أكثر من ألف يوم ومنذ انطلاق الثورة الشبابية الشعبية والشعب اليمني ومن جهاته الأربعة يدفع ضريبة مطالبته بالتغيير ونيل الحرية والكرامة والعيش فوق مستوى خط الفقر والتقدم من ستر الحال إلى الكفاية والتطلع إلى الرفاهية ... ، المدنيون والعسكريون منتسبي القوات المسلحة والأمن ( الشباب والشيوخ والأطفال الذكر والأنثى المثقفون والمتعلمون والأميون المستقلون والمتحزبون ) جميع أفراد الشعب يسدد عبر هذه الألفية ليس فاتورة أخطأ الحاكم المستبد فحسب وإنما أخطاء الأحزاب المتصارعة والمتحالفة المتشاكسة والتي تسعى إلى الحكم وليس هذا المطلب جرما
أو حكرا على حزب دون آخر ولم ينزل نص سماوي يحدد فيه أن أحزابا خلقت للسلطة وأحزابا خلقت للمعارضة ، معظم الأحزاب أو كلها أهدافها ( ليس عليها غبار ) وطنية من الديباجة إلى الخاتمة غير أن أهدافا خاصة في باطن القائمين على هذه الأحزاب تسعى إلى تحقيقها بغطاء وطني أو شرعي جعلها تنسى الوطن والشريعة ...
ما يجري في حضرموت وماجرى بالأمس القريب حين قتل عشرين جنديا من قوات الأمن الخاصة ليس أمرا غريبا ولايستدعي التعجب فقد صار أمرا مألوفا وطبيعيا فكيف للمواقع الاعلامية المغرضة أن تعيش دون أن تقتات على مثل هذه الأخبار وكيف للمرجفين العيش إلا وقد زادو خبالا وتثبيطا وفتنتة وإشاعات مغرضة ليوهنوا من طموحات الشعب ويقتلوا آماله في التغيير والعيش الكريم فلذلك أصبح الإرهاب بضاعة رابحة لأولئك من أعداء التغيير وسعوا من خلاله للنيل من خصومهم وإن لم يكن لديهم يد فيه إلا أنهم شركاء له في الإ رجاف والتثبيط والتحبيط والتخويف..
هؤلاء المظلومون والمقتولون غدرا من قبل شخوص بشرية لا تحمل مايدل على إنسانيتها وإنما هي ضباع في صورة بشر لم يكن أولئك الشهداء جنودا أمريكيين أو إسرائيليين ولم يكونوا حراسا على أبواب سفارتيهما ولم يكونوا حراسا على أبواب الغرف المتحكمة بالطائرات بدون طيار ولم يكونوا من المارنز أو الموساد ولم يكونوا يتسترون على مجرم أو يرافقون مسؤلا فاسدا أو شيخا ناهبا وإنما كانوا متواجدين في منطقة قتلهم مناخها وبعدها قبل أن يقتلهم هؤلاء المجرمون ..، يعيشون في مساكن أشبه باللاجئين والنازحين تفتقر فيه أبسط مقومات الحياة الكريمة ومع ذلك صابرون
ومرابطون يستعذبون الآلام في سبيل الأوطان وليضمنوا أدنى العيش الكريم لهم ولمن يعولون ومع كل تلك المآسي إلا أن القتلة المجرمون سفكوا دماءهم وبعثروا آمالهم وسرقوا الشوق من عيونهم بعد أن كانوا يترقبون العودة لأهاليهم بماتبقى من رواتبهم يزرعون البسمة في قلوبهم ..
تضل حضرموت بؤرة ملتهبة ومسرحا في الهواء الطلق لتلك الجرائم ومع ذلك تضل الدولة في غفلة وفي توهان وسرحان وانشغال عنها وعدم تطوير في الخطط الأمنية والتكتيكات العسكرية وما زالت قاعدة الحيطة والحذر غائبة وكأن مادرسه الضباط في الأكاديميات العسكرية والأمنية ما هو إلا فنون في الطبخ والتدبير المنزلي وليس هناك من عذر للرئاسة والحكومة فالمؤمن لايلدغ من جحر مرتين إلا أن في حضرموت كثرت الجحور وتوالت اللدغات والدولة يبدوا أنها تريد العيش على هذه اللدغات ضنا منها أنها قد تكتسب المناعة فلايضيرها تلك اللدغات فيما بعد أو أن لها فائدة من تلك
الأفاعي لدوام سلطانها وتدفق أرزاقها وهذا منتهى الذلة والسقوط وإن كانت اللدغات اليوم تطال المساكين والأبرياء ممن يلتحفون الزرقاء ويفترشون الغبراء ولا يملكون المركبات والدروع الواقية للرصاص ويدفعون هم الثمن فسيأتي اليوم الذي لن تلدغ فيه القيادات وإنما ستفترس وتأكل ...
مايثير الدهشة والغرابة هو التشابه والتوقيت في الإعتداء على النقاط الأمنية في عمران وحضرموت وكأن الفاعلين يسيران على مخطط واحد ولهدف وا حد وبوسائل متقاربه وجميعها يتقرب بتلك الدماء الزكية التي سفكوها من جنود الأمن إلى الله مدعين أنهم أنصار له ولشريعته وطائفة ثالثة تسفك مثل تلك الدماء جاعلة منها أنهارا تقلها إلى الأستقلال والتحرر - حسب زعمهم - من مستعمر رسموه في مخيلتهم المستعمرة بالوهم والعمالة ..
إن على الدولة أن تبسط سلطانها بكل ما أوتيت من قوة وإن على تلك الأحزاب أن تؤجل طموحها واعداداتها المسبقة للرقي للسلطة إلى حين يقف الوطن على قدميه ويتعافى من جراحه ويتخلص من أورامه وخلاياه السرطانية وأن تعمل هذه الأحزاب على حشد طاقاتها وكوادرها للتعاون مع الدولة في تثبيت دعائم الأمن والإستقرار وبعد ذلك لها أن تتفرغ لطموحاتها على أ رضية قابلة لتنفيذ غاياتها والتي تصب في مصلحة الوطن فينعم بها المواطن..