المعركة التي تخوضها القوات اليمنية بمساعدة عسكرية أمريكية بطائرات بدون طيار في جنوب اليمن، تقول السلطات اليمنية أن هذه الحملة العسكرية تأتي لاستئصال الإرهاب والقضاء عليه كلياً ليستقر الوضع الأمني والاقتصادي لليمن .
وفي غضون تلك الحملة شهدت اليمن عشرات العمليات الإرهابية، كان من أبرزها ما حدث في قلب العاصمة صنعاء من عمليات اغتيال استهدفت يمنيين وأجانب، وما حصل من أعمال تخريب خلال اليومين استهدفت أنابيب النفط وأبراج الكهرباء، دون أن تتصدى القوات اليمنية لإحباط تلك العمليات، ودون محاولة منها في الحد من تلك الأعمال التي تهدد حياة المئات وتدمر مصالح الشعب العامة .
عندما يرى المواطن اليمني أعمال التخريب لا تزال تستهدف مصالحه، والانفلات الأمني يهدد حياته، وعندما يرى الفوضى والاغتيالات في العاصمة، في الوقت الذي تصرّ فيه القوات اليمنية على استئصال الإرهاب في مناطق أخرى، دون أن تلقي جزء من اهتمامها في مكافحة الإرهاب الفعلي في العاصمة صنعاء، والإرهاب التخريبي الذي يستهدفه ويستهدف اقتصاد بلاده، حينها يصاب بحالة من اليأس، ويؤمن بأن المعركة الحالية ليست من أجل اليمن .
وهذا أكثر ما يخشاه اليمنيون أن تكون هذه الحملة العسكرية ليست من أجل اليمن، كسابقتها التي خاضها الجيش اليمني منتصف 2012 ، والتي استعاد من خلالها محافظة أبين التي سيطر عليها تنظيم القاعدة منتصف 2011 ، ولكون تلك الحرب ليست من أجل اليمن استطاع المئات من أعضاء القاعدة وقياداتها الدخول إلى صنعاء وتنفيذ عمليات انتحارية وأخرى مسلحة، كان من أبرزها المجزرة الكبرى التي حدثت في السبعين ومذبحة العرضي .
ولو كانت حرب 2012 من أجل اليمن لعملت السلطات اليمنية على تقوية أجهزتها الأمنية، ولعملت على تفعيلها في خدمة الوطن ومكتسباته وحماية أمنه واستقراره والحفاظ على دماء ابنائه مدنيين وعسكريين، ولكنها لا تبالي بحياة ابنائها ومصالح شعبها، وقد كان أقصى غاية وهدف لديها هو اخراج القاعدة من أبين لإرضاء أمريكا، دون الاهتمام بأمن الوطن والنظر إلى الوجهة التي ستكون للقاعدة ومعركتها القادمة في ظل الانفلات الأمني، ما تسبب في إراقة المزيد من الدماء اليمنية وأغلبها في العاصمة صنعاء، وما تسبب أيضاً في تدمير اقتصاد البلد وتدهوره في ظل الاعتداءات المتزايدة على أنابيب النفط وابراج الكهرباء .
لن يؤمن الشعب اليمني أن هذه المعركة الحالية من أجله إلا عندما يقطف ثمارها على أرض الواقع، إذا تحقق الأمن والاستقرار وانتهى الانفلات الأمني وأعمال العنف والفوضى التي تعم اليمن، وبالذات في العاصمة من اغتيالات وعمليات انتحارية وتفجيرات ومن مظاهر مسلحة، ومن أعمال تخريب للمصالح العامة من نفط وكهرباء وغيرهما من مصالح الشعب .
أما إذا استمر الانفلات الأمني وأعمال العنف والتخريب كما هو الحال منذ سنوات فإن المعركة ليست من أجل اليمن، بل ضد اليمن وضد أمنه واستقراره ونهوضه كسابقتها، وقد تكون لعبة قذرة تلعبها القوى الخارجية المعادية لليمن، لتدميره ولإنهاك اقتصاده واستنزاف دماء ابنائه عسكريين ومدنيين، ولتحويل أرضه إلى ميدان صراع دولي وأبنائه حطب لها واقتصاده زيت لها .
إذا لم يتحقق شيء على الصعيد الأمني، ولم يشعر المواطن اليمني بأي تغيّر ملموس في الجانب الأمني، ولم يتوقف الإرهاب الممارس ضده، فليعلم أنها لعبة دولية تمولها قوى أجنبية وتديرها أطراف محلية، وهو وجنود بلاده من يدفعون فاتورة تلك الحرب التي تدور رحاها على كاهله، فكم أسرة يمنية استقبلت العزاء في ابن لها قتل في تلك الحرب، بينما لم تستقبل أي أسرة أمريكية عزاء لعدم فقدانها أي ابن لها يشارك في تلك الحرب، أتمنى من شعبي أن يدرك ذلك .
القوات اليمنية تقول أنها تقاتل من أجلنا .. أمريكا تقول بأنها تقاتل من أجلنا وتؤكد وقوفها إلى جانبنا وتتحدث عن تعاونها معنا من أجل أمننا واستقرارنا ونهوض دولتنا .. الكل يقول أنه يقاتل من أجلنا .. ولكننا لم نجد أية نتائج إيجابية على أروض الواقع لذلك القتال الذي هو من أجلنا !! غير ما ينتج عنه يومياً من نتائج سلبية، فكل يوم والأوضاع الأمنية من أسوأ إلى الأسوأ، والاقتصاد من أردى إلى الأردى .. ولكن إلى متى وكيف ستكون النهاية إذا لم يعيش المواطن اليمني الأمن والاستقرار ؟؟.