القوات المسلحة هي حصن الجمهورية ودرع الوطن وهي السور الممتد على أطرافه وهي رأس الحربة والجناحان والقلب وتتنقل في كل المواقع ويقدم منتسبوها أروع الأمثلة في التضحية والفداء وعلى أهبة الاستعداد لأي طارئ ولأية نازلة يتقبلون الاوامر بصدر رحب وبلا تذمر في الليل مسيرهم وفي النهار زئيرهم وهيبتهم .. يطاولون الجبال ويتحدون الموج ويعانقون السماء ليوثٌ في صولاتهم وصقور في طلعاتهم وبحور في تقدمهم..
تركوا الأهل والخلان والمال والبنون وآثروا حرارة الشمس على الظِلال الوارفة وودعوا نسائم الليل وصحبِوا الريح والعاصفة عافوا الكرى واسمرّت بشرتهم واغبرّت اقدامهم كل ذلك وهم يستعذبون الخطوب في سبيل الله الذي أمرهم بحب الأوطان والذود عنها ويستلذون الآلام في سبيل الآمال..
يودع الضابط والجندي أهله ليرحل في سبيل خدمة هذا الوطن وفي غايته إحدى الحسنيين فإما النصر وإما الشهادة في سبيل الله والذي من دروبها هو حماية الأوطان . ، جيشنا صابر محتسب لا يحتاج إلا إلى التفاتة دائمة ودورية منتظمة للوقوف على حاجاته المادية والمعنوية فهذا الجيش جزءٌ لا يتجزأ من الشعب وهذه الأمة والتي وصفها رسول الله بالإيمان والحكمة ..وإن من الايمان هو اعداد هذا الجيش الاعداد الامثل والحرص على ان يكون ولاؤه لله ثم للوطن والثورة والوحدة وان تبنى عقيدته على اسس شرعية علمية تتلاءم مع الواقع تمزج بين الأصالة والمعاصرة فلا مكان فيه للحزبية ولا للطائفية ولا للمذهبية والعمل على ديمومة تعاهده بما يعزز فيه قيم الحرية والعدالة والتضحية والفداء..
إن من حقوق هذا الجيش الحكيم المؤمن أن يواصل أفراده تعليمهم وفق آلية مضبوطة وتخصصات متعددة مطلوبة يستفيد منها الوطن والمواطن ( الجندي ) وأن تتوزع تلك التخصصات على مختلف المؤسسات العسكرية وفروعها على تراب هذه البلدة الطيبة ، والجندية لا تعني الأمية كما يتصور البعض وانما هي درجة في معراج الوطنية للسمو بالوطن ودور الجندي لا يقل عن دور الطبيب والمهندس والمعلم و.... فالجميع يؤدون واجبات وطنية متكاملة غايتهم في ذلك نهضة الوطن ورفعته..
أغلب صباحاتنا هو تشييع لشهداء قواتنا المسلحة والأمن وأغلب نشراتنا الإخبارية هو التعازي لذوي الشهداء والفرقة الموسيقية العسكرية تشتاق إلى الألحان الفرائحية بعد أن ملت من ألحان مراسيم الدفن وعبارات الآسى والحزن تكاد تفتت القلوب بدلا من مواساتها حين يتذكرها ذوي الشهداء بعد أيام من فقدانهم لأحبتهم ولم يجدوا إلا رعودا بعد وعود من أولئك القادة الذين تعهدوا بتكريم الشهداء والذي لم يلمس منه ذويهم سوى الشيء اليسير الذي لا يذكر بل قد يصاب هؤلاء بصدمة حين يكتشفون أن من قاتلهم آباؤهم وإخوانهم هم الشهداء وتعلق وتنشر صورهم في كل جولة وشارع وينالون التعويضات الهائلة فيرجع ذوي الشهداء بنفوس يعتصرها الألم وفؤاد يكاد يبكي دما...
إن على الرئاسة والحكومة وقيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن تدرك أن القوات المسلحة إنما هي ملك للشعب وهي الجزء الغالي منه والاكثر تضحية وفداء والاقل حقوقا فعلى تلك الجهات أن تولي اهتمامها بهذه الشريحة وان تعمل على ما من شانه تامين احتياجاتها المادية والمعنوية واعطائها اولويات في الاستراتيجيات المالية ومنحها امتيازات وخصوصيات اكبر لتتفرغ لخدمة الوطن وحمايته وقد نزعت من فكرها ما يؤرقها من هم الحاجة والفاقة والعوز ..والله اكبر والمجد والرفعة لأبطال قواتنا المسلحة والأمن..