سيخرج الحوثيون من همدان, لقد حققوا أهدافهم وأحرزوا نصراً مؤزراً لن ينساه لهم التاريخ!! سيهنئون أنفسهم بفرح غامر ، ويلوكون أحاديث انتصاراتهم في مجالس "الذكر" وحلقات "المسيرة القرآنية"!! ، وسيتذكرون لحظات سيطرتهم على قرى في همدان، لكن أكثر حادثة سجلها لهم التاريخ حين نجحوا في قتل "المهندس"، هذه وحدها تكفي لأن يشدّ المسلحون الرحال حتى يسكبوا دم محمد ناصر الهمداني! *** في 2011 كنتُ في ساحة التغيير بذمار، كان طلاب الجامعة قد نصبوا أكبر خيمة هناك، صار كل سكان ساحة ذمار يطلقون عليها "خيمة الطلاب"، فيها اجتمع ثلة من الشباب ممن التحقوا بكليات الجامعة المختلفة. في باب الخيمة وقف شابٌ طويل القامة وفي فمه ابتسامة هادئة، لقد كان محمد ناصر الهمداني ، طالب بكلية الهندسة بجامعة ذمار، كان يأسر الجميع ، وله مواقفٌ وذكريات تتحدث عن معدنه الأصيل وحسن أدبه ودماثة خلقه.. تخرج من الجامعة، لا يزال زملاءه ينشرون صورهم بجواره في حفل التخرج يفوح عبقها كعبير الفُل الملويّ على رقبته ، لقد تدلى حلمه كعقد الفل، أصبح الجميع يطلقون عليه "البش مهندس محمد الهمداني"، كان يبتسم بقوة ، ويصمت بأدب بالغ، احتضنته أمه ثم نظرت إلى وجهه المشرق وقد عاد بشهادته شخصاً آخر، لم تصدق تلك الحنون أن طفلها الذي كبُر صار "المهندس", لكن مارس الحزين شهد طيّ صفحة الحلم الجميل ، لقد غزى الحوثيون همدان وقتلوا "المهندس"، نجحوا في أن يملأوا عيني أمه المفجوعة بوجه محمد "الشهيد" ، بعد أن قتلوا "المهندس" وحلمه. مهندسو الموت قتلوا مهندس الحياة!! ويكفيهم جرماً *** الفاجعة كانت كبيرة بحجم الحلم الذي كان "المهندس" يشارك أهله وزملاءه ووطنه، هنا يجب على الزمن أن يتوقف ليقرأ الفاتحة على روح الشهيد "المهندس"، وليتساءل عن : النتائج التي أحرزها الحوثيون في همدان؟ لماذا قتلوا محمد ناصر؟ سكبوا دمه الساخن الممزوج بالثورة العلمية والعملية، فجّروا البيوت والمساجد ودور العبادة وأحرقوا بيوت الله وبيوت خلقه، لكن أكبر جريمة شهدها التاريخ أنهم قتلوا "المهندس". لا يفتأ المتحوثون وأنصارهم وأحبابهم وداعميهم من التبرير لغزواتهم وانتهاكهم لحرمات الله، وليس أكبر حرمة من دم "المهندس"، يجيد الحوثي صناعة العنف ، ويؤدي دوره بمهارة عالية في خلق الحروب والدمار وصولاً إلى اتقان "التدمير، والتفجير" ،بعد أن أصبحت ماركة مسجلة حصرية عليه "المفجرون" أعني!!، يتباهى بين نفسه ومن يستخدمه أنه بات قوة مفروضة يضرب هنا وهناك!! يتباهى أنه قتل "المهندس" ذلك الإنسان الطيب الهادئ الذي بكته الأرض التي كان يمشي عليها. الحوثيون تحولوا إلى وحوش، والوحش مجرم وليست بطولة أن يفقد الإنسان إنسانيته، ليس شرفاً ولا فخراً أن يبيع المرء ضميره وآدميته ليصبح حيوان مفترس كل همه توزيع الأكفان ونشر الموت في بيوت الآمنين كما فعلوا في أسرة "المهندس". الظلم لا يدوم ولا يبقى والزبد يذهب جفاءاً ، لكن الأيام تشهد بقبح ما فعلوه ، بعد أن قتلوا شاباً طيباً مثل محمد ناصر! يا ويلهم يا أم "المهندس"، والله أن قلوبنا مجروحة كقلبك المفجوع، زملاء محمد يبكون يا أماه، يكتبون أوجاعهم في صفحته التي كانت بعيدة عن أيدي المجرمين، لا يزال حائطه في "فيس بوك" مليئاً بالحياة، حائطاً يبكي على أطلاله زملاءه ورفاق دربه، ينحرون دموعهم وينزفون ذكرياتهم، يشقّون أطراف كلماتهم بألم، ويحاولون أن يكتبوا عن محمد الجميل ، ذلك الشاب الطيب الذي أصبح "المهندس"!! هل وارى الثرى جسد محمد؟ هل حقاً نجح الحوثيون في منح "المهندس" لقب "الشهيد"؟!! ثم ماذا بعد؟ عليهم أن ينتظروا انتقام الله لدموع أمه وحلمه الجميل ، فإني لا أشك في غضب الله على من هتك حرمته وقتل عبده الطيب، ولو هدموا الكعبة لكان أهون عند الله من قتل "المهندس" عليك السلام يا محمد الهمداني، فلا تزال صديقي أيها الحبيب وصديق كل أحبابك الآسيفون عليك ، والله حسبك وكفى به حسيباً.