأنها ملكه الخاص دون النظر
إلى من هو أهلاً لها .
صالح ( الزعيم ..!! ) هو من أبرز المناهضين لمشروع المواطنة المتساوية
عندما عمل على وأده واختطافه وحرف مساره، وقد حظي بدعم وتأييد محلي ودولي
من أجل ذلك، ونجح في إنجاز مهمته، وعمل على تشجيع ودعم المشايخ وأسياده
وساعدهم على فرض سلطتهم وبسط نفوذهم، وجعل منهم مشايخ وسادة فوق القانون
كما جعل من نفسه وعائلته كذلك .
اليوم يجب أن يكون القانون فوق السيد والشيخ والزعيم من أجل تحقيق
المواطنة المتساوية والنهوض باليمن، ويجب أن ينصهروا جميعاً تحت سقف
النظام والقانون كغيرهم من أبناء الوطن، ويجب على الدولة أن توفر لهم
المواطنة المتساوية، ومن حقهم أن يعيشوا مواطنين لهم مثل ما لغيرهم من
أبناء الوطن وعليهم مثل ما عليهم .
متى ما كان السيد والشيخ والزعيم مواطنون صالحون ينصاعون للنظام والقانون
فإن مستقبل دولة النظام والقانون في اليمن يبشر بخير، وستكون اليمن
وشعبها على موعد مع الازدهار والحضارة، واستعادة مكانة اليمن التاريخية
بعد انتشالها من وحل تخلف الزعيم والسيد والشيخ .
لا يقارن الشيخ بالسيد والزعيم، فالشيخ عندما يكون مع النظام والقانون
ويخضع له فمكانته له بين قومه، أما السيد والزعيم فلا مجال ولا مكان لهما
في ظل دولة النظام والقانون، لأنهما لا يطيقانها، ولن تكون لهم سيادة ولا
زعامة إلا على نسائهم وأطفالهم، هذا إن تركهم الشعب وعفا عنهم .