المعروف ان الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي هو الحلقة الأضعف في دائرة التأثير السياسي لعدم وجود قوة سياسية او مراكز نفوذ رسمية او اجتماعية يستند اليها ، فهو رئيس يفتقد للسيطرة على اي حزب او قوى اخرى ، رغم انه الرجل الثاني بحزب المؤتمر لكن الولاءات داخل المؤتمر تمتثل لتوجيهات صالح بحكم سيطرته وتأثيره على الارادة المؤتمرية
محاولات كثيرة بذلها هادي للبحث عن قوى يستند اليها لكنه يصطدم بتأثير القوى المتصارعة هو المسيطر وهذا البحث يعد من اسباب توقف انجاز استحقاقات التغيير ودافعا لميل هادي شمالا بإتجاه الحوثي
هادي اخفق السيطرة على الدولة رغم النتائج التي تحققت له بالسيطرة على مواقع هامة وحساسة مثل اجهزة الاستخبارات والمناطق العسكرية والامنية وجهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد والسلطة القضائية وغيرها من المواقع الحساسة، الا ان كل هذا لم يحل له مشكلة التمرد وفقدان السيطرة على السلطة
استخدم واستورد واستحضر كل الاساليب لكنها لم تحقق له اهدافه حتى اعلن الاستسلام لرئيسه السابق للجمهورية والحزب سابقا وحاليا حتى وصل الى شبه اتفاق عنوانه شراء رئاسة المؤتمر او المال مقابل الرئاسة حيث وافق هادي على الافراج عن أرصدة المؤتمر المحجوزة ووافق صالح على نقل الرئاسة بشرط ان يكون يحي الراعي هو صاحب القرار فيما يخص الشئون التنظيمية داخل المؤتمر يعني سيكون هادي رئيسا تحت وصاية يحي الراعي وهي مهمة اختارها صالح لضمان بقاء حزب المؤتمر تحت سيطرته ، وموافقته على قرار نقل الرئاسة يأتي للتجنب الصراع مع لجنة مراقبة العقوبات الاممية
الاخبار والمعلومات عن اتفاق بين هادي ورئيسه علي صالح لنقل رئاسة حزب المؤتمر الى هادي بموجب ضمانات وشروط تم الاتفاق عليها ، قرار الافراج عن ارصدة حزب المؤتمر بعد تجميد هادي لها في البنك المركزي يدل على اتمام صفقة!! بين هادي وصالح للتخلص من الانقسام الذي هيمن على حزب المؤتمر لأكثر من عامين
يعتبر هذا الاتفاق الذي سيخرج علنا خلال الايام القادمة مكسبا لهادي وصالح وحاجة كل منهما للتخلص من اعباء تشكل هاجسا مرهقا لهما
صالح اراد التخلص من رئاسة المؤتمر استباقا لما قد يلحق به من عقوبات وفقا للقرار الاممي 2140 بعد ان اشار اليه القرار بالكف عن عرقلة المرحلة الحالية اضافة الى انه استشعر بتململ صفوف انصاره وميولهم الى النائب الرئيس هادي وهذا يؤثر على وضعه ومكانته، كما ان تحالف المؤتمر مع الحوثيين كشف عن خلل وطني اصابت الحزب وضربت ثوابته ومنهجه واهدافه وهذا ما يؤدي الى خسارته لجمهوره داخليا وخسارته للقوى الاقليمية والدولية التي تقدم له الدعم خاصة بعد اعفاء الامير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودي من منصبه على خلفية الفشل الاستخباري السعودي لمواجهة التوسع الحوثي في اليمن وتزايد التمدد الايراني وضرب القوى اليمنية التي تواجه هذا التمدد بواسطة جماعة الحوثي وكان لحزب المؤتمر الشعبي العام بصمة واضحة وعلنية بتقديمه الدعم للحوثيين الذين استغلهم رئيس المؤتمر علي صالح للانتقام من القوى التي اعلنت الثورة عليه وخلعته من السلطة حتى وصل هذا الدعم الى درجة انحراف الدور السعودي الى دعم جماعة الحوثي بطريقة غير مباشرة اعتمادا على تحالف السعودية مع المملكة واستطاع علي صالح ركوب موجة حرب المملكة ضد جماعة الاخوان وقدم لها جماعة الحوثي كقوة اساسية لضرب جماعة الاخوان وهذا المعلومات اقنعت جهاز الاستخبارات السعودية وتعاملت مع الحوثي كحليف في وجه الاخوان دون النظر الى اعتبارات اختراق الامن القومي السعودي من قبل ايران بالاعتماد على ما يقدمه حزب المؤتمر من معلومات للجانب السعودي دون الادراك لاسباب ودوافع الصراع بين علي صالح وبين خصومه الذين قاموا بدعم ومناصرة الثورة عام 2011 م وان المبادرة التي صاغتها الرياض جاءت بحل توافقي بين علي صالح وحزبه كطرف وبين القوى الثورية الشبابية و السياسية والاجتماعية والعسكرية كطرف اخر وان المبادرة الخليجية انطلقت للحل على ان ما حدث في اليمن ازمة وليست ثورة وكان على المخابرات السعودية ان تنطلق على الاقل وفقا لما جاء في المبادرة الخليجية التي احتضنت الرياض مراسم التوقيع عليها وتدرك ان علي صالح حضر للتوقيع مع خصومه وقد اعلن اكثر من مرة عن نيته بتأديب كل من قدم دعما للثورة لكنه ظهر انه اذكى من استخبارات المملكة واستطاع كسبها الى صفه للانتقام من خصومه ووقع الاختيار على جماعة الحوثي نتيجة للخلاف الفكري والمذهبي بينها وبين خصومه الذي يعد حزب الاصلاح وحلفائه من رجال القبائل والقيادات العسكرية والامنية ورجال الدولة اضافة الى احزاب اللقاء المشترك
هذه بعض الاسباب التي دفعت بعلي صالح للقبول بنقل رئاسة حزب المؤتمر الى نائبه الرئيس الانتقالي وهذا يعد مكسبا لصالح بالتخلص من الاعباء المتراكمة والاعباء المستقبلية التي قد تستهدفه شخصيا
اما المكاسب التي ستحقق لهادي من وراء هذا الاتفاق الذي ظل يعمل للوصول اليه وتحقق له اخيرا ..
التوافق على تولي هادي رئاسة المرحلة الانتقالية تم بين قوى سياسية فاعلة ومؤثرة وجاء نتيجة اندلاع ثورة بوجه علي عبدالله صالح ونظامه وحزبه الذي يتولى هادي فيه الرجل الثاني بعد صالح وتم التوافق بموجب المبادرة الخليجية على ابقاء المؤتمر شريكا بنسبة خمسون في المائة بحكومة الوفاق بينما المؤتمر يسيطر على مفاصل السلطة بنسبة تتجاوز التسعون بالمائة، فمن الناحية العملية يعتبر المؤتمر هو الحزب الحاكم وهذا كان اهم العوائق التي تقف في وجه الرئيس الانتقالي الذي وقف في وجهه حزبه من خلال ادارة علي صالح المناوئة لسياسة هادي بالاعتماد على كوادر المؤتمر التي تسيطر على اجهزة الدولة وتلتزم بتوجيهات علي صالح فوجد عبد ربه نفسه رئيسا لسبعة عشر وزير هم حصة احزاب اللقاء المشترك وقوى الثورة وانصارها وكانت قرارته تقابل بالتمرد ورفض تنفيذها بموجب توجيهات من صالح فحاول الذهاب بإتجاه المؤسسة العسكرية والامنية فوجد ان المؤثر عليها هو اللواء علي محسن الاحمر بشكل كبير اضافة الى تأثير علي صالح على ماتبقى منها واتجه الى مراكز النفوذ القبلية والاجتماعية فوجد ان حزب الاصلاح والقوى الموالية له انه يحتل المرتبة الاولى بالتأثير على هذه القوى فوجد هادي نفسه رئيسا بلا قوة سياسية او مركز نفوذ اجتماعي او مؤسسي وانه عبارة عن الحلقة الاضعف في المنظومة الحالية ، وهذا الوضع ينطبق تماما على القوى السياسية والاجتماعية في الجنوب ، وصل هادي الى قناعة تامة بضرورة اقامة جبهة او تحالف يستند اليها لخلق توازن لصالحه كرئيس لليمن لانه خلال الفترة الماضية كان يعتمد على رعاة المبادرة الخليجية وهذا لا يمثل توازنا لان رعاة المبادرة كانوا امام ارادات متباينة وكان هادي هو الاضعف بين وامام هذه القوى
فبدأ يتجه نحو جماعة الحوثي فكانت هي الحل المناسب له للاستحواذ على نسبة من مساحة التأثير والنفوذ فاتجه اليها بأدوات علي صالح الذي تحكم به عن بعد ليضرب عصفورين بحجر واحد
قام هادي بدعم توسع الحوثي عسكريا وتمثل هذا الدعم بإبعاد القوات المسلحة والامن من طريق الحوثي الذي يتطلع الى السيطرة على اكبر مساحة من جغرافية اليمن وهذا الدعم انعكس سلبيا على هادي الذي وجد نفسه امام ورطة كبيرة قد تطيح به وباليمن لان دعم توجه الحوثي بالاساس يخدم قوى خارجية وهذا الدعم لا يمكن استيعاب القوى الفاعلة بالمجتمع ومن بين هذه القوى المؤتمر الشعبي العام
دعم هادي للحوثي خرج عن سيطرته وجاءت النتائج لصالح قور خارجية على عداء مع دول المبادرة ورعاتها وجاء خدمة لعلي صالح شخصيا، تأكد هادي انه في مأرق وان كل القوى " داخلية واقليمية ودولية " بدأت تفقد الامل بهادي وانه ينفرد بالقرار ويحاول تثبيت اقدامه لكن بالوسائل والادوات الخطأ وجاءت وبدأت الرسائل توجه له من الداخل والخارج مفادها ان الانحراف بدأ يظهر على قيادة المرحلة الانتقالية
واتفاق نقل رئاسة المؤتمر الى هادي يمثل خطوة ايجابية تخدم هادي وتخدم صالح ايضا لان انتقال رئاسة المؤتمر الى هادي ستحل له اشكالية الرفض والتمرد الذي كان يرفعه صالح بوجه هادي وستحل له اشكالية وضعه كضعيف وتعيده الى صف القوى المناوئة لايران مع عدم تجاهل المكاسب التي تحققت للحوثي كنتيجة لدعم هادي ستظل قائمة وسيبقيها هادي بمثابة عصا يرفعها متى شاء في وجه القوى التي ستحاول الوقوف امامه سواء من خارج المؤتمر او قوى تابعة للمؤتمر او القوى الاقليمية، فالحوثي سيظل مدعوما من هادي كواحد من التوازنات المطلوبة وسيعمل هادي على منح الحوثي مقاعد في الحكومة من حصة المؤتمر الشعبي العام محاوله منه لكسب ود الحوثي مقابل الابقاء عليهم عند حدود مداخل مدينة عمران واطراف العاصمة بمعنى عدم المساس بما استحدثة الحوثي خلال فترة هادي
هادي الان امام فرصة جديدة تضاف للفرص الضائعة التي اضاعها بسبب رغبته بالبقاء اكبر قدر من الزمن رئيسا لليمن ولو بحالة من الفشل والانهيار
انتقال رئاسة حزب المؤتمر اليه تعتبر خطوة ايجابية له من الناحية النفسية او السياسية، وعليه استغلال هذه الفرصة جيدا لبناء الدولة وتطبيق مخرجات الحوار للانتقال الى الوضع الجديد لادارة سلطة الاقاليم
امامه فرصة لاعادة الثقة مع شركاء المرحلة واعادة الثقة الشعبية بإدارته للمرحلة وتصحيح الخلل الذي انتجته المرحلة السابقة الذي كان الفوضى والانفلات وارتفاع معدل البطالة والفقر والفساد الى مستويات غير متوقعه
عليه مغادرة تقمص ادوار الفشل والظهور بمظهر الزاهد في السلطة ظاهريا والساجد الراكع لاستجداء كل من يقوده الى السيطرة عليها ، امامه فرصة اخيرة لرد الاعتبار للوطن ولثورته والاهداف التي جاء بسببها للعمل على تحقيقها
وعليه ايضا رد الاعتبار لحزب المؤتمر واعادته الى حضن الوطن بعد انحراف مساره لخدمة مشاريع شخصية انانية تصب في صالح اطراف خارجية تتآمر على اليمن وامنه
عليه ان يعيد الثقة لحزب المؤتمر من خلال مساهمته الاجتماعية الفاعلة وليس من خلال سيطرته على السلطة والثروة وان يتعامل معه كحزب سياسي وليس فانوس سحري يحضره عند الطلب لمهمة مؤقته وينصرف عنه وينصرف الحزب عن انصاره وجماهيرة حتى تأتي تلك اللحظة مرة ثانية
عليه ان يقلع عن العادات السيئة التي كان يتقنها سلفه علي صالح لعدم جدواها عمليا وعليه خلق ادوات عمل جديدة برؤى حضارية تستلهم المتطلبات الضرورية والمتغيرات المتلاحقة للسير بالحزب والبلد بطريق يمثل الحد المناسب للانتقال بالوضع الى ابسط الحدود الامنة بديلا عن هذا الوضع الذي كاد ان يكون خاص باليمن دون غيره من دول وشعوب العالم
واتمنى لا يكون هذا من اجل السيطرة والتحرر من الشركاء للانفراد بالسلطة والثروة لان المؤشرات التي يقوم بها هادي هي من اجل ان يتخلص من شركائه في الحكومة وهناك شواهد كثيرة على هذا .. لكننا سنتفاءل بعد انهاء القطيعة المؤتمرية لهادي واعادة المياه لمجاريها ونغض الطرف عن تفريغ هادي لثورة الشباب من محتواها !!