ما حدث في عمران الاسبوع المنصرم كان مواجهات وحرب شرسة ذهب ضحيتها العشرات من ابناء الوطن بين قتيل وجريح وخلفت دمارا ليس بالهين في اماكن مختلفة من المحافظة , لم تكن مناكفات تنتهي على الفضائيات و صفحات الجرائد و المواقع الاخبارية كما يبدوا ان البعض يتصورها عند تعاطيه معها خبرا وتقريرا وتحليلا ومقالة وربورتاجا ونحوه .
المسئولية امام الله عز وجل والمسئولية الوطنية والمجتمعية والانسانية و الاخلاقية تحتم على الجميع ان يتعطى مع الاحداث في عمران تعاطي بناء يسهم في اخراج عمران من ازمتها ويساعد في مضي اطرافها باتجاه الحل السياسي بعيدا عن مزيد من الدماء والدمار , ووسائل الاعلام المختلفة في مقدمة من يجب ان يعوا ذلك ويأدوا دورهم فيه .
انتهت احداث الاسبوع المنصرم في عمران بتمكن لجنة الوساطة الرئاسية برئاسة وزير الدفاع وبمشاركة ممثل جمال بن عمر المندوب الدولي في اليمن الى توقيع اتفاق وهدنة بين طرفي الصراع هناك , والواضح ان هذه الهدنة لاتزال هشة للغاية واحتمال انهيارها وانزلاق الوضع الى مواجهات من جديد امرا متوقعا في اي وقت .
اي هدنة بين متصارعين لابد لها ان تكون هشة في بدايتها , وخصوصا اذا ضلت اسباب الصراع قائمة على الارض دون اي تحريك لها باتجاه الوضع الذي يسمح للطرفين المتصارعين بارتخاء الاعصاب ومجاوزة حالة التأهب والاستنفار ومن ثم ايقاف الاعداد والاستعداد وسحب العناصر المتقابلة في الجبهات وبالتالي عودة الامور الى الوضع الطبيعي رويدا رويدا .
ما تذيعه كثير من وسائل الاعلام المختلفة من اخبار ومن قراءات ومن مناكفات منذ فترة سريان هذه الهدنة هو امر لا مسئول و تعاطي سلبي للغاية , فما تذيعه هذه الوسائل الاعلامية هو احد اهم المهيجات للحدث في عمران والذي قد يدفع به بقصد او بدون قصد الى المواجهات والاقتال من جديد وضياع الفرصة على الحل السياسي السلمي الذي لاتزال فرصته قائمة حتى الان , وهذا الامر هو ما يجب ان يعيه القائمون على هذه الوسائل وانهم احد اهم عوامل صمود الهدنة القائمة حاليا وتمتينها والمساعدة في تحوّلها الى وقف شامل ودائم لإطلاق النار , واستكمال الحل بطرقه السياسية والقانونية بما يجنب عمران والبلد بكامله مزيدا من الدماء والخراب والمحن التي تعصف به او تكاد .
في عمران جاءت الهدنة من ضمن بنود اتفاق يمكنه اذا صدقت النوايا ان يمثل ارضية جيدة لحل المشكلة في عمران برمتها دون مزيد من الويلات , و القضية هنا لا يجب النظر اليها انطلاقا من هل هناك رابح ام خاسر في هذا الاتفاق , فليس هناك خسارة اكبر من انزلاق الامر من جديد الى مواجهات ودماء وخراب من جهة , كما ان صمود الهدنة والتعاطي المسئول مع تنفيذ الاتفاق سيمكن معه تحسين الكثير من السلبيات التي قد يراها البعض فيه اذا ما وجد شيء من الثقة بين الطرفين بجدية العمل على حل القضية وليس مفاقمتها من كلا طرفيها .
هذا الامر هو ما يجب ان تراعيه وسائل الاعلام المختلفة عند تعاطيها مع الحدث في عمران ,وان تتحمل مسئولياتها المختلفة تجاهه , وان تكون محضر خير يسهم في تدعيم الهدنة القائمة وفي انجاح الاتفاق الحاصل , وان يتوقف منها ما هو غير منضبط عن اذاعة ما يشكك وما يقلق اطراف الصراع كلا من الاخر , او ما يهمل ان هناك اتفاق حاصل يمثل طريق متاح للحل السياسي في عمران ,او ما يحرض ويزيد من الاحتقان الحاصل هناك . وان تتحول الى اذاعة وتداول كل ما من شأنه ان يدعم الثقة بين الطرفين وان يهيئ الاجواء اكثر للحل السياسي ويساعد ويشجع عليه ويشيد به , وذلك اسهاما منها في إخراج عمران وابنائها من المحنة التي يعيشونها .
يجب على وسائل الاعلام ان تعي انها ليست جزء من المعركة وانما يجب ان تكون جزء من انهاء المعركة و مساهما في بلورة الحل , وانها ليست توجيه معنوي او اعلام حربي وانما وسائل اعلام مدني ويجب ان يكون ادائها محكوما بذلك .