اليمن المتخلِّف وبناء الدولة!

2014/05/07 الساعة 03:01 مساءً

تظل القضية اليمنية المتمثلة في بناء الدولة في غياب دائم عند أفراد الشعب والأحزاب ومؤسسات السلطة القائمة وهذا ما يشكل كارثة مزمنة للأرض والإنسان في هذا الجزء من العالم. 
فمنذ 1500 سنة واليمن تحولت عن مسارها الحضاري وصارت مجرد مخزون بشري فائض وأرضاً “للمدد” لرفد الدول التي نشأت في كل من المدينة النبوية ودمشق وبغداد والفسطاط والقيروان وقرطبة. 
وارتضى الإنسان اليمني أن يعيش مجرد تابع لثلة من طلاب الحكم بامتيازات سلالية وعرقية وتناسى آلاف السنين التي كان فيها هو الفاعل الحضاري على كل الامتدادات الآنفة. 
واليوم نجد الإنسان اليمني مناصراً لكل قضايا العالم إلا قضيته اليمنية فإنه عازف عنها وغير مقتنع بها وغير مكترث من مخلفات التخلف والفقر والضياع التي يشهدها حاضره ومستقبله. 
نحن بحاجة إلى إعادة تعريف اليمن عند اليمنيين وإعادة رسم خارطة الاهتمامات للمواطن الذي مازالت تتجاذبه خرافات آتية من مستنقعات العالم كالسلالية والأحقية الإلهية في الحكم وضرورة أن يكون مجرد “أنصاري” كما كان أسلافه السابقون. 
ومازالت تغري اليمنيين مصطلحات عاطفية مستهلكة توظف بعض النصوص النبوية لتخدير الناس وتعدهم بالجنة بينما هم يعيشون حالياً في النار كأرض المدد والأرض المعصومة من الفتنة وغيرها من النصوص التي اعتسفت عن معانيها ووظفت لاستغفال الناس وجعلهم مجرد تابعين للمراكز المقدسة في الأطراف البعيدة. 
لقد استهلكتنا قريش في حروبها البينية منذ معركتي صفين والجمل والتحقنا بركب الأمويين والعباسيين، ومن ثم انتقلت الحالة وانتقلنا لخدمة المماليك والأكراد الأيوبيين والأتراك العثمانيين ومن ثم البريطانيين والروس والأمريكان وقوى الاستعمار وخفضنا جناح الذل للقوى الطامحة في تسيد المنطقة من عبد الناصر إلى آل سعود؛ ومازلنا ندور حول الدوائر المفرغة ذاتها أو قريباً منها وشعبنا يعاني من ذل الفقر والتخلف وغياب الدولة. 
أننا بحاجة ماسة لمراجعة أنفسنا وإقناع شعبنا بأننا شعب يستحق الحياة الكريمة على أرضه بعد أن بات مشرداً طيلة 15 قرناً من الزمن داخل الوطن “نقيلة” أو خارج الوطن “شاقي”. 
علينا فتح أعيننا وقلوبنا جيداً على ضرورة بناء الدولة وتسخير كافة إمكانياتنا لهذا الهدف الحيوي العام والا لظلت معاناة هذا الشعب لقرون قادمة. 
ليس أمامنا سوى الخروج من دور «التابع» الغبي إلى دور “المستقل” المتشبع بقضيته وهدفه وحلمه في الاستقرار والرخاء والرفاهية والقوة والالتفات إلى عوامل القوة الموجودة في الشعب وقواه الحية والفاعلة وقدرته على العمل والإنتاج وكذلك للموارد الطبيعية والموقع الاستراتيجي المتوزع بين البحر والجبل والوادي. 
أنا هنا لا اقدم مقطوعة عاطفية ولا أتغنى بالتاريخ السابق للخمسة عشر قرناً الماضية ولكني أحاول استنهاض شعبنا من غفلته واستنهض اليمن في قلوب اليمنيين وإخراجهم من دور وكلاء العرب والفرس والروم إلى أصحاب حق وقضية وهوية خاصة.