فيما المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يدركون أن رمضان شهر الرحمة والتسامح ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء والقتل والتهجير والتفجير تُصر طائفة على تجريد رمضان من كل صفاته وإمتيازاته وإبراز رمضان على أنه شهر الجهاد والفتوحات والإنتصارات الخالدة فلا يُرى من رمضان إلا غزوة بدر وفتح مكة وعين جالوت وحرب العاشر من رمضان و... ، فكفار قريش والروم والفرس... ، ويهود خيبر كانوا أعداء حقيقين وكانوا يتربصون بالدين أما الآن فهناك صناعة وهمية وتضليلية لأعداء لا يوجدون إلا خارج حدود الوطن وعلى مسافات لا يصل إليهم لا بالحميضات ولا الهاونات إلا عبر صواريخ عابرة الدول والقارات وحين العجز عن الوصول إلى هؤلاء الأعداء لاستحالة ولأدراك هؤلاء المجاهدين أن عدوهم ليست سوى أنفسهم وأن ذلك العدو الخارجي وهمي وصعب المنال و لبعده السياسي والجغرافي فمازالة ( خَرمَة ) الجهاد قائمة لاتفتر ولاتقعد عند طائفة من المجاهدين رأت في شريحة من أبناء الوطن فرعا للعدو المُعلن عنه في قنوات من يُسمون أنفسهم بالمجاهدين وفي هتافاتهم وصرخاتهم ، فـ(سيؤن في نظرهم نيويورك وعمران ليست سوى واشنطن) و معسكرات الدولة وألويتها ونقاطها ومؤسساتها العسكرية ماهي إلا قواعد عسكرية ( للروم ) والضباط والجنود اليمنيون ماهم إلا قوات من المارنز أُبيحت دماؤهم وأُحلت غنائمهم وأُجِر من يقتلهم أجر الشهداء وفي انتظاره سبعين حورية وسيشرب من كف الإمام علي ..كل ذلك إغراءات ومُرغبات يحقِنها ركن التوجيه المعنوي لأولئك المجاهدين والذين يقذفون بأنفسهم للتهلكة لتستقر أجسادهم بعد ذلك فوق أحضان الحور العين وذلك هو البغية والمراد من هذا الجهاد وهو اشباع غريزة لا أقل ولا أكثر أعمت بصر وبصيرة صاحبها وأنسته أنه قاتل مأجور وبلا ثمن ولا قيمة.
يدفعون بالفتية والصغار في جهاد لا يرى له مَعلما ولا أثرا وليس له طرف سوى مسلم بسط يده ليقتل أخيه وطائفة بغت على أخرى تقبل الصلح نهارا وتنقضه ليلا وتجار حروب تتقمص صفة المصلحين تتوكأ على عُكازي الحياد والإنحياز في وضع يتطلب القوة والأمانة وبسط نفوذ الدولة بكل مصداقية وإخلاص وعلى جميع أعداء الوطن في كل ربوعه ..
إن راية التوحيد وكلمة التكبير والنصر للإسلام هي أصدق ماتحمله تلك الجماعات وما عداها إنما هو باطل وزائف يقوم أصحاب تلك الرايات والشعارات بالسعي للوصول لولاياتهم وممالكهم المزعومة عبر نهر من الدم الحرام المسفوح على أيديهم يصنعون من أشلاء وجماجم الأبرياء مراكب تُقِلهم إلى مطامعهم متناسين أن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه