لا أعلم كيف يفسّر البعض حديث مبعوث أمين عام الأمم المتحدة, جمال بن عمر, ووصول لجنة مكلفة من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى محافظة صعدة، بأنه تواطؤ مع جماعة الحوثي, فيما هو يتسق مع الإجراءات الطبيعية المفترض اتباعها لوضع الحوثي أمام خيارين لا ثالث لهما, إما أن تكونوا مع اليمن الجديد وجزءاً منه أو تتمرّدوا عليه ويكون ضدّكم ككل.
الحوثي وأنصاره ليس بيننا وبينهم عداوة شخصية نحن المواطنين أو الدولة أو الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني, ولكن بيننا وبينهم وطن وعقد اجتماعي، لنكون وإياهم مواطنين ومتساوين بالحقوق والواجبات, ولدينا دولة تعبّر عنا جميعاً وسلطة نتنافس عليها وفق آليات الديمقراطية المتعارف عليها والنهج السلمي.
لم ينكر أحد مواطنتهم مادامت ملتزمة بما هو ملزم بها جميع اليمنيين, مشكلتنا وإياهم قضيتان أساسيتان, الأولى تتمثّل بالسلاح الثقيل والمتوسّط ومحاولة السيطرة والتوسُّع والمحاصصة بقوة السلاح والغلبة، والثانية ادعاؤهم امتلاكهم «بصيرة إلهية» تعطيهم الحق بالوراثة للنبي محمد صلى الله عليه وسلّم والولاية على أتباعه وتقسيم الناس إلى فئتين «سادة» و«عبيد»..!!.
قبل فترة كنت على إحدى الفضائيات مع أحدهم وهو يتحدّث عن حقهم في التجوّل بمحافظة الجوف وأية محافظات أخرى كمواطنين، ونسي أنهم حرموا السلفيين واليهود والزيدية والمؤتمريين والاشتراكيين والإصلاحيين من هذا الحق في صعدة وبعض مديريات عمران والجوف وحجة, وحين مشكلة دماج كانوا يتحدّثون عن عدم أحقية الأجانب والسلفيين من خارج دماج بالتواجد فيها.
ذات الرجل تحدّث عن الوظيفة العامة وإقصائهم منها, ورفض أن أناقشه حول ما يجري للوظيفة العامة في صعدة من المحافظ وحتى أصغر موظف من إقصاء وإبعاد وطرد وفصل وإيقاف عن العمل وضرب ومحاصرة وغيره, وملاحقة الناس في منازلهم بسبب عدم «صراخهم» أو لأنهم يسمعون الأغاني الوطنية وغيرها..!!.
والأسبوع الماضي كانت الرسائل إلى الحوثي واضحة وضوح الشمس، ومن العيب أن يتم الانحراف بها عن هدفها الأساس, كانت الرسائل عبر اللجنة المكلّفة من الرئيس هادي وتصريحات وتقرير جمال بن عمر ونقاشات وأسئلة أعضاء مجلس الأمن بشأن امتلاك الحوثي السلاح كمشكلة، ومحاولة إيجاد دولة داخل الدولة.
كان الخيار الثاني واضحاً وهو التخلّي عن هذا المشروع الغبي والاندماج في العملية السياسية والمشاركة في الحكومة كحزب سياسي يؤمن بالديمقراطية ويمارسها وينبذ العنف والسيطرة بقوة السلاح المنهوب من مخازن الدولة ويكف عن الاعتداءات ضد مؤسسات الدولة ومنتسبيها وصلاحياتها وأراضيها، والتحريض على العنف والكراهية والعصبية المذهبية والعرقية والسلالية والمناطقية.
نتمنّى من الإخوة الحوثيين أن يحكّموا العقل ونصل وإياهم إلى كلمة سواء وهي المواطنة المتساوية والاعتماد على صناديق الاقتراع بدلاً عن المتارس والقنابل، وادعاء الحق الإلهي بالحكم والولاية والتميُّز العرقي والسلالي وكما يقال: «كلنا عيال تسعة» ونحن وإياهم مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات.
هذا وطننا جميعاً، وينبغي أن نحافظ عليه نحن وإياهم، وقد وصلنا إلى عقد اجتماعي خلال مؤتمر الحوار الوطني وفي الطريق إلى إعداد وصياغة دستور جديد يلتزم بمخرجات المؤتمر ويحقّق ما حلم من أجله اليمنيون جميعاً.
ومثلما نسعى إلى الحفاظ على أمن وسيادة واستقلال البلد من أي تدخُّل خارجي، سواء أكان عربياً أم إسلامياً أو غربياً أو شرقياً, نرفض الإساءة إلى علاقات اليمن بجيرانها وأشقائها وأصدقائها تلبية لرغبات إقليمية وتنفيذاً لأجندات خارجية.
صحيفة الجمهورية