يدرك زملاء الكلمة وصناع الرأي أننا نتحدث عن عملنا الصحفي والاعلامي في سياق استثنائي وخاص
وأن اداءنا الان مرتبط بالثورة او يفترض ان يكون هكذا
اعلام ثورة يتجاوز الأداء المهني المجرد الي مهام تعبوية تنويرية وتثويرية ذات طابع سياسي في المقام الاول
بعض الزملاء للاسف تماهوا مع موقف مناصفينا المفروضين والذين حاولوا تعويض خسرانهم نصف الحكومة وهم في الواقع اكثر من ذلك بكثير حاولوا التعويض باحتلالهم المعارضة على نحو مبكر بالطبع
بعض زملاءنا دخلوا مع هذا النصف الفاسد في تنافس علي معارضة المرحلة بمكوناتها الحاكمة
وتناسوا انهم يدفعون لتعرية قوى التغيير التي انخرطت مضطرة في التسوية وتحملت الكثير من اعباء الفساد من اجل انجاز مااتفق علي إنجازه
بعض زملاءنا اندفعوا لاثبات تجردهم المهني قبل ان نجرد قوى الاستبداد من قوتها وسلطتها ونفوذها الراسخ في بنية النظام ومفاصل الدولة
وبدى الأداء الصحفي المعارض متجها صوب تعرية هذه المشاركة الجزئية لقوي الثورة وتكريس الوعي بخيانتها وتواطئها على نحو يضعفها ويفقدها ثقة الشارع ويجردها من كل شئ.
* احدهم مازال يؤكد على اهمية
عدم التماهي مع الحكومة والنظام وكأن هذه المنظومة الطارئة قد صارت حالة ناجزة يمكن معارضتها من اي موقع كان.
ادخلنا اعلام صالح في معركة ليست معركتنا واستجبنا لتحدي اثبات المصداقية وعدم التحيز من قبل كائنات موصومة بلا شرف عاشت تطبل للاستبداد والفساد قرونا طوالا
تناسى بعض الزملاء ان وزراء المشترك قبلوا مسؤولية تسيير الوزارات من اجل اهداف بعينها
وانهم قبلوا ذلك ضمن شروط ليست في صالحهم تماماً
وتناسينا اننا قبلنا بالتعامل مع فساد هو ليس فسادنا واعباء هي ليست اعباؤنا
وفشل عميق قديم لايسهل نبشه وتحريكه بما لدينا من امكانات وحضور علوي يكاد يكون هامشيا اذا قورن بحضور المنظومة العتيقة
وتورط البعض في مثالية ساذجة ترى الأخطاء الإجرائية جرائم كبرى
تستوجب اللعن متناسيا أن كل هؤلاء الذين يشنون الحملات علي بعض وزراءنا لاتفه الاسباب هم سبب رئيس في كل هذه الازمات التى تخنقنا وتعيق المرحلة.
يدرك زملاءنا المثاليون ان النظام السابق انما يطلب رد الاعتبار بدفعنا في هذه المرحلة بالذات لكشف الغطاء الثوري عن كل الذين يمثلون امتدادا للثورة ممن تسلموا مناصب مختلفة في الدولة.
من العار ان يقال اننا نريد تكميم الافواه او الدفاع عن اخطاء الساسة وقادة الدولة الان
واننا نريد خذلان الجماهير
هذا الكلام كله ليس صحيحا على الاطلاق
انا اتحدث كزميل وكصحفي آت من الساحة مسكون بالثورة وبهواجس اكثر منها ربما
أنا اسأل إلى أي مدى يمكننا استعادة التموضع في قلب المواجهة لهذا المد التقويضي إلهاب من عدة جهات ومنها عقولنا المرهقة وارواحنا المكدودة الممزقة والمنقسمة بين الحلم والضرورة.؟
نريد عملا صحفيا واعلاميا يستبطن تحديات المرحلة الراهنة
عملا لا يقطع صلته بالثورة ومفاعيلها ولايتخلى عن مواصلة دوره التغييري بتحوله الى معارضة قبل ان تصل الثورة الى القليل مما تؤمل
نريد عملا لا يستهدف تعرية الاحزاب التي مثلت الحامل الحقيقي للثورة والضامن الاكبر للتسوية السياسية.
اتدرون ماكان يقوينا بالأمس كصحف معارضة هو وجود الاحزاب
كنا نحن مصدر قوتها في القول وكانت هي ترجمان قوتنا في فضاء الفعل.
الآن حين نستهدف الاجهاز على هذه الاحزاب وهي تؤدي مهمة استثنائية فرضتها الضرورة ولاتصلح معيار للحكم عليها ولا مختبرا حقيقيا لها علي صعيد الحكم.
الان عندما نجهز على ادواة الفعل هذه ونحن مكشوفون اساسا وننطلق من فراغ هائل فمن نخدم ياترى غير المنظومة القديمة ومن ياترى. غير المجموعات البدائية الرثة المستفيدة من تخلخل الثقة بالاحزاب السياسية التي ندبناها لمهمة تستدعي الاسناد والتعزيز.
دافع اعلام صالح عن اخطاء وخطايا ثلاثة عقود من الحكم ونحن غير مستعدين للدفاع عن احزابنا وهي تشارك جزئيا في ادارة بعض المؤسسات ضمن مرحلة هشة صعبة وخطيرة.
الثورات تستدعي اعلاما مؤازرا مساندا داعما يكشف الحقائق بما يقوي فعل التغيير لا بما يضعف المسار برمته.
بصراحة انا مستعد ازاء واقع كهذا ان اتحمل بعض اخطاء هذه المرحلة لانها مرحلة عبور والنظر اليها بمثالية امر يجافي العقل والمنطق
و سذاجة مضرة لا تنتصر الا للفوضى ولا تقوي غير العبث واليأس العام
أنا اسأل
- هل يمكننا ان نقدم اداء صحفيا ناقدا وكاشفا يدافع عن الحياة السياسية بمكوناتها الرئيسية الفاعلة ؟ ويحاذر تقديم روافع التغيير هذه كحالات خيانية تواطئية وبما يوسع الهوة بينها وبين الجماهير ويضعف الثقة بها تماماً
- هل يمكننا ان نقدم عملا متناغما ومتوازنا نؤدي فيه ادوارا تصب في صالح تقوية المسار واضعاف خصوم التغيير واحباط كل المؤامرات المضادة؟
- هل يمكننا وقد ضحينا بالعدالة مقابل الحل السياسي ان نضحي بقليل من المثالية الضارة الآن مقابل اخراج الشيطان من المعادلة وعدم اعطائه مبررا لمعاودة الحضور؟
* كان المشترك في ادبياته وخطابه العام يحذر على الدوام من المشاريع الصغيرة واصحابها
والمقلق اليوم ان نشهد عودة المشاريع الصغيرة والحقيرة والمدمرة الى الواجهة
مستغلة حالة الفراغ التي تبدو عليها الساحة حيث يخلي المشترك مكانه مؤقتا على صعيد المعارضة
لتقفز تلك المشاريع الى الواجهة وتراها فرصة سانحة للصعود يساعدها المزاج الحاد الناتج عن هذا المخاض العسيروالانتقال الصعب وا يعينها كذلك الأداء الصحفي غير المستوعب للتحديات الكبرى والذي يغرق في الجزئييات ويرى انه ربما يشكل المعادل الموضوعي للمعارضة المنتقلة قسرا لمربع السلطة
وهنا يبدأ الاشكال
إذ نقف ازاء معادلة توافقية مرحلية
ضمن ظروف صعبة وركام من المشكلات العصية وانقسام مجتمعي حاد وارتهانات خارجية وبقايا نظام وخرائب دولة ومنظومة قديمة تتحكم في العمق وتقوض المسار
هنا على اعلام الثورة ان لا يتخلى عن مهماته الوطنية
عليه ان يحمي خيارات التغيير وادوات الفعل
قوى المشترك يجب ان لاتتحول الي هدف الان لم يحن الوقت لكي تدركها لعنة الحكم
هي الان ماتزال في مسار التضحية في مسار الثورة
وهي الآن تعاني من تبعات هذا الدور الذي قبلته بمبررات وطنية محضة
وهي الان في هذا المربع قابلة للاستضعاف حيث تتقلص خياراتها في الرد والدفاع عن ذاتها بمقتضى الضرورة
وهي الان اقل قدرة من ان تعطي وتمنح الناس كل مايأملونه
وهي الآن في اختناق شديد تبعا للإختناق العام
وكل استهداف لها او لشركاءها الفاعلين ممن حددت مسؤلياتهم التسوية انما يصب في صالح انعاش المشروعات المدمرة الناقمة
وتسويقها لشارع يائس وجاهز للارتكاس
المعادلة صعبة ايها الاعزاء
الحراك المسلح والحوثيون والقاعدة وبقايا النظام السابق والوسائل الاعلامية المضادة والأخرى الممولة من دول وجهات خارجية
جبهات حرب مفتوحة
ومخاطر تحوم حول وطن مثخن ينتظر عداته فقط إزاحة حراسه الحقيقين كي يتم الإجهاز عليه بالكامل