دائماً وفي كل بلد وفي كل قضية مجلس الأمن يستمع إلى الأقوى عندما تتباين
القوى، أما إذا تكافأت فيظل صامتاً تجاه ذلك البلد ذو القوى المتكافئة،
ويكتفي بالتنديد والإدانة للصراع القائم، ويدعو اطراف النزاع إلى التصالح
دون اتخاذ قرارات أو فرض عقوبات على أحد أطراف النزاع، أو القيام بأي
تدخل مباشر في شئون ذلك البلد .
في سوريا نجد بأن مجلس الأمن يستمع إلى الأقوى ( نظام بشار ) الذي يرتكب
أبشع جرائم الحرب ضد الإنسان بحق الشعب السوري، ولم يتخذ مجلس الأمن أي
قرارات صارمة ضده، ولم يفرض أي عقوبات على نظام بشار من شأنها إيقاف
جرائمه التي لا زالت مستمرة منذ سنوات .
ولكن عندما يحقّق الشعب السوري المناضل تقدماً عسكرياً على الأرض يخرج
مجلس الأمن عن صمته ويدين ويندد جرائم بشار ويتوعد بعقوبات صارمة عليه،
وما أن يحصل شيء من التكافؤ بين الطرفين حتى يعود إلى صمته المستميت؛
ولكن متى ما انتصر الشعب السوري ورجحت كفته بالميزان العسكري فسيكون مجلس
الأمن إلى جانبه، وسيتخذ العقوبات اللازمة ضد نظام بشار .
في مصر نلاحظ بأن مجلس الأمن الدولي لم يفرض أي عقوبات ضد الانقلابيين في
مصر إزاء انقلابهم على الشرعية، وارتكابهم أبشع الجرائم ضد الإنسانية بحق
المتظاهرين السلميين العزل في ساحات وميادين مصر، ولكن عندما ترجح كفة
الشعب المصري وتقترب من النجاح في استعادة الحق المسلوب، حينها سينطق
مجلس الأمن وسيفرض العقوبات على الانقلابيين .
في اليمن خرج الشعب اليمني في ثورته الشعبية السلمية ضد صالح ونظامه، ولم
يعر مجلس الأمن مسامعه للشعب اليمني إلا عندما آمن بأنه أقوى من صالح
ونظامه، فبدأ يتخلص من صالح ونظامه، وليس حباً في الشعب اليمني ولكن حتى
لا يكسب عداوته .
قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن تظهر في مضمونها إلى جانب الشعب ومنصفة له،
ولكن لكي تأتي بما هو أفضل يجب أن يكون الشعب اليمني هو الأقوى، وحتى
تكون في صالح الشعب ولا تعطّل أو تحرّف يجب أن يبقى هو الأقوى .
قوة الشعب اليمني تكمن في حشوده الأبية في مظاهراته السلمية ومسيراته،
التي أثبتت للعالم أجمع بأن القرار بيد الشعب اليمني لا بيد أشخاص أو
جماعات، وأن الرفض والقبول قرار الشعب لا قرار أفراد أو عصابات، لهذا يجب
على العالم أن يتخاطب مع الشعب اليمني مباشرة كونه صاحب القرار الأول
والأخير .
لقد أسمع الشعب اليمني العالم بأن صوته أعلى من نهيق المليشيات المسلحة
المتمترسة خلف أفواه البنادق، وأعلى من نعيق الأنظمة الخائنة والعميلة
الموالية لقوى أجنبية معادية لليمن .
سيادة واستقلال البلد بيد الشعب اليمني، ومتى ما كان هو الأقوى سيُملي
القرارات والحلول على مجلس الأمن وسيستمع له بأذن صاغية، وسينتزع سيادته
وكرامته، ومتى ما ظل هو الأقوى سيخضع المجتمع الدولي مطالبه وسيكون إلى
جانبه .
يجب على الشعب اليمني أن يضاعف من قوته التي تكمن في الاحتشاد الشعبي
والجماهيري حتى يحافظ على نجاح مشروعه الثوري الاستقلالي، ولكي يحرس على
ثمار مجهوده الشعبي حتى لا تصادرها أو تسرقها العصابات والمليشيات
المتربصة به .
يجب أن يكون الشعب هو الأقوى، فمجلس الأمن ليس هو من خلع صالح وأطاح به،
ولكنه الشعب اليمني، ومجلس الأمن ليس هو من تركه يحكم 33 عام، ولكنه
الشعب .