لا يمكن لنا لولوج بأي حال من الأحوال لمرحلة بناء يمن جديد وإقامة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية اليوم دون العمل على نزع سلاح المليشيات المسلحة التي أصبحت هذه الايام تمتلك الاسلحة الثقيلة وتغتصب الكثير من الأرض اليمنية وتبسط نفوذها ورؤاها على الارض ومن يقطنها من المواطنين اليمنيين بحيث أنها تديرها خارج الانظمة والقوانين التي تشرعها الدولة ومؤسساتها الشرعية وتتحدى بذلك سلطة الدولة وارادة الشعب, بل ان الأمر بات أكثر أهمية وخطورة مؤخرا بعد الخروج بمقررات وطنية توافق عليها الجميع في مؤتمر الحوار الوطني والتي توجد معالجة شاملة لهذه الاشكالية القائمة اليوم .
ولذلك نعتبر وجود رؤية وطنية شاملة وجادة لنزع السلاح من المليشيات المسلحة في بقعة ولدى أي جهة اليمن أي كانت أولوية مطلقة في مهام الحكومة اليمنية للمرحلة القادمة وشرط ضروري لقيام اليمن الحديث الذي ننشده جميعا أفرادا وجماعات, بل أنني أذهب بعيدا في ايضاح أهمية هذا الأمر لأقول ان مهمة نقل السلطة في اليمن لن تكتمل - والتي تأخر فعلا تنفيذها كثيرا- لن يتم إلا بإنجاز هذه المهمة الهامة في نزع السلاح من المليشيات كافة .
كما أتوقع ان يقوم أعداء التغيير بعرقلة هذه الخطوة في نزع السلاح ووضع المزيد من الفخاخ في طريقها لحرصهم على عرقلة استكمال نقل السلطة ذاتها, وهنا يكون من المفيد أولا العمل الجاد على حصر كافة الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة التي سربت من مخازن وزارة الدفاع والالوية العسكرية في العام 2011م وما تلاه من مؤامرات في هذا لجانب وهي تلك الأسلحة التي تتواجد معظمها حاليا في معسكر ريمة حميد التابع للرئيس السابق (ولمآرب نعرفها نحن جميعا) ولدى جماعة الحوثي وحزب الاصلاح وغيرها من المليشيات والتنظيمات الارهابية دون مبرر شرعي وقانوني أو موضوعي لبقائها لديهم, بل أنه لا يمكن فهم وتفسير حرص تلك الأطراف على امتلاك تلك الاسلحة وتخزينها سوى رغبتها بالعمل خارج شرعية الدولة والصدام المسلح مع سلطات مؤسسات الدولة المختصة وإثارة المشاكل والقلاقل والخروج عن الشرعية الدستورية القائمة ومواجهة السلطات القانونية والعدلية في الدولة والمجتمع .
وهذا الوضع غير الطبيعي المتجه صوب المزيد من التأزيم واثارة الحروب في كل أنحاء اليمن وتحت مسميات ومبررات متعددة الهدف منه إغراق البلاد في فوضى واضطرابات لا تنتهي لزعزعة أمنها وضرب استقرارها وإلهاء الحكومة عن القيام بمهامها الأساسية تجاه المجتمع وصوب استكمال مهام التغيير ونقل السلطة ، وهو الأمر الذي يضع الجميع على محك المسئولية الوطنية والتاريخية، ويحتم علينا جميعا الالتفات لمسألة نقل السلطة واستكمال مهام التغيير, وماذا تحقق منها والعوائق التي تعترضها.
وتأسيسا على ما سبق ذكره نرى أهمية وضرورة الاصطفاف وراء القيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي ومساعدته في التصدي للمخططات التخريبية ونزع كافة الاسلحة خارج شرعية مؤسسات الدولة المعنية، وتكثيف الجهود باتجاه استكمال نقل السلطة وهيكلة الجيش، والبدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على طريق إعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة واستعادة هيبة الدولة وبسط سلطانها على كافة ترابها الوطني بنزع سلاح المليشيات وجماعات العنف الخارجة عن القانون التي جعلت من نفسها دولة داخل الدولة, والتصدي للإرهاب والأيادي الخفية الآثمة التي تحركه وتموله وتسخّره لمآربها الخبيثة، على ان يتم كل ذلك وفق رؤية وطنية متكاملة يشارك في تحديد ملامحها الاطياف السياسية والقوى الحية والفاعلة كافة والممثلة فعلا لمختلف فئات شعبنا اليمني وفي اطار المشروع الوطني لإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة والعادلة .