الذكرى الأولى للوحدة الحقيقية

2014/05/27 الساعة 12:57 صباحاً

إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو عام 1990 كان حدثاً تاريخياً عظيماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى, لقد هللت له القلوب وبكت له العيون وشعر كل موطن عربي بالأمل بأن العرب يمكن أن يتوحدوا ويصبحوا يوماً ما دولة واحدة، لكن للأسف الشديد القيادات التي كانت سبباً في تحقيق هذا الحدث العظيم لم تكن عند مستوى المسئولية ومستوى الحدث, فلم يدركوا حجم المنجز الذى حققوه, الذى كان كفيلاً بأن يدخلهم التاريخ من أوسع أبوابه, فبدلاً من الانطلاق إلى بناء الدولة وتحقيق حلم الجماهير بدأ كل طرف يتأمر على الطرف الآخر ووصل الأمر إلى حرب مدمرة في عام 94 دمرت مقدرات اليمنيين و قضت على تطلعاتهم  وحولت مشروع الوحدة من مشروع شراكة وطنية إلى مشروع هيمنة واستحواذ وهذا كان له دور سلبي, أدى إلى نفور الناس لاسيما في المناطق الجنوبية فخرجوا إلى الشوارع ليس ضد الوحدة إنما ضد الطريقة التي تدار بها دولة الوحدة فاستغل الانتهازيون هذا النفور و قاموا بالترويج لمشروع الانفصال و فك الارتباط 1990وكادت هذه الدعوات تجد لها صدى في أوساط البسطاء من الناس لكن الثورة الشعبية التي انطلقت في 11 فبراير عام 2011 وخروج الناس إلى ميادين الحرية وساحات التغيير قطع الطريق على هؤلاء الانتهازيين, لقد أعادت الثورة الشعبية الاعتبار للوحدة من خلال وثيقة مخرجات الحوار الوطني التي أسست لبناء يمن جديد و دولة جديدة قائمة على الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية وأنهت هيمنة مراكز النفوذ و أصحاب المصالح وطوت صفحة الماضي وفتحت صفحة جديدة عنوانها الحب والتسامح والحرية والعدل والبناء, ووضعت اليمنيين أمام فرصة تاريخية لتحقيق تطلعاتهم وأحلامهم التي ناضلوا من أجلها منذ عقود من الزمن في بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة .. 
إن الذكرى الرابعة والعشرين لتحقيق الوحدة هي الذكرى الأولى للوحدة الحقيقية فنحن أمام مرحلة جديدة مرحلة اليمن الاتحادي والدولة الاتحادية التي سوف تنهي المركزية التي كانت تشكل عائقاً من عوائق التنمية المحلية, لذلك يحب علينا أن نكون بمستوى الطموح ومستوى التحدي وننسى الماضي وننظر للمستقبل فالماضي أيام قد ذهبت والمستقبل هو الحياة القادمة .. 
خواطــــر 
«1» 
ذكر أحد الباحثين في شئون الوحدة اليمنية أن بريطانيا قبل خروجها من عدن اشترطت تسمية عدن والمحميات التابعة لها بجمهورية الجنوب العربي, إلا أن أبناء عدن بمختلف شرائحهم رفضوا هذا الشرط رفضاً قاطعاً واصروا على أن عدن و المحميات التابعة لها جزء لا يتجزأ من اليمن .واليوم بعد اكثر من خمسين عاماً جاء مجموعة من الانتهازيين يدعون إلى ما كانت تريده بريطانيا تحت ذريعة الانتصار للجنوب وكأن الجنوب لن ينتصر إلا بتحقيق ما كانت تريده بريطانيا ..
«2» 
جاء ذات يوم طفل إلى أبيه الذى يناضل من أجل فك الارتباط و هو يحمل كتاب الاجتماعيات و يريده أن يشرح له درس الوحدة العربية. فأخد الأب الكتاب وبدأ يشرح لابنه الدرس عن أمجاد العرب وكيف كانوا أمة واحدة لهم دولة واحدة قوية وكيف عمل الاستعمار على تمزيق الأمة وتفريقها إلى دويلات, ثم تطرق إلى ضرورة عودة الوحدة من جديد حتى تعود للأمة كرامتها وعزتها ونعيش كما عاش أجدادنا, وبعد أن أكمل الأب شرح الدرس, سأله الطفل .يا أبى كيف تريد تحقيق الوحدة العربية وأنت تدعو إلى فصل شمال اليمن عن جنوبه.