ثلاث سنوات وبضعة أشهر من المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني، تضاعفت عقب خروجه إلى الساحات والميادين للخلاص من عهد الظلم والفساد والفشل استمر 33 عاماً, ويأبى هذا العهد إلا أن يختتم تاريخه بمزيد من المعاناة والأزمات وقطع الكهرباء والطرقات وأنابيب النفط والاغتيالات والهجمات الإرهابية.
تعيش العاصمة صنعاء أزمات خانقة في المشتقات النفطية وانقطاعات الكهرباء جنباً إلى جنب مع اغتيالات زادت وتيرتها في العاصمة بشكل غير مسبوق وتستهدف ضباطاً في القوات المسلحة والأمن, وهو مايمكن اعتباره رداً على نجاحات حققتها قوات الأمن والجيش وضربات قوية ضد التنظيمات الإرهابية في محافظات أبين والبيضاء وشبوة وحضرموت.
لم أجد قضية أكتب عنها رغم كثرتها, فما نكتبه صار مكرراً, ولم نعد نرى فيه جديداً يذكر, لكن الوقت يداهمنا والالتزام للصحيفة والقراء كذلك, يجبرنا على الكتابة رغم أنها صارت في رأيي لا جدوى منها, مادمنا كتبنا ولم يتحقق شيء مما كتبنا عنه, حيث لازال المجرم يعربد ويصول ويجول تحت لافتات مختلفة جميعها تقتل اليمنيين وتدمر اليمن حبنا الوحيد وتجهض أحلامنا باليمن الجديد.
استيقظت أمس الثلاثاء على اتصال لأحد الأصدقاء من ضباط الجيش وهو يحدثني متألماً عن مقتل مدير التدريب في الشرطة العسكرية, غادرني النوم ووصلتني رسالة خبرية تؤكد الفاجعة, وبعد دقائق وصلتني رسالة أخرى عن وفاة ضابط الأمن السياسي متأثراً بجراحه التي أصيب بها في جريمة ظهر الاثنين نالت منه وزميلاً آخر.
أضحى وجعنا مستمراً لا نجد وقتاً للمرح, حتى ضربات قواتنا اليمنية لملاحقة الجماعات الإرهابية صارت هي الأخرى وجعاً حينما يسقط فيها أبرياء أو حينما يقتل خلالها شباب يمنيون كان أولى بهم أن يبنوا اليمن وليس تدميره ومقتلهم أيضاً.
حاولت أن أتجاوز الوجع وأخرج من المنزل، فإذا بي أتذكر سيارتي بدون بترول وجيبي فارغاً والمحطات هي الأخرى تدعي فراغها، رغم أن بلاغات وتصريحات شركة النفط اليمنية تقول إنها وفرت ما يغطي احتياجات العاصمة لأيام وليس لساعات فقط, غير أننا تعودنا الكذب من الجهات الرسمية ولم نعد نصدق أنها تقول الحقيقة أو المحطات المغلقة في وجوه الناس.
يوم من الوجع والمعاناة أشكوه أنا, وكلما تذكرت وضع بقية اليمنيين الأشد, بل وتلك الأسر التي تفقد أحباباً لها ومن يعولونها يكاد أن يصيبني بالصداع والوجع المضاعف, وتبدأ الأسئلة تتزاحم في ذهني وعقلي حتى أكاد أن أفقد ما أدعيه من صبر وحكمة.
يا ترى متى سيتوقف هؤلاء عن عقوقهم لوطنهم وسلوكياتهم الإجرامية التي لا تتوقف, متى يكفون عن أنشطتهم التخريبية قولاً وفعلاً وهم يخرقون السفينة التي على متنها نحن وإياهم والشعب كله؟, ومتى ومتى ومتى ولماذا وكيف وهل؟؟.
الحكومة حتى اليوم لم نجد منها جدية في مواجهة الكثير من الجرائم والأفعال، وجهاز القضاء مشغول في إضراباته وإجازاته وفوق ذلك أوكلت إليه اللجنة العليا للانتخابات ولجانها الإشرافية والأساسية.
وحده وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب يبدو أنه يعمل تحت الأضواء ويتحرك ويكسر قاعدة الجمود المستمرة, وحده هذا الوزير الشاب أعاد للناس الأمل ومنحهم الثقة وبعث فيهم التفاؤل أنه من الممكن أن نحقق شيئاً ما لو عملنا وتحركنا ولو كانت نيتنا صادقة لوجه الله تعالى ولصالح الشعب والوطن.
على الجميع أن يستشعر مسئوليته تجاه وطنه وشعبه ونفسه وأبنائه قبل غيرهم, يتوجب أن نتنازل لبعضنا قليلاً ونلتفت للصالح العام ونمنع المخربين والمجرمين من الاستمرار في عملياتهم الإجرامية والتخريبية, وعلينا أن نوقف الفساد المالي والإداري أياً كان الفاسدون وحزبهم ومناطقهم وقبائلهم.
لنكن على قدر الانتماء لهذا الوطن وهذا الشعب العظيم, لنعد إليه القليل مما قدمه إلينا, ولنكف عن عقوقنا وعدم المشاركة في مزيدٍ من الخراب والدمار.