لم يكن ما وصل إليه حزب التجمع اليمني للإصلاح من ضعف في جانب تحالفاته التي أمَّنت له سندا عسكريا وقبليا سوى نتاج لعوامل بدأت منذ أعلن عن نفسه حزبا سياسيا مؤسسا مقراته في كل مدينة وقرية يمنية، ثم خوضه العمل السياسي، وانخراطه في اللقاء المشترك، ثم انضمامه للثورة، وما تخلل ذلك من صراعات وأخطاء وتصويبات جعلت منه شريكا أساسيا في حلم الوصول إلى الدولة.
غلب على الانتقادات الموجهة له، بعد اجتياح محافظة عمران بما عليها، كمنطقة احتفظ هو أيضا كقوى سياسية بنفوذ فيها تتعدد توصيفاته من قبل مقاتلي الحوثي الأسلوب الشامت؛ لأن من اجتاح المدينة مرتكبا الجرائم لم توجَّه له إدانة واضحة، ولم يُسأل عن فضائعه في القتل، ونهب أسلحة المعسكرات، وإثارة الرعب وتفجير المنازل، والمدارس، وفرض نمط معين من العيش، وخطر ذلك على وجود الدولة وقيمة التعايش وحق الاختلاف الفكري والعقائدي الذي سعى لمحوه بأصابع الديناميت.
-لنتفق على سوء أداء حزب الإصلاح، وعدم امتلاكه مشروعا، وتردده في التخلص من حمولاته الزائدة، دون فصل ذلك عن السياق العام، غير إننا لا يمكن طمس حقيقة تشاركنا معه، بما يعنيه ذلك من تعاون ، وتبادل للنقد، أنشأ مراجعات مستمرة في مصائر مختلفة آلت إليها الأوضاع في اليمن.
ومن الإجحاف، وضعه في خانة واحدة مع حركة طارئة ولدت منعزلة وبعيدة عن تحولات تاريخية عميقة اجتماعيا وسياسيا كحركة الحوثي.
-قصورنا في ترتيب أولوياتنا الوطنية سببَّ حالة اللايقين والذهول التي نعيشها خوفا على الوطن، ما جعلنا نوجه النقد باتجاه ما نعرفه جيدا وخبرناه، فأصبح في جزء منه تجسيدا لأفكارنا وتصوراتنا التي طالبناه بها وضغطنا بها ونحن نمارس حق النقد والتقييم للقوى والمؤسسات والأشخاص.
فيما نتغاضي بقصد وبدونه عن مواجهة ما تشكَّل لسنوات بمعزل عنا ولم تجمعنا به الطريق ولا الفكرة، وجاء متلهفا ليقطف ثمرة عشرات السنوات من النضال ويغرس قناعات خارج سياق اللحظة التاريخية بأقل كفاءة وتضحيات.
لا تجري محاكماتنا بعدالة تضع في حساباتها الحذر من المساهمة في إسقاط الوطن وتفخيخه بالأفكار المُفرِّقة.
والخلاصة: إن التخلي عن شركاء عشرات السنوات من النضال السلمي هو تضحية بجهد طويل بذلناه يجعل بلدنا في مواجهة خطر يريد العودة بنا إلى مربع الصفر. جاء من خارج الفكرة الوطنية وتفاعلاتها، من بين كهوف معزولة وأموال الملوثة.