يأتي العيد الوطني لقيام الجمهورية اليمنية هذا العام في ظل حراك سياسي شعبي، أفرز حوار وطنياً مجتمعياً جاء تلبية لتطلعات اليمنيين، في دول مدنية جديدة، ترمم فيها أخطاء الثورتين والوحدة، بعد لحظة تاريخية ضرورية، تمثلت في ثورة شبابية شعبية سلمية، عملت كـ(نقطة نظام) ضد ممارسات الفرد المستبد كادت أن تقضي على كل ما تبقى من المنجزات الوطنية،
إن مخاض العبور نحو الجمهورية الثالثة هو كل ما نلاحظه من أعمال ممانعة و عرقلة للانتقال السياسي، تقف خلفه كل القوى التي فقدت مصالحها الشخصية، و التي رأت في مشروع التغيير مناهضة لمشروع التوريث والذي كان قاب قوسين من التتويج.
مثلت عملية الانتقال نحو الجمهورية الثالثة معادلة صعبة في ميزان العمل الوطني والسياق التاريخي اليمني الحديث، إذ تم إعادة صياغة شكل الدولة على اساس اتحادي، يجذر الوحدة الوطنية، ويعزز فرص الشراكة المتساوية، دون اللجوء إلى خيارات ماضوية و أصبحت من مخلفات الماضي.
لا شك ولاريب في أن التحديات القائمة أمام الدولة الاتحادية لا تزال قائمة، لكن روح الإجماع الوطني و التوافق بمقدورها أن تحيلها إلى فرص لنجاح جديد يدون في سفر نضالات اليمنيين شمالاً وجنوباً، و إحداث اختراق تاريخي بدلاً من الدوران في حلقة مفرغة من اندلاع الثورتين سبتمبر واكتوبر،
بيد أن على من يتباكى على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، الإسهام في إنجاح العملية الانتقالية، و دعم استكمال نقل السلطة، حتى يتم العبور الآمن باقل كلفة ممكنة ترافق العمليات التحولية الكبرى التي تشهدها البلدان،
لنجعل من العيد الوطني الرابع والعشرين محطة انطلاقة نحو المستقبل بواقعية تراعي الظروف المحلية و الإقليمية و الدولية، واستثمار الاجماع الدولي لدعم اليمن،
إن اليمنيين يتطلعون إلى حياة معيشية حرة و كريمة، تحفظ للانسان آدميته وحقوقه، و بناء دولة مؤسسات يعتز بها المواطن داخلياً وخارجياً، فواجب اللحظة الآن هو دعم جهود الانتقال نحو عهد جديد يكون عنوانه الانسان، ومضمونه البناء والتنمية، وأساسه الشراكة الحقيقية و العدالة و المساواة و تكافؤ الفرص، كأهم مداميك للجمهورية الثالثة.