لست من مروجي نضرية المؤامرة ولا من القائلين بها ، لكن من الغباء السياسي ان نستبعد دور العامل الخارجي ومدى تاثيره في احداث شؤننا المحلية .سوء في شؤننا المحلية في اليمن أو الشأن المصري أو الشأن السوري .بل يجب علينا ان ندرك إنه في كل بلد عربية ثمة سيناريو خارجي يوثر في احدا ثالشان المحلية ويدخل ضمن صيغة المعادلة السياسية .ومن باب اولى بنا ونحن نتحدث بهذا الخصوص ان نفرق تماما بين نضرية المؤامرة وبين التدخل الخارجي .
فالتدخل الخارجي امر واقعي وحتمي سواء شئينا ام ابينا سواء قبلنا به ام رفضناهفهو امر حتمي لانستطيع تحاشي حدوثه مهما فعلنا .
ولعل اهم الفروق بين المؤامرة والتدخل الخارجي من وجهة نضري هو ان المؤامرة تسهم في تضخيم مشاكلنا وتعقيدها لإنها تمنحنا القدرة على تبرير اخطائنا والدفاع عن عجزنا ،من خلال افتراض العدو الخارجي وبالتالي فاننا نرمي كل مشاكلنا على الخارج ،وكلما يحدث في الداخل من اخطاء وقصور نتنصل عن مسئوليتها بذريعة وجود مؤامرة خارجية ،وفي هذه الحالة يجد النطام السياسي ضالته في نضرية المؤامرة ،فيوظف كل إمكانتاته في تسويق وترويج نضرية المؤامرة ،حتى يستلب المجتمع قدراته على الرفض وامكانياته في التغيير ويصل المجتمع الى مرحلة الاستلاب الفعلي وعندها تتحول نضرية المؤامرة الى عقيدة راسخة في اذهان الناس ووعيهم ،وبفعلها ينضر الشعب الى مشاكله ومعاناته وكانها قدر من الله ،والقدر بطبيعته لايستوجب سوى الايمان به والتسليم له.
كما ان نضرية المؤامرة تتحول الى اسلوب رسمي في ادارة شئوون الحكم في كل بلد يديرها نظام مستبد يعاني من عاهات العجز السياسي والفشل الاداري ،وتتعزز اهمية المؤامرة في هذا البلد او ذاك بقدر مايعانيه النظام الحاكم من العجز والفشل .
والملاحظ ان هناك لبس أو التباس في وعي الكثير من الناس واذهانهم بين الامرين ،فقد صادفت الكثير ممن تجمعني بهم الصدفة في اكثر من مكان يلومني بعضهم ويقولون لي "انت شخص متناقض كيف ترفض نضرية المؤامرة وتتحدث عن اهمية العامل الخارجي والسيناريو الخارجي.
وفي هذه الحالة اقول نعم أني ارفض نضرية المؤاممرة وأرفض التعاطي معها لكني في الوقت نفسه أقر بوجود تدخلات خارجية بل واجزم بوجود سيناريوهات خارجية مرافقة لكل احداثنا المحلية.
لكن كيف يمكننا الاستفادة من التدخلات الخارجية وكيف يمكننا ان نوفق بين سيناريوهات الخارج مع مصالحنا الداخلية.
وهنا تحضرناا فوارق اخرى بين المؤامرة والتدخل ومنها ان المؤامرة لايمكن ان نستفيد منها بينما التدخل الخارجي يمكن الاستفادة منه ،كما إن المؤامرة يمكن انكارها ورفضها بينما التدخل الخارجي لايمكن رفضه ولا انكاره ايضا ،أضف الى ذلك إن المؤامرة تكون سرية وخفية بينما التدخل يكون واضحا وعلنيا .
ويكفي ان نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر نموذج التدخل الاقليمي والدولي في اليمن عبر المبادرة الخليجية ،وهذا التدخل لايستطيع احدا في اليمن إنكاره ولايستطيع احدنا ان يقول ان اليمن لم تستفيد من ذلكم التدخل .
أما مايتعلق بالسيناريوهات الخارجية فغالبا ما تصاغ السيناريوهات في مرحلة تالية للتدخل إذينفرد كل طرف من اطراف التخل الخارجي بسيناريو خاص به وبمصالحه ،وهنا تقتضي المسئولية الوطنية على ساسة البلد ان يدركوجيدا كيف يقراون السيناريوهات الخارجية ويعلمون اين نستفيد منها واين مكامن الضرر فيها فهي ليست شرا محض ولا خيرا محض .
لذلك لانستبعد باي حال من الاحوال ان هناك سيناريوهات خارجية حاضرة بقوة في قلب المشهد المصري الراهن مثلما هي حاضرة بقوة في قلب المشهد السياسي والعسكري في سوريا وبلاد الشام.