الصورة العربية الحالية، تؤكد تماما أن الوطن العربي يعيش اليوم حالة عداء سياسي متصاعد، وتكذب كل من يقول إن الوطن العربي في غالبه يشهد مرحلة إصلاح سياسي ونوع من التحول الديمقراطي الجزئي. العداء السياسي الذي يخيم عل? الوطن العربي اليوم ماكان له أن يكون لو توفر لد? الساسة العرب والأحزاب والقو? في الداخل العربي نفسه أدن? قدر من النضوج السياسي. إلا أنه وللأسف الشديد نجد اليوم أن السياسي العربي أول من لا يفقه مفهوم السياسة، حيث حول هذا المفهوم إل? نوع من الصراع والانتقام، غير مدرك بعد أن السياسة في شكلها العام فنا وكل فن له قواعده وسلوكياته الخاصه به. كذلك الأحزاب العربية هي الأخر? تر? أن مفهوم السياسة يعني انتقاص الأحزاب من بعضها البعض، وأن يسخر كل حزب منها صحفه وقنواته الإعلامية في سبيل تجريم ونقد الأحزاب الأخر?. وتتمثل المشكلة الرئيسية لد? الأحزاب العربية في كونها أحزاب تعمل خارج إطار برامجها السياسية، وتجدها في الوقت نفسه تطالب بأنظمة حكم عربية تعمل بالدستور والقانون. لهذا فأن حقيقة المعاناة التي يعاني منها الوطن العربي اليوم وبشكل عام تتمثل أساسا في أن أحزابه وجماعاته وشخصيات صفه السياسي جميعها تفتقر إل? مسم? النضوج السياسي. بمعن? أن المشكلة ليست في كونك تعد ليبراليا أو يساريا أو إسلاميا أو غير ذلك، بل إن المشكلة تكون حين نحكم عل? بعضنا من خلال هذه المسميات أن كلا منا يشكل خطرا حقيقا عل? الآخر، ومن ثم نجعل من الوطن ساحة للصراع فيما بيننا.