كان متوقعاً ان تنظيم قاعدة الجهاد في شبة الجزيرة العربية في اليمن سيحاول الظهور مجدداً عند استثماره لنتائج أية جريمة يرى انه حقق بارتكابها نجاح او انتصار له، وذلك لإخفاء ومداراة الازمة التي تعصف بقيادته منذُ اخفاق "قاسم الريمي" المسئول العسكري والميداني للتنظيم وفضيحة جريمة "العرضي" في 5 ديسمبر العام الماضي عندما راح ضحيتها اكثر من (56) شهيد معظمهم من الأطباء والمدنيين الأبرياء اقدم التنظيم باعدامهم وتصفيتهم بصورة عشوائية افقدته مصداقيته وثقة عناصره به، وقللت من تعاطف انصاره معه، حين ادعاء " بانهم لايريدون الهجوم ، وان احد عناصره تمرد عليه" والتي بيّنت ايضاً عورة وازدراء قادته، وفشلهم في تبرير الجريمة أمام الرأي العام بعد مشاهدة مقاطع الفيديو الذي بثته وسائل الاعلام الرسمية في اليمن، وماكشفته عن فضاعة ووحشية القتل العشوائي الذي ارتكبته عناصره الارهابية للأبرياء من ممرضين وأطباء مدنيين يمنيين، واجانب، والصدمة النفسية التي خلفتها الجريمة في اوساط المجتمع اليمني وادانة الاشقاء والاصدقاء لها معبرين عن وقوفهم الى جانب اليمن لمحاربة الارهاب، الأمر الذي خلق حالة تُذمر وأستياء في صفوف (تنظيم القاعدة في اليمن) اضعفته ووضعته في مستوى يُنذر بالإنهيار حال استمراره في التهاوي.
لهذه الدوافع جاءت جريمة تنظيم (القاعدة) الهجوم على سور السجن المركزي بصنعاء، واقتحامه، في 13 فبراير2014م، وفرار قرابة 29 سجيناً غالبيتهم من أعضاؤه، بمثابة محاولة من قيادته قد ربما يكتب لها النجاح ان صدقت (رواياتهم) لإعادة الثقة في صفوفه بعد اهتزازها وتصدعها بسبب التبريرات الواهيه التي اطلقها القيادي في التنظيم (قاسم الريمي) عقب تنفيذ جريمة (العرضي) والتناقض الفكري الذي احدثه تذبذبهم حول من هو العدو الحقيقي الذي يفترض ان يقاتله التنظيم؟!.
وبالنظر الى الجريمتين يتبّين أن الخطوط المشتركة التي تلتقيان تتمحوروتتتطابق اهدافهما حولهما - كسرهيبة الدولة وسيادتها، والتأكيد على تزايد تأثيرالتنظيم على المجتمع بكشفه ثغرات (تواطوء العسكر)، الإ أنهما يختلفان في النتائج لتكشف الجريمة الاولى (العرضي) بشاعة قادة التنظيم في قتل الابرياء حتى يمكن اعتبارها الضربه التي كسرت شوكة التنظيم وشوهت صورته، ليحاول من خلال الجريمة الثانية، (اقتحام السجن) البرهان على جرأه تنظيم القاعدة وعدم التخلي عن عناصره في السجون، وإعادة انتاج من هذا الحدث انشطة جديدة تهدف لترميم جسور الثقة المتدهورة بين صفوفه وقياداته، وإعادة رسم الصورة الذهنية (هيلمان) التنظيم او صناعة الارهاب النفسي للمواطن، وابقاء في ذهنه الصورة السابقة عن قوته وجبروته، بعد ان خدشتها جرائمه السابقة - أي يمكن اعتبارها كمحاولة جديدة لزعيم "تنظيم قاعدة الجهاد في شبة جزيرة العرب" ناصر الوحيشي لإصلاح ما أفسده القيادي "قاسم الريمي" وتصحيح الصورة السيئة التي رُسمت في ذهن المواطن عن لتنظيم.
ويتضح ذلك من كلمات الحضور في الحفل الاستعراضي الذي نظمه تنظيم (القاعدة) في منطقة وعرة محاطه بالجبال والاشجار الجرداء، يعتقد أنها جبال المحفد بمحافظة أبين للإحتفاء بأعضاؤه الذين فروا من السجن المركزي بعد اقتحامه، وبثت مؤسسة (الملاحم) المؤسسة الإعلامية التابعة للتنظيم في 29 مارس تسجيلاً مصوراً لفقراته بعنوان "أول الغيث" التي شملت ايضاً على اطلاق مسلحي القاعدة النار في الهواء مرددين الاهازيج وزوامل الموت التي اطلقتها حناجرهم مرحبين بالسجناء، وفي غياب ملفت للمسئول العسكري والميداني للتنظيم "قاسم الريمي "، الذي يكشف بغيابه استمرار الازمة التي تعصف بقيادته واهتزاز الثقة القائمة بين عناصره، وليؤكد التنظيم ببثه هذا الفيديو وحرص زعيم "تنظيم قاعدة الجهاد في شبة جزيرة العرب" ناصر الوحيشي المكني بابي بصيرعلى الحضوره، وان التنظيم تجاوز مرحلة الضعف التي يمر بها لعدم كفاءة بعض قياداته حين قال في كلمته :" الأمة علت وارتفعت وسمت ومرحلة الاستضعاف ان شاء الله تذهب عن الأمة " وقوله: " فلابد ان نتذكر اننا دائماً نقاتل العدو الأكبر(ائمة الكفر) ولابد ان نسقط هؤلا الأئمة ".
ان الزوامل التي انطلقت من حناجر عناصر التنظيم للترحيب باولئك المجرمون الفارون من وجه العدالة لقتلهم الابرياء، في حين لم تندمل بعد جروح وألآم ابناء ضحايا جرائمه! لايمكن وصفها الا انها سهاماً جديدة يوجهها التنظيم لقتل المجتمع بأسره الذي كان ينُتظر من زعيمه ان يعتذر لأُسر الضحايا عن قتله لذويهم المدنيين الابرياء.. وليس القيام بمداراة هذه الحقيقة الثابتة بالاستعراض بالاهازيج والفرح والمغالطه بان حربه مع "الصليبين" .
كما ان هذه الزوامل التي اطلقها القتله المارقون لن تجدي نفعاً لإخفاء الحقائق، وحالة الانقسام والتذبب، التي يسعى التنظيم لدفنها والظهور مجدداً باستعراض (المهزوم)، وكأنه لايزال قوياً، أو التشويش ثانيةً على عقول الشباب للعودة للإنخراط في تنظيم "الابادة" الذي يُدمر حياتهم ومستقبل بلدهم.
نعم نقول ان اهازيجهم وافراحهم واستعراضهم كالمنتصر لن تُحسن الصورة البشعه لتنظيم القاعدة التي رسمتها له اكاذيب قادته لإخفاء بشاعته في قتل الابرياء التي تؤكدها وقائع مذبحة (العرضي) وغيرها من المجازر والمذابح التي ارتكبها بحق المسلمين والمستأمنين. امام ماشاهدناه في مقاطع الفيديو لا نجد الا ان ندعو السلطة ووزارة الداخلية للقيام بواجبها الذي ينبغي ان تقوم به لابراز ونشر الحقائق حول جريمة اقتحام السجن المركزي بصنعاء، وكشف الحقائق حول ادعاءات التنظيم بتُمكنه من صناعة القنابل اليدوية في السجن، حتى تتضح الصورة الصحيحة للمواطن، ودحض ادعاءاته بتواطوء الحراس، أو التوضيح بالاجراءات المتخذة ضدهم، إن كان ذلك صحيحاً، كي لا ينتقل عدوى التواطوء الى بقية السجون والاجهزة الأمنية والحفاظ على ماتبقى لدى قادتها ومنتسبيها من يقظة أمنية.