وبالرغم مما كان، لم ينكر التاريخ اننا نحن سلالة الدولة الاولى، واننا نحن دعاة المدنية الاولى، واننا نحن بناة الحضارة الاولى، اقمنا الحق والعدل والشورى، وكنا أولي القوة والبأس والشدة، عافت انفسنا النار واللاة والعزى وما هو ادنى، وتطلعنا الى الاعلى فعبدنا الشمس والشعرى،
وبعد ان عرفنا الله آمنا بشريعة موسى، وكان منا الحبر والحاخام، ثم ما لبثوا ان استولوا على الدين، فكان الجور باسم الدين، والاقصاء لكل من لا يؤمن، تطرفنا وربما بالغنا، خرجنا من دين الله افواجا، تمادينا واسرفنا ولم نشكر ثم اعرضنا،
وبعد ان عرفنا الله في المرة الاخرى، ناصرنا تعاليم المسيح وتنصرنا، فكان منا القس والرهبان، ودفعنا ارواحنا ثمنا وكنا اصحاب الاخدود ايات في كتاب الله الى يومنا تتلى، والتزمنا الدين رغم الذي يجري، ثم مالبثنا ان تشددنا وتزمتنا،
وبعد ان حرف سدنة الدين تعاليم المسيح وشريعة موسى، وتمسكنا نحن باطراف الدين، وابتدعنا منه مايفرقنا، انهارت الدولة وانهارت سلالة الدولة الاولى، وصرنا طوائف باسم الدين نقتل بعضنا بعضا، وباسم وحدة الارض نستدعي الفرس والاحباش، والقصد لا ذا ولا ذاك انما هو الملك والسلطة،،،
واليوم هل نعيد الى تاريخنا سيرته الاولى ؟
وفي الصورة الاخرى، لم ينكر التاريخ ولا السيرة العظمى، اننا نحن الانصار من بني ازد والاوس والخزرج، اننا نحن الوفود من ملوك حمير وكندة واقيال حضرموت ومراد ومذحج، نحن من دخل في دين الله افواجا ولا فخر، نحن دوس وهمدان والاشاعرة، نحن اهل الايمان والحكمة، نحن ارق قلوبا والين افئدة،
نحن من سكن يثرب والمدينة، نحن من بنى المسجد واسس مع رسول الله الدولة، نحن اصحاب بدر وشهداء احد، نحن رجال حنين والخندق، نحن من واجه قريش نصرة لدين الله وحبا لرسول الله، نحن جيش تبوك والعسرة، نحن كنا مع رسول الله في السراء والضراء، نحن ذلك واكثر،،
ويوم السقيفة، نحن من سلم الامر لقريش وتجنب الفتنة، نحن من بايعنا الخليفة وشاركنا في حروب التثبيت والسلطة، نحن الانصار وكانت لا تزال لنا في الوطن قربى، فهبت قبائل اليمن وهبت جيوش النصرة، فكنا الفاتحين وكنا اليرموك والقادسية، وكنا من فتح ابواب القدس، واخمد نيران فارس، واوصلنا صوت الحق الى الاندلس،،
غابت اذهاننا وانشغلنا بفتح الامصار واضعنا الموطن الاصلي، وتركنا خلفنا وطنا يكتبه التاريخ في عهوده الظلمى، من بني امية وبني العباس ودويلات بني هاشم الصغرى، وما عانيناه من ولاة قريش والاحباش والاتراك، ولم نرى منهم غير الاهمال والتهميش والفقر والتجهيل والجذام والطاعون والمرضى، ثم الحكم بالنار والاحراق والسوط والقسوة والضرب والشدة وكثرة القتلى، والجميع سيكون لنا معهم وقفة اخرى،،
واليوم هل نعيد الى تاريخنا سيرته الاولى!