هو ذلك الرثاء الحزين الذي يجب ان يقال في الوطن الحلم الذي لم يتحقق بعد .. أو هو الوطن المنشود الذي لم يولد حتى الأن .. بل أنه الرثاء الواجب في الوطن الأمل الذي اغتيل مبكرا . هو الوطن الحلم الذي لم يتحقق بعد كما نريده نحن اليمنين الحالمين لا كما يطمع فيه عصابة الفيد والنهب وكما تريد منه زمرة الفاسدين والطامعين .. وطن مدني حديث هو اليمن الجديد الذي يطول به البقاء شامخا بين الدول ويعمر طويلا على الأرض ويرتفع معه المقام عاليا ولا يغتال غرا في مقتبل العمر وبداية العهد والمشوار ..وطن الدولة اليمنية الموحدة حلمنا الكبير الذي تحقق فجأة على رمال متحركة مخادعة, وفي غفلة من الزمن والتاريخ ولبضعة شهور معدودة, فغدرت به مبكرا أيادي الحقد والعدوان واغتالته معاول الهدم والفرقة .. نعم هو الرثاء الوحيد الذي لا تصوغه الأحرف ولا تعبر عنه الكلمات بقدر ما تجسده تلك الذكريات الحية الباقية في مخزون القلب والمرسومة على جدار العقل الذي لا يتهدم ولا يمل أبدا في بحثه الدائم عن الوطن الحلم الذي ولد عظيما وكبيرا فتم تقطيع أوصاله وليدا وبيعه بالكيلو والهكتار .. وهو ايضا ذلك الرثاء الذي تفصح عنه جراحنا الوحدوية الغائرة في الداخل الممتنع وفي الشتات الرافض والمتألم وتعبر عنه مواقفنا المبدئية الكامنة في أعماقنا السحيقة فرادى وجماعات والراسخة في ضمائرنا جميعا لتتفجر دائما مشاعر طيبة وجميلة في الوجدان وتتدفق منه ينابيع نهر ينتج الحكمة والتوحد والايمان يتلقاها الفؤاد بلسما شافيا للجراح فتفيض منه إلى كل مكان في أرجاء الوطن المتسامح والمعطاء فيروي اليمن أرضا وانسانا ليتوحد الوطن حبا وسلاما . هو الرثاء في وطن أردنا له أن يولد قويا على أرضه وعملاقا بين أقرانه, فأرادوا له ان يكون ضعيفا في مركزه وممزقا في أطرافه, هي الدولة اليمنية المثلى التي حلمنا بوجودها كثيرا وانتظرنا قيامها طويلا وبذلنا من أجل ذلك الغالي والنفيس وجيل بعد جيل من أجل الاحتفاء بيوم ميلادها الأغر المنتظر .. نعم نحن ذلك الجيل الرائد الذي حقق الحلم الواعد, عندما ارتسمت البسمة في وجوهنا مستبشرين, حينما اكتملت الفرحة في قلوبنا ونحن موحدين نشاهد مجتمعين بزوغ الفجر الجديد المليء بتجدد الأمل وتنامي الثقة بعهد عظيم ونحن جميعا عازمين على بناء اليمن المشرق والحديث .. وفي لحظة الميلاد الوطني العظيم والتقاء ذلك الحشد اليمني الكبير نجد من يفسد علينا فرحتنا الغامرة ويمارس سلوك القرصان المغامر وتدليس المنافق الفاجر وتربص اللص الغادر, ليخرج علينا من تلك الزاوية البعيدة والمعتمة الشبيهة بروحه المريضة وأفكاره القاصرة ليشهر علينا ونحن في ذلك الجمع الكريم حقده الدفين محاولا فرض نهجه الفاسد ورؤيته المتطرفة على وحدتنا المنجزة .. نعم, هم سعوا منذ اللحظات الأولى للتربص والغدر بمولودنا الغر الحبيب فتم الغدر به ظلما وعدوانا وبكل الخسة والدناءة وفي لحظة ميلاده المتعجلة ليخرج المولود المنتظر دميما ومشوها فكان منهم ذلك الأمر الجلل الذي غدر بأمانينا الكبيرة وأغتال حلمنا العظيم مبكرا حينها ومن بين صفوفنا المؤمنة الموحدة والقوية خرجت علينا جماعة ضعيفة مخالفة ومتفرقة هي من أساءت في الماضي للقادم الجديد وحاولت - ومازالت تحاول حتى اليوم - تشويه المشهد الزاهي الجميل .. نعم هم جماعة ضالة وزمرة مارقة من أهل البيت الواحد وشركاء الدار الموحد – كانوا في الشمال أكثر منهم في الجنوب فأصبحوا اليوم في الجنوب أكثر منهم في الشمال – وهم ايضا من يقفوا اليوم وحيدين في الظلام غير عابئين بالتواصل مع نافذة النور والأمل التي فتحت في الجدار, عابثين بفرص النجاح ورافضين لوسائل النجاة التي تلوح في الأفق, ليبقوا دائما من الخاسرين, فتجدهم منعزلين عن الجمع والحشد الكبير في الداخل الوطني, ورافضين للأجماع الدولي والاقليمي في الخارج اليمني, هم مجمعين فقط على فك الارتباط والانفصال والاستمرار في الفرقة والخصام, ولذلك نجدهم يتفقوا في الغرف المغلقة وفي الظلام على مزاولة العنف والتنكيل بشركائهم في الدار وقتل إخوانهم في الاسلام, ويتعاهدوا في العتمة على مبايعة الشيطان والبقاء على الضلال . التحية الواجبة بعيد لوحدة : بمناسبة العيد الرابع والعشرين للوحدة اليمنية (22مايو 2014م) أقول بصدق المشاعر وأطيبها.. شكرا للأستاذ علي سالم البيض شكرا للرئيس السابق علي عبدالله صالح لما انجزتموه في مثل هذا اليوم الأغر من العام 1990م عندما حققتم وحدة الشطرين الشقيقين بغض النظر عن كيفية تحقيق تلك الوحدة وبعيدا عن تلك العيوب والثغرات التي رافقت اجراءات قيام الوحدة في الجوانب الدستورية والقانونية وعدم الأخذ بالنموذج الجيد في الشطرين , بل تعميم ما هو الأسواء في تجربة الشطرين وتجاهل واهمال الجوانب الطيبة والمضيئة في بناء الدولتين الشطرتين خاصة ما يتعلق بالمكاسب الشعبية التي تحققت في الشطرين وانعكست بشكل قوانين نافذة معمول بها أو واقع قائم ملموس قائم على الأرض فجاءت الوحدة لتلغيها أو لتعبث بها وتنتزعها من جذورها بقسوة بالغة وغريبة وغير مبررة مطلقا وكأنما هناك ثأر طبقي مبيت معها أو أن استمرار وجودها وبقائها بعد تحقيق الوحدة المباركة يتعارض مع قيام الدولة الموحدة الجديدة!, أو أن هناك تربص مسبق بها من قبل القوى الاجتماعية النافذة في شمال الوطن والتي برزت إلى السطح بقوة بعد الوحدة لتوجه ضربة موجعة للجماهير الشعبية في جنوب الوطن التي استبشرت خيرا بقيام الوحدة فوجدت طبقتها العاملة الكثير من المعاناة والتعسف الظالم ثم وجدت نفسها ومكتسباتها مهملة ومرمية على قارعة الطريق – عاطلة عن العمل - نتيجة تطبيق سياسة الخصخصة سيئة السمعة والصيت, ليرموا بالشارع وبشكل سافر ومهين وهم العمال والموظفين لمؤسسات الدولة المختلفة للقطاع العام والمختلط في المحافظات الجنوبية بعد ان عاشوا عقود طويلة وهم معززين مكرمين في رعاية الدولة الفتية التي كانت قائمة في جنوب الوطن! . نعم لم تعلم هذه الجماهير الشعبية الكادحة والتي كانت تتطلع بشوق كبير وأمل عظيم ٍلقيام الوحدة وهي صاحبة المصلحة الحقيقة في قيامها بأن بزوغ نجم هذه الدولة الوليدة التي حلموا بها كثيرا وتمنوها طويلا سوف يأتي عليهم بالسوء والدمار ومن الوهلة الأولى وعلى حساب أمالهم الكبيرة وطموحاتهم المشروعة بقيامها, بل أن الدولة الوليدة للوحدة اليمنية كانت هي الطامة الكبرى والصدمة البالغة التي نزلت عليهم وبالا وأذاقتهم شتى أنواع العذاب , ليس ذلك فحسب بل ان هناك الكثير مما يقال في هذا الجانب عن المواقف المتعنتة والاجراءات المتعسفة التي اتخذتها الأسرة الحاكمة وبطانتها الفاسدة في صنعاء وعلى ذات المنوال المسيء تجاه أهلنا في جنوب الوطن بعد الحرب الظالمة في العام 1994م ونتائجها السلبية التي اغتالت الوحدة القائمة مبكرا ونالت من حبنا لها وقوضت من الايمان بها في قلوب وعقول الناس في شمال الوطن قبل جنوبه .