ظلت وستظل الرشوة عنوان الفساد الأكبر في كل بلاد العالم , فمنذ امد طويل كانت الرشوة سياسة المستعمرين الأجانب واليوم سياسة الحكام المستبدين الطامعين في الاستمرارية .
منذ ايام الدولة العثمانية حيث كان السلطان يمنح الأراضي الواسعة عليها وما عليها لبعض القادة الطامحين ليكونوا أداته في فرض هيبة السلطنة , وفي أيام الاستعمار الغربي كانوا يلجئون أيضا الى العطايا والهبات العينية والمادية من اجل كسب بعض الناس ليكونوا مفاتيح لهم واليوم استمر الوضع على نفس الأسلوب والمنطق, لكنه اخذ طريق الرشوة المباشرة, فالغاية لم تتغير الأسلوب والأفراد وحدهم الذين تغيروا ومن الخطأ الظن ان الرشاوى تقتصر على مجال معين فقط بل انها امتدت كل المجالات .
فالاستعمار او العالم الجديد كما يقولون يدرك بدقة ان طريق السيطرة السياسية لا يكون الا بالسيطرة الاقتصادية والفكرية ومن اجل هذا اتسع مجال الرشاوى وشمل أناسا كثيرين وبنسب مختلفة . لقد أظهرت الفضائح المتتالية في الولايات المتحدة ذلك فمعظم الشركات كانت تقع تحت دائرة اوجهات سياسية وأمنية عليا , والسؤال لماذا لا تعلن الحقائق كاملة بالنسبة للشرق الأوسط ولماذا لم تلجأ الحكومات إلى معرفة حالات الثراء التي هبطت على أشخاص دون وجه حق ويعتقد منذ مدة طويلة ان الشركات النفطية هي المعني الأول بالرشاوى واكبر الحالات الظاهرة للعيان اليوم .
وعلى سبيل المثال أصبحت شركات النفط الأجنبية هي من تحدد وزيرها للنفط فكلما كانت الشركة هي الأكبر إنتاجا والأكثر عطايا وهبات للمسئولين كلما كانت كلمتها مسموعة ويحق لها المشاركة باختيار وزيرا للنفط.فموظف دخل وزارة ما ولايملك شئ ويخرج بعد كم سنة من الوزارة ورصيده في البنوك بالملايين اليس هذا فسادا وارهابا بحق الامة عندما يترك العامة في خانة الفقر .
فكيف السبيل للحكومات حماية نفسها من هذه الشركات ولماذا أصلا لم تشرع الحكومات قوانين تحارب مظاهر الرشوة والفساد عموما .وهل صحيح إن المنطقة بعيدة عن ما يجري في العالم وان الأمور بخير ومسيطر عليها وهل المنطقة العربية تعمل بمنأى عن العالم أم إن المصالح كلها مشتركة ومترابطة لابد من وقفة جادة فليس من المعقول أن تتأثراليابان بما يجري في الولايات المتحدة وتتأثر أوروبا كذلك ومنطقتنا الأمور فيها بخير هل من الضرورة أن نضحك على أنفسنا قبل أن يضحك الآخرون علينا.
فالظاهر إننا لم نعتبر من دروس التاريخ فنحن دول مهزومة سياسيا منذ عقود طوال وحتى اقتصاديا يضحك علينا فهم يعمدون لإثراء المنطقة وينفخون بالون التنمية إلى أن ينفجر هذا البالون ليصبح كل شئ رماد كأن لم يكن أبراج وناطحات سحاب ومدن عملاقة فارغة وخاوية.... يتحدث العالم عن الارهاب ويتناسى الجميع الارهاب الحقيقي" الفساد " السبب الرئيسي في كل الازمات الحالية.
وكما يقال دوما (كلما ازداد الفقر زادت ثورة الشعوب وكلما ازداد الغنى زاد الفساد لتنهار القيم والأخلاق وبالتالي سقوط الدولة في كلا الحالتين ))
فالفساد ايضا يعد ارهابا بحق الشعوب الفقيرة عندما يتحصل فاسدون على كل مقدرات البلد. وقد قيل منذ فترة ان ثلث الفساد المالي في العالم مركزه الوطن العربي، ونصفه في العالم الإسلامي"
فلاتنمية حقيقة في عالمنا العربي طالما استمر الرشوة عنوانا لكافة المعاملات اليومية فلا توجد وزارة او مرفق حكومي الا والرشوة تنخر بها فالموظفين اصبحوا يتعاملوا بها على مرأى ومسمع الجميع.و بلاخوف ورادع ديني او قانوني لانها اصبحت ممارسة يومية تمارس من اكبر مسؤول الى اصغر موظف كل توقيع بسعره .اصبح من الصعب جدا اقتلاع بلاء الرشوة لانها اصبحت ثقافة عامة شاملة الكل .
و لا افهم السر حتى يومنا هذا لماذا تعمد الدول والمنظمات والهيئات الدولية لتقديم المنح والمساعدات والقروض مع ان الامور طيلة السنوات الماضية كما هي لم تتغير الفقر هو الفقر والعوز هو العوز نفسه والدول التي تطلب المساعدة والمنح هي نفس الدول منذ عقود طويلة ومعروفةلم يتغير حالها .ونفس المشاكل التي تعانيها الصحة - التعليم -الطرق ...الخ .
ما حدث ويحدث الى يومنا هذا ان المسؤولين الفاسدين وصولوا لحالة من الثراء وظلت شعوبهم تعاني الفقر والعوز مع استمرار الدولة في طلب المساعدات لياتي مسؤولين يواصلوا المهمة وتدور السنين البلد والشعب على حاله فساد متأصل في عرق المسؤولين يتوارثه جيل بعد جيل .
والادهى اعتقاد كافة الفاسدين عن قصد او جهل انه بعد هذا كله نذهب لاداء العمرة والحج ليعلنوا توبتهم و يغفر الله لهم .و لا اعتقد بوجود حل الا بتغيير ثقافة المجتمع الحالية بثقافة جديدة اكثرانصافا وعدالة ومساوة والاهم الامانة .
قال تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )( )
و قال صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان )( ). وعلى كل المسؤولين والموظفين ان يدركوا الامانة الملقاة على عاتقهم في تسيير شؤون الامة باخلاص وامانه بلا تسويف ومماطلةوابتزاز .
بالأمانة يسود الأمن، وتعطى الحقوق، وتؤدى الواجبات. لقد أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين بالمحافظة على الأمانة، وأدائها إلى أهلها: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها...)، وقال الرّسول صلى الله عليه وسلم:" أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك"، قال الشّاعر:
إذا ائتمنت على الأمانة فارعها إن الكريم على الأمانة راعي
وقال آخر: أدّ الأمانة، والخيانة فاجتنب واعدل، ولا تظلم يطيب المكسب
إنّ الإسلام حين يأمر المسلمين بالتحلّي بصفة الأمانة، يدرك أنّ الأمين هو الذّي يلتزم طاعة ربّه، والخائن هو الذي ينحرف ويعصي الله؛ لأنّه يتخلى عن العهد وينقض الميثاق اللّذين يربطانه بالله الواحد القهّار.