الذي دفع البعض من أبناء الشعب اليمني في الجنوب إلى انتقاد الوحدة والمطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال، هو سوء استخدام الوحدة من قبل علي صالح الذي قام بتسخيرها في خدمة مشاريعه الصغيرة، واتخذها مطيّة لخدمة عائلته وجعل منها وسيلة لنهب ثروات الشعب وصادر حقوقه باسم الوحدة .
صالح ليس وحده من حرف مسار الوحدة وسخرها في خدمته وعائلته، فهناك معه العديد ممن شاركوه في وأد الوحدة من مشائخ قبلية ومن قيادات مدنية وعسكرية، استفادت من مشروع الوحدة، وشاركت صالح في نهب ثروات الشمال والجنوب وبنت تجارتها الخاصة، ولا زالت كما لا يزال صالح عبر وكلائه من وزراء ومشائخ ينهبون ثروات اليمن النفطية والغازية حتى هذه اللحظة، وما يثبت ذلك الأزمة الحالية في المشتقات النفطية دون وجود أحداث تبرر، ويؤكد ذلك أيضاً عجز وزارة النفط عن حصر الإنتاج النفطي بالأرقام .
بسبب هؤلاء أصبحت صورة الوحدة عند البعض عبارة عن نهب للثروات والمال العام، وسطو مسلح على الأراضي ومصادرة للحقوق والممتلكات، وانفلات أمني وفوضى عارمة، واختلاس أموال وفساد إداري ورشاوي، وبناء تجارة خاصة ودعم اقتصاد أسر نافذة وتدمير اقتصاد البلد، وخلق الحروب والأزمات للاستفادة منها، هكذا ارتسمت صورة الوحدة في مخيّلة بعض أبناء الشعب اليمني بسبب تلك الممارسات التي مارسها نظام ما بعد الوحدة أو بالأصح ما بعد حرب صيف 94 م .
لا نستغرب عندما نرى البعض من أبناء الشعب اليمني يقاطع الاحتفال بعيد الوحدة 22 مايو، كونه يرى الوحدة لم تحقق له الأمن والاستقرار ولم تلبّي مطالبه، بل ويرى بأنها تسببت في نهب ثرواته وسلب حقوقه ومصادرة ممتلكاته .
واخشى أن يكون البعض من مقاطعي احتفالات الوحدة يكرهون اخوانهم من أبناء الشعب اليمني الذين يحتفلون بالوحدة، وقد يرون بأنهم أعدائهم، حيث يعتقدون بأنهم يحتفلون بذلك اليوم الذي يرون بأنه السبب في سلب الحقوق والممتلكات .
نحن عندما نحتفل بالوحدة اليمنية لا يعني أننا نحتفل بأخطاء مستخدمي الوحدة، بل نحتفل بذلك اليوم الذي جعل اليمن أرض واحدة لكل يمني في الشمال والجنوب يضع قدمه على تربة أرضه حيث شاء .
أبناء اليمن في المحافظات الشمالية عندما يحتفلون بالوحدة ليس عنصرية منهم مع صنعاء، فقوم صنعاء هي من ظلمهم باسم الوحدة، ولكنهم يحتفلون حباً لليمن، وأبناء المحافظات الجنوبية عندما يحتفلون بالوحدة ليس خيانة لعدن بل حباً لليمن أيضاً .
والمواطن الشمالي عندما يحتفل بالوحدة لا يعني انه مستفيد منها، بل قد يكون أحد ضحايا نظامها الفاسد، ولكنه الولاء للوطن، والمواطن الجنوبي عندما يحتفل بالوحدة لا يعني أنه عميل أو يتلقى دعم من طرف مستفيد من الوحدة بل هو الولاء للوطن يدفعه للاحتفال بها .
وحتى لا يعتقد مواطن يمني ذلك يجب إعادة النظر في الوحدة، والتمعّن فيما حققت على أرض الواقع، لاستكمال أهدافها و لتحقيق الغرض الذي جاءت من أجله، حتى يحتفل بها كافة أطياف الشعب اليمني ومكوناته بكل قناعة .
لا نريد من الوحدة فقط الاحتفال بيوم 22 مايو من كل عام، بل نريد أن نرى ثمارها ونعمتها تتجلى على ملامح الشعب اليمني، ونريد أن يقطف ثمارها كافة الشعب اليمني وليس كما حصل وما يحصل من استفادة لأسر بعينها لا تتجاوز عد الأصابع وأشخاص معينون، وبقيّة الشعب اليمني ضحية لهم .
ولكي يحتفل كافة أبناء الشعب اليمني بالوحدة دون استثناء يجب تجسيد الوحدة على أرض الواقع حتى يشعر كل يمني في الشمال والجنوب بالوحدة ويعيشها واقع ملموس ومعايش بكل ما تحمله من صفات ومعاني، حتى لا يسيء لها مظلوم شمالي أو جنوبي ظلمه الظالمون باسم الوحدة وفي ظلها .
يجب تصحيح مسار الوحدة وتحريرها من أيدي المتاجرون بها وتسخيرها في خدمة الشعب اليمني في الشمال والجنوب .
فالوحدة هي إنجاز شعبي جنوبي وشمالي، ولو لا رضاء الشعب الجنوبي بها لما نجحت وتحققت، ولكن أعداء الوطن صالح وأشباهه المتربصين بالوحدة استطاعوا حرفها عن مسارها، واستطاعوا العبث بها واستخدامها في خدمة العائلة والنظام الفاسد والمشائخ النافذين، مما حال دون تحقيق أهدافها التي جاءت من أجلها .
ليست الوحدة هي من ظلم الشعب في الجنوب ونهب ثرواته بل هو نظام علي صالح الفاسد الذي ظلم الشعب في الشمال ونهب ثرواته أيضاً .
والذين نهبوا ثروات الجنوب ولا زالوا حتى اللحظة هم ذاتهم الذين نهبوا ثروات الشمال وينهبونها حتى اللحظة، وعلي صالح والنافذين لا يزالون يقتسمون فيما بينهم ما ينهبون من ثرواتنا النفطية عبر وكلائهم في معاقل النفط وأسواق بيعه وعن طريق الشركات العاملة .