وراء كل طابور ومطب «أمرٌ خفي»

2014/06/18 الساعة 07:09 مساءً

بمجرد مغادرتي منزلي في العاصمة صنعاء متوجّهاً صوب مدينتي «الشقية» وأقصد هنا من كانت تغالط نفسها وأهلها بوصف الحالمة «تعز» رافقني شيئان ونغّصا عليّ متعة السفر مع أطفالي, شيئان تعجز عن تفسير هدف وأسباب وجودهما والمصلحة المترتبة عليهما لمن أرادوا أن ينغّصوا حياة اليمنيين بهما جنباً إلى جنب مع بقية المنغّصات.

لقد رافقتني طوابير السيارات والمعدّات والآلات المصطفّة قبل وبعد محطّات المشتقات النفطية وبصورة لم أعهدها من قبل خاصة في محافظة ذمار والتي فيها طوابير لسيارات وآلات زراعية يبدو أنها مرابطة ومصطفّة فيها منذ أيام عديدة, ما يجبرك على البحث في صنفين من الأسباب «موضوعية, وأخرى مفتعلة أو مخطّطة ومتعمّدة».

تزاحم تلك الطوابير المزعجة المطبّات أشكالاً وألواناً وذات أحجام ومقاسات كلّما اتجهت صوب مدينة تعز عقب وداعك مدينة القاعدة تصفعك بتميُّزها عن البقية بصورة تجعلك تفقد أعصابك و«تهذي» بكلمات لم تكن تتخيّل أن تنطق بها من قبل, وللأسف ستجد نفسك مُجبراً على تصديق النكتة الفاقدة للملح والسُكّر معاً أن تعز عاصمة الثقافة اليمنية فيما هي منتهى سلسلة لمطبّات «عريضة البطنين»..؟!.   

ومثلما أن ذمار المحافظة الزراعية تفتقد إلى أهم متطلبات العملية الزراعية وشريانها الحيوي وهي مادة «الديزل» واصطفاف السيارات والآلات والقاطرات التي تعمل بالديزل والبراميل التي تسقي منه أدوات الزراعة كالمضخّات؛ تجد في تعز للمطبّات مهمّة عكس ما هو معلن عنها كمحافظة ومدينة.

إن أيّ زائر لمدينة تعز مهما كان حجم وعمق ثقافته سيفقد ثلثيها – إن لم يكن كلّها - وهو «يعتصد» مع تلك المطبّات و«تفتصع» معها سيارته خاصة إن كانت من النوع المنخفض, وبسبب تلك المطبّات «المفلطحة» تجاوزت الإساءة مدينة تعز والمحافظة وأهلها البسطاء لتلتصق أكثر بأكبر بيت تجاري في اليمن كلّها؛ وكأن هناك أيدي خفية تعمّدت الإساءة إلى تعز عموماً وبيت هائل سعيد أنعم بشكل خاص..!!.

في صنعاء, بدأت أمانة العاصمة تنصب مطبّات حديدية أنيقة المظهر, قوية التأثير, قاسية الفعل على السيارة, وبين العامة وتعز قبائل وباعة و«مبحشمين» ينصبون مطبّات بأشكال وطرق عدّة, بعضها لا تجد لها مبرّراً إيجابياً من أي نوع, وليس نادراً أن تمر في كل مرّة على أناس يصنعون مطبّاً جديداً أو يرفعون بنياناً وقدرات مطبٍّ قديم.

لكن في تعز, الأمر أسوأ, فقبل كل نقطة لحفظ الأمن تجد مطبّاً عريضاً ليس له مثيل في أيّ مكان بالجمهورية اليمنية؛ حتى الطريق التي تمر من قرى ومناطق أشرس القبائل, وقبل وأثناء وبعد كل مصنع من مصانع مجموعة هائل سعيد أنعم ـ طيّب الله ثراه ـ تجد مطبّاً مكشّراً عن أنيابه في وجهك وسيارتك لينال منكما معاً..!!.

أنا هنا لا أربط بين وجود الأستاذ شوقي أحمد هائل سعيد على قمة المسؤولية عن محافظة تعز بحكم منصبه كمحافظ ورئيس للمجلس المحلّي في المحافظة؛ فهذه المطبّات وُجدت قبل تقلُّده المنصب بسنوات عديدة, لكن أستغرب أن يصمت كواحد من أبرز قيادات مجموعة هائل سعيد إزاء ذلك التشويه المزدوج لتعز وأنبل أبنائها وهم أسرة الراحل هائل ـ رحمة الله تغشاه..!!.

وأعود إلى ما بدأت به, فمثلما أجد أسباباً موضوعية للطوابير الطويلة المصطفّة أمام محطّات المشتقات النفطية مثلاً عجز خزينة الدولة عن الدفع لشراء ما يغطّي السوق والتقطُّعات المشبوهة للناقلات وعمليات تفجير أنبوب النفط وغيره؛ أجد أسئلة حائرة بشأن الأيادي الخفيّة التي تعبث بالبلد أمناً وسياسة واقتصاداً ومجتمعاً وطمأنينة وسكينة عبر «شفط» وتهريب وإخفاء كل ما يُضخ إلى المحطات، حسب ما تعلنه شركة النفط في تصريحاتها.

والحال ذاته بالنسبة لموضوع المطبّات, فأشعر أنها تحوّلت إلى «موضة» وقد تكون «ثقافة» مجتمعية, وأجد ذلك مبرّراً وأنا أسمع إجابات من يصنعون الجديد منها أو يقفون عليها أو يرمّمون القديم منها عن ضرورتها.

 والمصيبة أن تلك الثقافة السيئة لطّخت صورة عاصمة الثقافة وخاصة مدخلها الغربي، وكانت المصيبة أعظم وهي تسيء إلى أبرز وأهم بيت تجاري في تعز واليمن كلّها..!!. 

[email protected]

"الجمهورية"