انتظار الرحمة التي تتنزّل على السجناء المعسرين في كل رمضان هو سجن إضافي؛ ليس أمرّ منه إلا تهاون كثير من مؤسسات الدولة في واجباتها..!!.
الأسبوع الماضي كان الخبر مؤلماً عن توجيه النائب العام بالإفراج عن 70 معسراً، وإحالة 30 إلى النيابة العامة، وكأن هؤلاء الـ30 - وهم عيّنة لمئات غيرهم يُذلّون طوال العام، وربما أعوام - ينتظرون حتى تتم إحالتهم إلى النيابة، إذاً من أمر بسجنهم، إذا كانت النيابة لم تطلّع على ملفّاتهم، والمحاكم لم تفصل في قضاياهم..؟!.
الإفراج الذي قاده النائب العام الأسبوع الماضي شمل المعسرين الذين مديونياتهم أقل من ثلاثة ملايين ريال، مع العلم أن المئات من السجناء مديونياتهم أقل من 300 ألف ريال رفض أصحاب الحق التنازل عنها، وتركوهم يقبعون وراء السجون، مخلّفين وراءهم أطفالاً ونساءً بلا عائل.
وبعضهم يدخل السجن بمديونية هزيلة، ويخرج مجرماً لا ينقصه الاحتراف، بسبب أن سجون اليمن كلها مختلطة ومكتظة ولا توجد تصنيفات للنزلاء، حتى إن المسجونين احتياطياً أو على ذمّة التحقيق يُزجُّ بهم في غياهب السجون مع عتاولة الإجرام.
حسب علمي أن رجل الأعمال الراحل توفيق عبدالرحيم، كان يتكفّل كل رمضان بالإفراج عن المئات من السجناء المعسرين، وهي لفتة إنسانية عظيمة في تقديم جزء من أموال الزكاة المفروضة للإفراج عن أناس غدر بهم الزمن، أو لم يرعوا نعمة الله حق رعايتها، حتى دارت عليهم دائرة السوء، ووجدوا أنفسهم فجأة خلف قضبان المذلّة، يتكفّفون الحاجة في الناس.
في السابق قرأت تقارير إعلامية كثيرة في عهد النظام السابق تتهم اللجنة الرئاسية بالتلاعب بالأموال المقرّرة للمعسرين، فالدولة تقرّر إخراج مليارات محدّدة من أموال الزكاة التي تجبيها في كل رمضان، وتخرج بها السجناء المعسرين، وقيل إن لجنة الإفراج التي تزور السجون تتلاعب بتلك الأموال، وكأن لصوص المال العام لم يجدوا ما يقتاتون منه إلا مخصّصات هؤلاء المنكّل بهم في السجن، فسرقوا آمالهم بالإفراج عنهم، سرقوا الفرحة من وجوه أطفالهم الذين ينتظرونهم، سرقوا ضوء الأمل من قلوب زوجاتهم وأمهاتهم..!!.
هي دعوة صادقة أوجّهها إلى رجال الأعمال والميسورين أن ينظروا إلى المعسرين في السجون، ويجمعوا شتات أسر فرقتها السنون، ادخلوا الفرحة إلى قلوب الناس فهي من أحب الأعمال إلى الله.