(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) . كلمة وداع أخيرة في تشييع الشهيد الكبير لمثواه الأخير .. شهيد العمداء وعميد الشهداء, العميد حميد القشيبي . لابد لنا جميعا من كلمة حق وانصاف أخيرة في وداع الشهيد الكبير تخفف من الهم الذي ينخر في القلوب وتضمد الجراح الغائرة في النفوس ..وامتثالا لقوله تعالى( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) . نعم يستحق الشهيد حميد القشيبي كل هذا الوفاء من الشعب وكل ذلك التكريم من الوطن الذي جسدته بمشهد مؤثر ومهيب تلك الجماهير الغفيرة التي خرجت اليوم من كل حدب وصوب ومن محافظات الجمهورية كافة لتوديعه الوداع الأخير.. سيل بشري هادر قال اليوم كلمته الفاصلة في أنصاف شهيد العمداء وعميد الشهداء العميد حميد القشيبي الذي كسب العقول وأسر القلوب ونال التأييد الشعبي الواسع وهو شهيدا مع الراحلين الصادقين أكثر منه وهو حي يرزق عندما سجل ملحمة صموده الملهم وهو يدافع عن شرف الجندي الملتزم وقسمه العسكري الملزم .. نعم يستحق الشهيد حميد القشيبي منا جميعا (مناوئيه قبل مؤيديه) كلمة حق وانصاف تأتي من الأصدقاء والأعداء كافة .. فالمؤيدين يفترض بهم الوفاء ورد الجميل للشهيد الكبير والاعتراف بأعماله الجليلة ومآثره الخالدة التي مثلت لهم الكثير من الأهمية والخصوصية في حياتهم وحياته .. وهو من جسد دائما بشخصه المثابر والمتواضع ودوره الوفي مع الأخر خير عنوان لأمنهم واستقرارهم وازدهارهم الدائم .. كما مثل الكثير بالنسبة لهم – ايضا - عندما منح الغالي والنفيس في حياته الحافلة بالإيثار والعطاء .. فبجب عليهم جميعا مقابلة ذلك الوفاء الكبير الذي جسده القائد القشيبي عنوانا لهُ حياته بالوفاء الكبير للشهيد القشيبي في مماته .. نعم عليهم جميعا ان يكونوا أوفياء مع العميد القشيبي في مماته كما كانوا مقربين منه في حياته وكما كان هو وفيا معهم حتى أخر لحظة من حياته.. كما فعل اليوم اللواء علي محسن الأحمر وهو يحضر مراسم التشييع عندما عاهد الشهيد على مقابلة الوفاء بالوفاء وهو يلقي بتأثر بالغ تلك الكلمات الصادقة والوفية والنابعة من عمق الوجدان والمعبرة عن صدق المشاعر وهو ينعي رحيل صديق عمره الوفي ورفيق دربه الطويل في مهنة السلاح خاصة وتجربة الحياة عامة فكانت منه تلك المشاعر المجروحة وعمق الكلمات الموجوعة التي لم يحاول إخفائها أبدا بل أنه ترك العنان لكلماته الوفية في أن تعبر عن صدق مشاعره النبيلة في هول الكارثة التي أصابتنا جميعا برحيل الشهيد الكبير متجاوزا أي قيود أو حدود تفرضها عليه مكانته العسكرية الكبيرة أو طبيعة المراسيم المتبعة في مثل هذه المناسبات المهيبة ..تلك الكلمات المؤثرة بنبراتها الحزينة والمسكونة بمساحة كبيرة من المرارة والألم والتي هزتنا نحن جميعا ممن استمعنا اليه متعاطفين . كما يستحق الشهيد حميد القشيبي ايضا كلمة وداع أخيرة منصفة وكريمة وموقف متسامح ومتعاطف وهو يغادرنا إلى الدار الأبدية من مخالفيه المحترمين كافة ممن يفترض فيهم الخصم الشريف والنبيل ويحسب لهم بأنهم أصحاب المروءة والشهامة الدائمة التي تنبع من ديدنهم الأصيل وتلتزم بالقيم السمحاء لديننا الاسلامي الحنيف . وللشهيد الكبير في وداعه الأخير نقول لهُ .. لكم منا نحن جميعا – أصدقاء ومناوئين - أيها الراحل العزيز كل الاجلال وعظيم الامتنان والتقدير .. ولكم وحدكم نقرأ السلام الأخير . فهنيئا لحميد القشيبي هذه الشهادة العظيمة وهنيئا لهُ كل هذا التكريم الرفيع من شعب كريم ووطن عريق . ونسأل الله الرحمة والمغفرة للشهداء جميعا وأن يرزق أهلهم وذويهم جميل الصّبر والسّلوان .. وشفى الله جرحانا جميعا .. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار كافة مدنيين وعسكرين.. والرحمة والمغفرة وجنة الخلد الأبدية لشهيدنا الكبير العميد حميد القشيبي .. انا لله وانا اليه راجعون . (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) .