عفواً أنا مواطن و مع الجرعة....

2014/08/01 الساعة 04:52 مساءً

قد يستغرب الكثيرون كيف لمواطن بسيط ان يكون مع الجرعه التي رفعت اسعار المشتقات النفطية و لماذا؟؟؟

        المتابع لما يجري في بلادنا يلاحظ مدى توغل الفساد و اصحاب النفوذ في كافة مرافق الدولة و ليس لمصلحتهم النهوض بالبلد و تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها كافة القوى اليمنية اما وهي مقتنعه بها او مجبرة من أجل ان لا تفضح وجها الحقيقي في عدم رغبتها في أقامة دولة مدنية حديثة تضمن المواطنة المتساوية و تحل أهم المشاكل التي يعاني منها وطننا الغالي, وقررات بعد ذلك أن تعمل بكافة طاقتها من أجل تدمير هذه وثيقة مخرجات الحوار الوطني كما عملت سابقا مع وثيقة العهد و الاتفاق و التي اذا كانت نفذت لحمت البلاد من كافة التداعيات التي لحقت بالوطن منذ عام 1994م, وتظهر هذه العرقلة بوضوح من خلال دعم الارهاب في كافة ارجاء اليمن مما اضطر الرئيس الى شن حرب كاملة عليها و كذا القيام بصناعة الفتن و التحريض المذهبي و اشعال الحروب الطائفية والمناطقية في شمال الوطن متمنين انجرار الجيش و السلطة للدخول بهذه الحروب و لكن لم ينجح ذلك ايضا, بالاضافة الى أستنزفاف موازنة البلاد من خلال تفجير انابيب النفط و ضرب أبراج الكهرباء مما كلف الدولة الكثير من المبالغ الباهظة في سبيل اصلاح كل ذلك و هو الشيء الذي لم يكن محدد في الموازنة و اضاف عجزا فوق العجز الحقيقي اصلاً في الموازنة.

        كل ذلك بالاضافة الى الكثير من الأحداث التي افتعلها المتنفذون في الوطن كان هدفه الرئيسي هو افشال المرحلة الانتقالية و أفشال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبالتالي عدم تحقيق الهدف الرئيسي لثورة الشباب و هو اقامة الدولة اليمنية الحديثة.

        كما أن المتابعون الاقتصاديون جميعا ومنذ أكثر من أربعة أشهر قد صرحوا بأن اليمن ستكون عاجزة عن دفع رواتب موظفي الدولة خلال الفترة من يونيو وحتى اغسطس 2014م وهو ما عالجة الرئيس هادي خلال شهر يونيو عندما قامت الكويت بتمويل الخزانة الحكومية بمرتبات الموظفين عقب زيارته لها, كما أننا نتذكر الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الى السعودية بعد فترة طويلة من خلاف الرئيس معها و دعم الملك عبدالله اليمن بمرتبات الموظفين و اضاف اليها اكرامية رمضان راتب شهر لكل موظف, كل ذلك كان عبارة عن معالجات وقتية وليس علاج جذري للمشكلة وهنا كان الرئيس أمام خيارين أحلاهما مر, فالخيار الاول هو رفع الدعم جزئيا عن المشتقات النفطية وهنا سيقوم الشعب بالنزول للشارع احتجاجا على هذه الزيادة و سيقوم المتنفذون بالتجهيز لهذا النزول و التحريض عليه من خلال توفير الدعم المادي و التغطية الاعلامية و تحويل هذه الاحتجاجات الى مصادمات دامية بين الامن و الشعب و بالتالي خروج الامور عن السيطرة مما سيؤدي الى سقوط السلطة الحالية او تنفيذ عملية انقلابية خلال هذه الفترة مستغلين الاحتجاجات و المصادمات الدامية كعذر لذلك وهذا ما سيكون اعلان وفاة حقيقية لوثيقة مخرجات الحوار وحلم الدولة المدنية.

        اما الخيار الثاني فكان أن يوجه بطباعة اوراق نقدية جديدة لتغطية هذه المرتبات و أن كان ذلك لن يدفع الناس للنزول الى الشارع ولكن سيحطم الاقتصاد اليمني و سيؤدي الى أرتفاع سعر الدولار الى ما يزيد عن 300ريال في الشهر الاول للطباعه و الى اكثر من 500 ريال على  نهاية عام 2014م, و هذا سيرفع الاسعار بشكل كبير جدا وهو ما سيحطم كليا الطبقة الفقيرة في البلاد و التي نسبتها تفوق 60% من المواطنين, ولن يتعافي الوطن من هذه الكارثة الى بعد فترة طويله جدا.

        كما أن الرئيس هادي ومن خلال أعلانه حالة التقشف التي فرضها علي الموظفين في الدرجات العليا في السلطة كانت خطوة رائعه جدا و صحيحها حيث كان المسؤلون في الدولة يقومون بالسفريات بشكل مبالغ فيه وبالدرجات الاولى للشركات الطيران العالمية و بأسعار باهظة بالاضافة الى بدلات السفر المرتفعه التي يقومون بصرفها, وكنت أتمني أن يقوم الرئيس بأضافة بعض البنود الاخرى في حالة التقشف التي أعلنها مثل:

1-   تخفيض المخصصات النفطية التي تصرف للمسؤولون و قيادات الجيش و التي تصرف فوق الاحتياج الحقيقي و نرى ذلك من خلال تبجح أبناء المسؤولون بذلك في الشوارع.

2-   تخفيض المخصصات المالية التي تصرف للمسؤلون وقيادات الجيش و المناطق العسكرية و التي تفوق الخيال وليس لها بند صرف معين تستطيع الدولة من خلاله الرقابة على أوجه صرف هذه المخصصات.

3-   تضمين ميزانية الدولة لحسابات المؤسسة الاقتصادية اليمنية حيث لا يملك أحد حاليا الرقابة عليها بشكل حقيقي و لا تتبع وزارة المالية.

كل ذلك دفعني أن اكون مع الجرعة لأن تحمل جرعة جديدة على المشتقات النفطية والارتفاع الجزئي للاسعار بشكل عام أفضل بألف مرة من الانهيار الكلي للعملة و هنا ستتضاعف الاسعار و سيكون كارثيا على الشعب بأكملة, لذلك اتمنى من أبناء شعبي عدم الانجرار وراء الدعوات الى مسيرات و احتجاجات سيصاحبها اعمال عنف و تخريب في الشوارع, ولا ننسي الهدف الاسمى وهو بناء الدولة المدنية الحديثة التي ضحى من أجلها كافة الشهداء وصدقوني كان هذا الخيار هو الخيار الوحيد أمام الرئيس لتجاوز هذه الازمة.

صفوان حسن سلطان

[email protected]

عدن 31/7/2014م