في الوقت الذي يتكبد المواطن اليمني شظف العيش وصعوبات تفاصيل حياته من شحة المياه وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار وفشل في كل مفاصل الدولة من انعدام الامن وتراجع هيبة الدولة ، تتداول الأنباء مؤخرا حول جهود سعودية لإعادة العلاقات بين المكونات السياسية المتصارعة في المشهد اليمني ، وتزامن ذلك بعد تداعيات حرب عمران والتي عرت المؤسسة العسكرية ومدى هشاشة الدولة اليمنية التي تُنهك وتداعى يوميا بيد مكوناتها ، الرياض تقود مساعي لبعث الحياة لجهود صالح وعلي محسن في الحياة السياسية مجددا .. وتحرك مع أعضاء مجلس الأمن في هذا السياق ، من يقرأ مثل هذه الأخبار و كذا تسريبات مشابهة ببعض التفاصيل سوا صحت او في سياق أجواء التنافس والحرب الإعلامية المتبادلة يشعر المواطن البسيط بالامتعاض والأسف لما آلت إليه الأمور في يمن ما بعد صالح ، فلو كان في المبادرة ذلك ان الرئيس السابق رضينا ام ابينا لازال هو محور اللعبة السياسية وهذا بحد ذاته ما يبعث عن التشاؤم فقط لمجرد إعادة تأهيل الزعيم للعب دور سياسي حتى لو لم يرجع للسلطة ، إنما المراد هنا داخليا وإقليميا ان يوكل إلى الرئيس السابق مهمة صناعة الرؤساء ، سوى صح ام كونه فقاعة إعلامية
كمواطن يمني وغيري نظرتي المتواضعة وقد اكون على صواب او دون ذلك ، ارى ان إعادة إنعاش وطن يحتضر بهذه الطريقة الفجة بين متناقضين في المشهد السياسي ويعتبران من اكبر الكيانات السياسية مجرد استخفاف بالمواطن ، لقد برهنت التطورات على مدى اكثر من عقدين بأن تحالفهما او اختلافهما لا يثمر سوى فساد مطلق وكله مجرد صراع السلطة ، ومن هنا فلا يمكن ليمني عاقل يحب وطنه ان يعتقد بأن الرئيس السابق سيكون جزاء من الحل بل الأرجح بأنه جزاء من المشكلة بل انه السبب الرئيسي لكل ما وصلنا اليه فلو كان اسس لدولة مدنية لما حصل كل هذا أصلا ، بل كان جل اهتمامه هي إرضاء الخارج الإقليمي ومهادنة المعارضة في الداخل بشتى الوسائل بالترغيب والترهيب وزرع الفتن بين مكونات الشعب وما الأحزاب الدينية المتصارعة اليوم في المشهد السياسي الا نتاج تلك السياسة التي انتهجها على مدى ثلث قرن مضى.
عجبي لبعض نخب المجتمع من الذين يعول عليهم حمل مشاعل التغيير يهللون لمثل هذا تقارب فقط نكاية بطرف ثالث صعد كالصاروخ في بورصة المشهد السياسي ، ومع ان كل هذه الأطراف لا تحمل مشروعا وطنيا شاملا واضحا فأذاُ على ماذا هم مستبشرون فتجارب الماضي اثبت بأن تحالف هؤلاء وتخاصمهم فقط يدخل في سياق تكتيكات مرحلية ولا ينعكس سوى في مصلحة النظام السياسي وليس له علاقة ببناء اليمن المنشود إطلاقا.لو كان للوساطة التي تاتي من خارج الحدود خير لكان في الوثيقة الخليجية نتائج والحال عكس ذلك ، ثم اين قواعد المؤتمر او الاصلاح من هكذا تحولات جذرية ربما ان القرارات المهمة لا تعكس ارادة تلك القواعد لانها احزاب غير ديمقراطية
ثم لماذا تهتم السعودية بهكذا وساطة مع قيادة خرجت هي نفسها بوساطة ومبادرة ويفترض ان يتوارى عن المشهد السياسي ويعزف عن الحكم ، فهذا هو جوهر المبادرة التي لم تهضم للان ويراد ابتلاع مبادرة تلد اخرى وسط اجواء محبطة ونفاق سياسي وهوس للسلطة من كل الاطراف.
استوقفني شروط تعجزية لبعض صقور المؤتمر للإصلاح من اجل الوساطة وتتلخص في تقييم مواقفه منذ ثورة 2011 وكأنه إيحاء بالإقرار بأنه كان على خطاء بل وكأن المراد هو القول ي ارجعوا الرئيس المخلوع لمكانة او نسخة محسنه منه !
مع انه لازال عمليا في مكانة في السلطة او التسلط بمقدرات هذا البلد المنكوب بحكامة صحيح لم يعد ريسا شكليا ولكنه انتقل إلى زاوية اخرى من زوايا السلطة الفاشلة منذ ثلاثة عقود!
عجبي لتحالف اقوى الاحزاب كما يشاع في الساحة مع خصمه الذي شن عليه ستة حروب ، وفي نفس الوقت يراد منه ان يتحالف مع خصوم الخصوم ، انها لعبة قذرة مفضوحة بكل المقاييس. فالراصد والمتابع اللبيب لم يعد يصدق ويثق بهذا الطرف او ذاك فكلهم وجوه لعملة واحدة.
لا ادري لماذا يدأب الكثيرون على مقارنة مألات الأحداث في العراق بما يجري في اليمن مع بعض الفروقات فبورصة المزايدات السياسية في المشهد السياسي اليمني يتشابه الى حد كبير بالخارطة السياسة في العراق مابعد 2003 مع الفارق ان الأخير طائفي بحت مع ديكور سني لا حول ولا قوة في صنع القرار ، وتشكيلة العملية السياسية التي اغلبها من مكون طائفي واحد كلهم في تحت العبائة الايرانية ولو انهم يبدون مختلفين وتضل ايران هي الحكم والمخلص في نهاية المطاف وهو الامر نفسه بالنسبة لليمن فالمتنازعون الذين كانوا متحالفين بالأمس مختلفين اليوم كلهم تحت العبائة السعودية وهاهي اليوم تغازل تلك الأطراف بالتوحد لمواجهة قوى صاعدة بصورة صاروخية لأنها استغلت حالة الانقسام والتصارع عن كعكة السلطة.
في الوقت الذي يتكبد المواطن اليمني شظف العيش وصعوبات تفاصيل حياته من شحة المياه وانقطاع الكهرباء وارتفاع الاسعار وفشل في كل مفاصل الدولة من انعدام الامن وتراجع هيبة الدولة